IMLebanon

ما بعد الانتخابات البلدية:  جمود ام دينامية سياسية؟

ليس من عادة التيارات والاحزاب والقيادات الوطنية والشخصيات السياسية اجراء مراجعة جدية ناقدة لمواقفها، ولو قادت البلد الى كارثة. فهي تفضل لوم سواها على ما ترتكبه من اخطاء وخطايا. ولا شيء يمنعها، وهي تمارس الغاء الديمقراطية، من ان توحي بعد أي ربح او خسارة انها تدخل وتخرج من المعارك تحت سقف الديمقراطية. لكن ما حدث في الانتخابات البلدية التي اكتملت مراحلها ليس من النوع الذي يمكن تجاهل القراءة فيه والهرب من ارتداداته. كذلك ما لم يحدث في الشغور الرئاسي الذي دخل عامه الثالث وفي الدوران المنهجي حول قانون انتخاب نيابي.

واذا كان الزلزال الانتخابي في طرابلس هو التعبير الاقوى عن مزيج الغضب واليأس لدى الناس، فان الهزات التي رافقته في اكثر من بلدة والاشارات التي سبقته في بيروت ومدن عدة تفرض التأمل في رسائلها. واذا كان ما اعادت المعركة تأكيده هو انه لا احد يستطيع الغاء احد، ولو خسر، فان ما كشفته هو جرأة الاعتراض على الاحاديات والثنائيات في الطوائف والتأييد الشعبي للاعتراض. والمفارقة في اكبر جدل حول الانماء والسياسة والقرار المستقل لكل قرية هي ان المعارك دارت في بلا انماء ولا سياسة ولا قرار له.

وليس لجوء رابحين وخاسرين الى مد اليد والقول إن غدا يوم آخر سوى هرب من ضرورة ان يكون غدا يوما مختلفا، كأن الانتخابات مجرد حركة نعود بعدها الى ما كان قبلها. وتلك هي المشكلة. فالمطلوب ان تكون للانتخابات البلدية دينامية سياسية تقود الى انتخابات رئاسية ثم انتخابات نيابية. والمفترض، خلافا لم رآه البعض درسا في تجنب ما يؤدي الى مفاجآت وخروقات في اللوائح، هو الخروج من اللعبة الصفرية.

ذلك ان اللعبة الصفرية هي القاعدة في الانتخابات على اساس النظام الاكثري: الرابح يأخذ كل شيء والخاسر يخسر كل شيء، ولو كان الفارق بينهما صوتا واحدا. وبعض ما حدث في الانتخابات البلدية كان الاستثناء الذي يخيف التركيبة السياسية ويدفعها الى فعل كل شيء لمنع تكراره. ومن هنا المسارعة الى التسليم بالعودة الى قانون الستين بعد رفضه، منعاً للذهاب الى النظام النسبي.

ولا احد يعرف ان كان أنصاف الآلهة قادرين على التخلي عن الاستعلاء والتصرف كأن الناس ملكية خاصة في الخدمة من دون صوت ولا حقوق. لكن الكل يعرف ان البؤس الاقتصادي والسياسي الذي يضرب الناس هو قوة تغيير تدفع الى مراجعة سياسات الاثراء غير المشروع، وصراع الاحجام والاوزان من فوق رؤوس الجياع والباحثين عن الهجرة.