كثرت التساؤلات حول الوضع الحكومي ما بعد الإنتخابات النيابية، وما إذا كانت ستبقى حكومة الرئيس نجيب ميقاتي لتصريف الأعمال إلى وقت طويل، أو سيصار إلى تكليفه مجدداً بتشكيل حكومة جديدة حتى الإنتخابات الرئاسية، حيث تتحدث أوساط نيابية مطلعة، باعتبار أن ثمة أشهراً على انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، ما يستدعي عدم الدخول في مهاترات وخلافات وانقسامات إضافية حول الحكومة العتيدة، مع استبعاد قدرة أي طرف على الإمساك بالقرار، وبالتالي حصول تكليف وتأليف في غضون أسابيع قليلة، في ضوء التجارب السابقة.
وتكشف الأوساط النيابية، أن وضع البلد وظروفه الإقتصادية والإجتماعية لا تسمح بالدخول في المجهول، لافتةً إلى مشاورات جرت بعيداً عن الأضواء على طريقة «جسّ النبض» مع هذه المرجعية وتلك لبقاء الحكومة الحالية كما هي، وإن تحوّلت بحكم الدستور بعد الإنتخابات إلى حكومة تصريف أعمال، لا سيما أن هناك حوارا مستمراً مع صندوق النقد الدولي، إضافةً إلى قبول أي شخصية سنّية وعلى وجه الخصوص أو التحديد من رؤساء نادي الحكومات السابقين على تشكيل حكومة في هذه المرحلة لأكثر من اعتبار.
وفي السياق عينه، تتوقّع الأوساط نفسها، بأنه وبعد الإنتهاء من الإستحقاق الإنتخابي، ستحصل لقاءات واتصالات بين الأطراف كافة، وفي طليعتهم الرؤساء الثلاثة للتوافق على صيغة تقضي ببقاء الحكومة الحالية كما هي واستمرارها في تحمّل المسؤولية وإعطائها هامشاً واسعاً للتواصل مع الدول الداعمة والمانحة، دون أي صلاحيات اخرى، بمعنى أن ما يعانيه البلد اليوم يحتاج إلى مثل هذه الإتصالات مع الداعمين والمانحين، على أن لا تحصل أي تعيينات. وهنا بيت القصيد كي لا يتم استثمار ذلك في ملفات سياسية وسواها، وبالتالي على أن تكون التعيينات بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة إصلاحية، تتمثّل فيها قوى سياسية رئيسية، لضمان تلقي الدعم من الدول المانحة ومن ثم تسييل أموال «سيدر» التي لا زالت محفوظة، ولا يمكن صرفها في هذه الظروف التي يمر بها البلد أمام ما يحدث من انقسامات وخلافات، بمعنى أن ثمة مراقبة دولية بأي هبة مقدّمة للبلد على أن تعرف وجهتها بكل التفاصيل، وهذا ينسحب على أموال «سيدر، أي الـ 11 مليار دولار التي خُصّصت لمساعدة البلد وقطاعات عديدة بفعل هذه الأموال.
وانطلاقاً من هذه المعطيات، لا تخفي الأوساط النيابية نفسها، أن الساحة الداخلية مقبلة على أزمات عدة في المرحلة المقبلة، مشددةً على أن التركيز ينصبّ على تسيير شؤون البلد، وتجنّب المحظور والمزيد من الإنهيارات والإفلاس، فأغلب الظنّ وفق المتابعين، بأن يتم التوافق ضمنياً على استمرار الحكومة، لأن مقتضيات المرحلة تستدعي هذا الخيار وليس الدخول في المجهول، مستبعدة أي إشكاليات حول هذا الطرح، لأن الجميع ومن كافة القوى والتيارات السياسية يدركون استحالة تشكيل الحكومة أو التكليف، ولإن ظروف البلد في غاية الدقة.