التوقيع على الاتفاق النووي بين الغرب وإيران بات محسوماً، وسيصبح أمراً فعلياً بعد السابع من تموز الجاري.
وارتبط هذا التاريخ، وفقاً لمصادر ديبلوماسية، بقرار الكونغرس الأميركي الذي صدر في شهر أيار الماضي، والذي فرض موافقة الكونغرس على أي اتفاق، وأن تتم الموافقة في خلال شهر من تقديم الاتفاق اليه. وإذا ما وقّع الاتفاق مع إيران في السابع من تموز، يكون أمام الكونغرس المدة الكافية لدراسته قبل أن يدخل في عطلته الصيفية في أوائل آب المقبل. بحيث أن أي تأخير في التوقيع، سيؤدي الى أن يكون هناك تأخير في دراسته لما بعد العطلة الصيفية أي في شهر أيلول. إنما إذا أحيل الى الكونغرس في 7 تموز يوم التوقيع عليه، يبقى الكونغرس قادراً على دراسته وإقراره قبل بداية آب.
ثم ان الموعد ارتبط أيضاً بمسألة أن الاتفاق المبدئي أو الموقت بين الغرب وإيران حول البرنامج ينتهي مفعوله في 20 تموز الحالي. وأي تأجيل أو تأخير إضافي في التوقيع، سيفرض على الدول المعنية تحديد مصير هذا الاتفاق من جديد، لأن التفاوض يتم في الإطار الزمني للاتفاق المبدئي.
التفاوض بات واضحاً في المسائل والمواقف منها. وكل المؤشرات تدل على التوقيع، والأيام المتبقية تعالج المسائل العالقة، ولعل أبرزها: الجدول الزمني لرفع العقوبات، بحيث أن الغرب يريد إزالتها على مراحل، عندما يتثبت من أن إيران تنفذ ما يتوجب عليها في الاتفاق، فترفع العقوبات تدريجاً. أما إيران فتريد رفعها بمجرد توقيع الاتفاق.
ثم هناك ما يتصل بالتفتيش والضمانات بعدم لجوء إيران الى إنشاء القنبلة في وقت ما، كما أن هناك تخوفاً دائماً من عدم تنفيذ إيران للاتفاق، وبالتالي يجب توفير كل الضمانات للتنفيذ، وإلا ستُعاد العقوبات مثلما كانت قبل التوقيع. وسيتم وضع آليات لضمان التنفيذ وأخرى لرد العقوبات في حال الخرق أو المخالفة.
الغرب يعتبر أن رفع العقوبات الكاملة قد يحتاج الى سنتين أو ثلاث وفقاً للتنفيذ.
ثم هناك التأكد من طبيعة المنشآت النووية التي ستحتفظ إيران بها، ما يضمن عدم القدرة على العودة الى إنشاء القنبلة.
كل الأطراف تحتاج الى التوقيع، إيران لديها اقتصاد ينهار ما يضغط اقتصادياً على الموقف السياسي حيال برنامجها النووي. كما أن لديها مصلحة سياسية في إظهار نفسها أنها منفتحة على العالم. يعني التوقيع، وفقاً لمصادر ديبلوماسية في الأمم المتحدة، أن هناك جدولة لرفع العقوبات وبالتالي، هناك اعتراف ضمني بدور إيران في المنطقة، أي أن عليها أن تنخرط بشكل ايجابي في علاقاتها الدولية، وأن تساهم ايجاباً في تطبيق الطروح الدولية للحل في ملفات المنطقة كافة.
كل التصعيد الذي يشوب المنطقة لا سيما ما حصل من تفجيرات إرهابية في 3 بلدان في 3 قارات في يوم واحد، أي في فرنسا والكويت وتونس، يصب في خانة التحضير لما بعد التوقيع على الاتفاق النووي. وأي توجه دولي لن يحصل بمعزل عن استمرار السعي لمكافحة الإرهاب.
ومن الملاحظ أن الانفجارات حصلت بعد نحو سنة على إعلان الخلافة في «داعش»، أي بعد سنة بات الخطر الإرهابي منتشراً في العالم، ولن تحصل تسويات وحلول بعيداً عن السعي لمكافحة الإرهاب. إنه خطر داهم تحتاج مكافحته الى آليات جديدة، بدأت بالتحالف الدولي لمكافحته، حيث حصل فشل في محل ما، ونجاح في آخر. إنما السعي الآن لتحسين آليات العمل لمحاربته وهذا يتضمن شمول ذلك دولاً جديدة، قد تكون إيران في مقدمها.
الوضع السوري على الأرض تصعيدي، «داعش» وتحركه ضد كوباني، والحرب المستعرة بين النظام والمعارضة، ومحاولات الموفد الدولي للحل في سوريا ستيفان دي ميستورا عقد «جنيف 3» عبر ايجاد دينامية سياسية بالشكل، وتعبئة الوقت المستقطع قبل التوقيع على النووي، والتحضير لما بعد التوقيع، كل ذلك يصب في أن أفكاراً جديدة تُطرح دولياً لحل كافة مشاكل المنطقة.
وتشير المصادر، الى أن ما بعد التوقيع على الاتفاق النووي لن يكون كما قبله. وأن تطورات كثيرة ستحصل في المنطقة. وفي ضوء ذلك ستصبح الملفات كلها على طاولة البحث بين واشنطن وطهران. وستعمل الدول الأخرى المهتمة على طرح أفكار تسهيلية للحل، لا سيما فرنسا وروسيا.