IMLebanon

بعد وقف اللجوء السوري عَقْبال إقامة مخيمات للنازحين

 

قرارٌ تأخّر جداً جداً جداً؛ ولو استدركت حكومة نجيب ميقاتي تفاقم حالات النزوح السوري باتجاه لبنان، إلا أنّ الرّجل أورث البلد «تركةٍ ثقيلةٍ» أرهقت الشعب اللبناني، ولكن؛ أن تأخذ حكومة الرئيس تمّام سلام واحداً من أهمّ قراراتها بالأمس وبتوافق جميع الأفرقاء، هو خيرٌ للبنان من هذا النزيف الحادّ الذي يُعاني منه، والتضخّم السكّاني الذي يكاد يبلغ حدّ الانفجار، ولو اتخذ هذا القرار قبل عاميْن على الأقلّ، لما تمكّنت بؤر إرهابيّة كثيرة من التغلغل والتوزّع في خلايا نصف نائمة في الجسد اللبناني، المثخن عبر بوابات جغرافيته كلّها!!

عندما أعلن وزير الداخليّة نهاد المشنوق قراراً صائباً و»إنقاذيّاً» للمجتمع والأمن اللبناني، قامت القيامة وتوعّد وزراء ونواب تكتل التغيير والإصلاح، تاركين لبنان وأمنه وأمن شعبه في مهبّ عواصف الإرهاب و»التوغّل» السوري «المجهول» في المناطق وبين بيوت اللبنانيين، ولو سارت الحكومة بقرار الوزير المشنوق وأقاموا مخيماً وأخرجوا اللاجئين السوريين من عرسال، لكانت اقتلعت خنجراً مسموماً يهدّد ظهر الجيش اللبناني وقرى البقاع أيضاً السُنيّة والشيعيّة، ولكن؛ سيندم اللبنانيين جميعاً لاحقاً لتقاعسهم عن اتخاذ موقف داعم وضاغط لإنشاء مخيمات تأوي النزوح السوري تحت عين الجيش ومخابراته والقوى الأمنية وشعبة المعلومات!!

ويحتاج موضوع اللاجئين السوريين إلى أكثر من هذا القرار بكثير، بل يحتاج إلى خطّة طوارئ كبرى، تنفّذها الدولة اللبنانيّة لتقي لبنان شرّ الإرهاب من ناحية وشرور تفاقم ارتفاع مستوى الجريمة والدّعارة والسرقات، وليس بكافٍ أبداً ـ برأينا ـ طلب الحكومة من مفوضية شؤون اللاجئين الالتزام بوقف تسجيل النازحين إلا بعد موافقة «الشؤون الاجتماعية» فالبلد في حال غليان وضياعٍ و»خردقة» لكلّ مناطقه وبيئاته الاجتماعيّة، وزاد الطين بلّة أنّ الوجود السوري في لبنان كبيرٌ منذ ما قبل اندلاع الأحداث في سوريا، وثمّة قطاعات تقوم بالأساس على اليد العاملة السوريّة، أضف إلى ذلك أن لبنان وبفعل نظام الوصاية تغلغل فيه كثيرون باعتبار أنهم يد عاملة وهم في الحقيقة جزء لا يتجزّأ من جهاز المخابرات السوري الذي غادر لبنان «ظاهرياً» حتى الآن!!

ولا يملك لبنان إحصاءً دقيقاً لتعداد الوجود العمّالي السوري فيه، وهو رقم كان يتجاوز النصف مليون عامل ويزيد، أضف أن هؤلاء لجأت عائلاتهم إليهم وقسم كبير منهم ليس مسجلاً على لوائح  مفوضية شؤون اللاجئين، أضف إلى هؤلاء لجوء قسم من العائلات السورية الثريّة إلى لبنان والإقامة فيه، وهي نفسها الطبقة التي كانت تمضي عطلها الأسبوعية في لبنان زمن الوصاية السورية، وهؤلاء أيضاً غير مسجلين على لوائح مفوضية شؤون اللاجئين، لذا نميل إلى الظنّ أن عدد المواطنين السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانيّة، يفوق بكثير عدد المليون وثمانمائة لاجئ الذي أعلن الأسبوع الماضي، فلبنان العاجز عن إحصاء تعداد مواطنيه خوفاً من شبح «الطوائف»، عاجزٌ أيضاً عن إحصاء الوجود السوري على أراضيه، هذا إذا تجاهلنا تعداد الوجود الفلسطيني ومخيماته واللجوء العراقي والجاليات الأخرى من اليد العاملة في مهن لا يستسيغها اللبنانيّون، فإنّ البلد على وشك انفجار سكاني ضخم جداً، ومخيف جداً!!

لبنان على وشك الانفجار، ولسبب بسيط لا علاقة له بتهم العنصريّة، ولا بالعجرفة اللبنانيّة، بل لعلاقة وثيقة بمساحة لبنان وقدر الهجرة الذي يلازمه منذ قرون، فهذه الـ»10452 كلم مربع» بالكاد تتسع للملايين الأربعة «تقريباً» من اللبنانيين هذا إذا استمر إيقاع الهجرة على ما هو عليه، ومن باب الطرافة تظهر الإحصاءات أن تعداد الجالية اللبنانية في البرازيل ثمانية ملايين بين لبناني ومن أصل لبنان، ولو قرّر نصف هؤلاء العودة إلى لبنان، فأين سيسكنون ويتحركون؟! ليس بالإمكان زيادة مساحة لبنان، إلا إذا «بلّطنا البحر»!!