Site icon IMLebanon

ما بعد “العاصفة”

إحدى القنوات التي مكّنت إيران من التسرّب الى اليمن، كانت التهميش، وخصوصاً ذلك الذي عاناه الحوثيون. هؤلاء وغيرهم من الفئات المهمشة، كانوا يأملون في أن ينصفهم الحل الذي أعقب الثورة على علي عبدالله صالح.

المبادرة الخليجية غيّرت رأس النظام لكنها أبقت جسده ومفاسده وتسلّط فئات على فئات، وظل التهميش سيد الموقف، فكانت الانتفاضة الحوثية الجديدة المدعومة من طهران. اختارت هذه الانتفاضة عنوان استعادة الثورة مسارها. لكنها عوض أن تكون مدخلاً لتصحيح التهميش، تحولت انقلاباً يعزز هيمنة أقلية على أكثرية ويدفع الآخر الى تهميش مماثل لتهميشها السابق.

لم تثر هذه الحركة عكس السير، مخاوف الداخل فحسب، بل أيضاً قلق الجوار عندما أدخلت الإيراني ليس فقط الى الحديقة الخلفية لدول التعاون الخليجي بل الى صحن الدار. فانقلبت قواعد اللعبة وسقطت الخطوط الحمر.

“عاصفة الحزم”، تمثل ذروة الاستنفار الخليجي حيال طهران والغضب على الحوثيين. هدفها واضح لا لبس فيه، إخراج إيران من اليمن وإعادة السلطة في اليمن الى بيت الطاعة الخليجي.

العملية منذ انطلاقها، لجمت التمدد الحوثي الى حد ما جنوباً، وقطعت طرق الامداد المباشر بين طهران وأصدقائها اليمنيين، وهي تراهن على إحداث شرخ بين الحلف المناهض للرئيس عبد ربه منصور هادي وخصوصاً بين الحوثيين وعلي صالح، واستمالة المترددين رجال القبائل المؤثرين بـ”الهدايا” أو بالوعود… ولعل قادتها يراهنون على أن يخل ذلك بالتوازن لمصلحة الرئيس هادي أملاً في بناء سلطة جديدة وإحياء المبادرة الخليجية بالقوة أو بالحوار.

ولكن مهلاً، بدايات الحروب تختلف عن نهاياتها. فالدهاليز اليمنية الوعرة المسالك لم تكشف بعد ما تخبئه، وإيران حتى هذه اللحظة لم تفصح عن موقفها ولا عن سيناريوات ردها، وهي حتماً لن تتخلى بسهولة عن صديقها الحوثي الذي كاد أن يحملها الى باب المندب.

كل الاحتمالات لا تزال واردة، نسبة نجاح العملية لا تزال تعادل نسبة غرقها في الوحول اليمنية، ونسبة الانجرار الى حرب مفتوحة تعادل أيضاً نسبة جنوح الجميع نحو الحوار بعدما استهلك كل المقاتلين عضلاتهم في استعراضات القوة. والأهم من ذلك هو طريقة تعامل “العاصفة” مع الحوثيين في حال مواصلة الحرب المفتوحة أو في حال الدفع نحو طاولة الحوار مجدداً. هل الحل بإعادة تحجيمهم وتهميشهم بما يشكل مقدمة لنهايات على الطريقة “الداعشية” لكل الاقليات في مناطق تجمع الاكثريات في الإقليم أكانت سنية أم شيعية أم مسيحية أم غير ذلك؟ أم اشراكها في السلطة مع أخذ حجمها الديموغرافي والسياسي في الاعتبار وإزالة مسببات غضبها مما يشكل مثالاً من شأنه تشجيع المتحاربين على البحث عن تسويات تحفظ للأقليات حقوقها؟