بعد الكلام المطمْئِن الذي سمعناه من الأمين العام ﻟ«حزب الله» السيد حسن نصرالله مساء يوم الجمعة 26تموز وكنا نتمنى أن يشمل بثه حياً الفضائيات التي عزفت عن ذلك… وبعد الكلام الذي سمعناه وقرأناه قاله الرئيس سعد الدين الحريري وهو في زيارة واشنطن وبكل مهابة رجل الدولة الواثق من نفسه المؤمن بلبنان على نحو ما أراده السلَف الصالح بشارة الخوري ورياض الصلح، وصاغه شعاراً الرئيس صائب سلام (لبنان واحد لا لبنانان) وزاده رونقاً الرئيس الشهيد رشيد عبد الحميد كرامي، وثبَّته كممارسة وفِعْل إيمان وبرنامج عمل الرئيس الغائب الحاضر الدكتور أمين الحافظ، والرئيس الضمير الدكتور سليم الحص، والرئيس الشهيد رفيق الحريري، وعَكَسه بكل صدق في «اللواء» عبد الغني سلام طوال سنوات عمادته للصحيفة التي سارت على خط العيش المشترَك وليس التعايش، وعلى الوفاق الثابت لبنانياً وعربياً وليس التوافق بين الحين والآخر وكأنما هو وصلة طربية سياسية. ولأنه الخط القويم فإنه متواصل خصوصاً أن الوداعية الشعبية العفوية والرسمية والحزبية للعميد الثاني المأسوف على خصاله (عبد الغني سلام) بعد العميد الأول (ريمون إده) رمز النقاء السياسي والإيمان بلبنان الأسلاف الذين باتوا في ذمة الله، كانت -أي الوداعية- التي توَّجها الرئيس سعد الحريري بحضوره للتعزية وبشهادته، بحجم عطاء زميلنا «أبو اللواء» طوال سنوات الهمة العالية والصحة التامة.
بعد هذا الكلام الطيِّب والمطمْئن الذي سمعناه وقرأناه والذي أشرنا إليه، جاءت الإحتفالية الأَرْزية ليل السبت الماضي، (القريبة الشبه من أوبريتات مهرجان الجنادرية في المملكة العربية السعودية) تبعث في النفس مشاعر وجدانية ما أحوج كل لبناني إليها في هذه المرحلة من الشقاء بكل أنواعه يكاد يستقر في ربوع الوطن تواصلاً مع إنتشاره في معظم أقطار الأمة… وبعد إعجابنا بأناقة التقديم وحذاقة الإخراج الإلكتروني والعفوية التي لاحظناها في الدكتور سمير جعجع دابكاً، مبتهجاً، مصفقاً، يرافق بالتمتمة بعض مقاطع الأغنيات الأرْزية والجيشية إنسجاماً وتوافقاً مع الذكرى الثانية للشيخوخة الشبابية السبعينية للجيش اللبناني المعوَّل على واجبه غير الخاضع للتأثيرات والإجتهادات والإنتقاصات والتهويلات، فإننا كنا نتمنى لو أن تشريف غبطة البطريرك الراعي للإحتفالية الراقية التي نجحت النائب ستريدا جعجع ليس فقط كمتحدثة بإنسياب ومِن نسيج رفيع المستوى لفظاً ونحواً وهي تُلقي من دون الحاجة إلى ورق مكتوب كلمة الإفتتاح، وإنما كجامعة للحناجر الذهبية اللبنانية، لو أن رموزاً يمثِّلون سائر طوائف الوطن المتلهف إلى الإستقرار يحيطون بغبطة البطريرك، ويحيط به وبرئيس القوات اللبنانية السفراء العرب والأجانب من دون إستثناء أحد، ورموز فاعليات سياسية من جميع الطوائف وبذلك لا تكتسب الإحتفالية صفتها الفئوية، أي بما معناه إن المسيحيين بأكثرية مارونية يشاركون في إحتفالية أرْزية إقتصر تمثيل غير المسيحيين الموارنة بالذات فيها على أصحاب حناجر ذهبية سُنية وشيعية ودرزية أشاعوا البهجة الوطنية في ظلال «أرز الرب» وإستعادوا من الزمن الجميل فناً في غاية الرونق كلاماً وموسيقى وغناء. كما إقتصر على مشاركة محمد الحوت رئيس شركة «طيران الشرق الأوسط» التي تكتمل مساهمتها في إنتاج الليلة الأرزية المبهجة بإدراج تسجيل لها على طائرات الشركة وبذلك يعيش المسافرون وهم في الأجواء إبتهاج ليلة على أرض بلاد الأرز بدت فيها الشجرة الخالدة التي تتوسط علم الوطن وكأنما تكاد تنطق عبارة : يا كل لبناني ولبنانية حافظوا على وطنكم كي لا تنتهوا مثل الذين يهيمون على وجوههم في قوارب مطاطية قد تبتلعهم مياه البحر أو تصدهم الأسلاك الشائكة إذا هم وصلوا إلى شواطىء بلاد الآخرين. وليس بعيداً عن هذه الذاكرة مثل هذا المصير. المهم أن يتنبه اللبناني ويأخذ العبارة الطيِّبة (ما أكثر العِبَر وأقلَّ الإعتبار) بمثابة البوصلة له تهديه إلى سواء السبيل.