IMLebanon

بعد الخميس العوني لغط حول صراع سنّي – مسيحي يضع الجميع أمام مسؤوليات وطنية

د. خلدون الشريف: كل ما يصدر من مواقف هو لتعبئة الوقت الضائع حتى تتبلور الأمور إقليمياً

شهد لبنان في التاسع من الشهر الجاري  تصعيدا وسط الهدوء النسبي الذي يسود البلاد من قبل التيار الوطني الحر، وهذا التصعيد  تمثل بتحركات احتجاجية للمطالبة بإنصاف المسيحيين وتطبيق الدستور، وبدا  لكثير من اللبنانيين ان هذا التحرّك اتخذ طابعا طائفيا وأثار لغطا كبيرا وكاد أن يحرّك الشارع المقابل وتدخل البلاد في حالة من التوتر غير المرغوب بها في ظل الواقع التي تعيشه المنطق الملتهبة من حولنا.

ولكن ثمة مواقف مسؤولة صدرت من بعض القوى السياسية كالحليف الأول للجنرال ميشال عون الوزير سليمان فرنجية والقوى المسيحية الأخرى في قوى الثامن من آذار التي أكدت ان التحركات العشوائية التعبوية ليس لها مكان في ظل الوضع القائم في لبنان والمنطقة. كما بادر الرئيس فؤاد السنيورة الى اتخاذ مواقف رطبت الأجواء كما قيادات تيار المستقبل الأخرى التي أكدت ان لغة الشارع لن تأتي بأي نتيجة وان التهدئة والحوار هم الآلية الوحيدة التي يمكن اعتمادها في ظل الوضع الدقيق التي تعيشه البلاد.

واليوم ابان ما جرى والمنحى الذي اتخذته هذه الأحداث تساؤلات عدة طرأت على أذهان شريحة كبيرة من اللبنانيين حول ماذا بعد الخميس العوني؟ وهل هناك مواجهة سنية ومسيحية؟ وما هي الخطوات الوطنية المطلوبة؟

«لواء الفيحاء الشمال» ألتقت عددا من الفعاليات السياسة في طرابلس للتوقف معهم عند هذه الأحداث وفي قراءة متأنية لها وحسب ما صدر عن  قياديين في التيار الوطني الحر فان التحرّك الذي حصل لا يمكن أن يفسر بأنه يوحي بصراع مسيحي – سنّي بل هو أتى ليصوّب المسار وتصحيح العمل الحكومي في ظل إطاحة المواثيق الوطنية والدستور وعدم انصاف المسيحيين، بالمقابل قياديين في قوى الرابع عشر من آذار أكدوا ان التحرّك العوني هو رقص على الهاوية وورقة خاسرة للعماد ميشال عون الذي فَقدَ صوابه مع تضاؤل فرصه للوصول الى سدّة الرئاس الأولى، وأكدوا على سياسة مد اليد لأن لا خيار سواها.

ومن جهة أخرى أكدت مواقف محايدة ان ما جرى هو حادث عابر ضمن خطوط حمراء إقليمية ومحلية لا يمكن تجاوزها وارتهان الفرقاء الى الخارج وكل ما يصدر من مواقف هو لتعبئة الوقت الضائع حتى تتبلور الأمور اقيليما وخاصة بعد الاتفاق النووي الإيراني الدولي.

الدكتور الشريف

{ الدكتور خلدون الشريف قال: في الحقيقة لا يوجد صراع إسلامي – مسيحي في لبنان بدليل الرد الذي أدلى به الوزير سليمان فرنجية والذي رفض منطق الفدرالية ورفض التحركات العشوائية والفئوية التي لا توصل الى نتيجة،  وان ما جرى يتعلق حصرا بالجنرال ميشال عون وفريقه. واتصوّر بحسب المتابعة انه تراجع عن الطروحات التي أطلقها.

وأضاف: الكل يدرك ان الوضع في لبنان مرتبط بما يجري في المنطقة وبالتحديد في سوريا، ومن الواضح ان الاتفاق النووي الإيراني – الغربي سيعدّل كثيرا في شروط اللعبة ونحن أمام توازنات جديدة وهي سترخي بثقلها على الوضع في لبنان ولكن دون المعرفة بأي اتجاه، وان الفرقاء السياسيين في لبنان عن سابق إصرار ترصد ما يجري وقرروا ربط الوضع في لبنان بالوضع الإقليمي لذلك لا أرى ان أحدا اليوم قادر على التغيير في قواعد اللعبة.

وتابع: بدون خطابات سياسية تفاعلية يعلم القادة في لبنان انهم يفقدون سحرهم وتأثيرهم على الشارع فيتصرفون على قاعدة «عليّ وخود جمهور…» وان الاستقرار في لبنان مطلب دولي واقليمي واضح لذلك كل تصعيد لن يتجاوز السقف المرسوم. وبالتالي أؤكد ان كل الخطابات الآن لا تؤدي الى نتيجة على الأرض بل هي لتعبئة ولملء الوقت الضائع.

الدكتور علوش

{ من جهته القيادي في تيار المستقبل الدكتور مصطفى علوش قال: اني وصفت خطوة العماد ميشال عون بأنه بلغ سن اليأس السياسي وهو يمرُّ بهبّات باردة وساخنة، والدليل على ما أقول انه معروف بالتقلّبات العنيفة وعندما دخل الإسرائيلي الى بيروت وجدناه المستقبل المودع لجنود العدو ووقف الى جانب آل الجميل والنظام السوري، وعندما لم يصل الى قصر بعبدا انقلب على الجميع وأعلن حرب الإلغاء وحرب التحرير ومن ثروة الأرز حتى الآن مرَّ بتقلّبات عنيفة جدا من عز العداوة لحزب الله الى عز التحالف مع حزب الله ومن عز العداوة مع النظام السوري الى عز التحالف معه، وحتى مع تيار المستقبل استعمل نفس الاسلوب وعندما فَقدَ أمل الوصول الى سدّة الرئاسة شنّ حربا عليه ولبس الثوب الطائفي بالرغم من انه ادّعى انه علماني وفجاة وجدناه يمعن بالطائفية ويمعن في إثارة النعرات الطائفية وفي نفس الوقت يدفع لطرف الآخر الى ردات فعل.

وأضاف: هو أولا أحبط لانه لم يستطع استدراج المسيحيين الى الشارع، وثانيا لم يستدرج حلفائه من المسيحيين أيضا ولم يستطع أن يجر المسلمين السنّة الى المواجهة العبثية التي يقوم بها وهو يرقص على حافة الهاوية، وحاول استدراجنا الى مواجهة للانطواء بشكل طائفي ومذهبي ولم ينجح وإذا نظرنا بوضوح نرى ان حقوق المسيحيين عند العماد عون وهو من اغتصب حقهم بالتمثيل الصحيح وعرقل انتخابات رئيس الجمهورية تحت شعار أنا أو لا أحد، واغتصب حق اللبنانيين جميعا ورهن لبنان الى مشروع الممانعة والتحالف مع حزب مع العلم ان حقوق المسيحيين تكون أولا أن يتجه جميع المسيحيين الى الرابية ليفرضوا  على العماد عون النزول الى مجلس النواب وانتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت.

وتابع الدكتور علوش: ان الخطوات التي يجب أن تتخذ من أجل الحفاظ على الوطن يجب أن يقوم بها حزب الله، ونحن أعلنّا اننا لسنا مشاركين بالحرب في سوريا ولم نذهب الى القتال ووجود حزب الله هناك والدعم الإيراني  للنظام السوري الذي سقط منذ ثلاث سنوات هو الذي استدرج الارهاب الى لبنان واستدرج الاحتقان الطائفي والمذهبي، والخطوة النافعة أن يتقي الله «حزب الله» بالوطن وبشبابه الذين يسقطون في سوريا ونتمنى بدل أن يسقطوا في سوريا أن يفجّروا طاقاته بالعلم وليس بالقتل ورهن الطائفة الشعيية بأكملها.

وختم الدكتور علوش قائلا: كل الأطراف الموجودة تعرف إذا تهدّم الهيكل سيتهدّم على الجميع وان الفدرالية في لبنان فيها إستحالة والكثير من المجتمعات ترفض التقوقع، وأنا كمسلم لا أجد فائدة بالعيش وحيدا متقوقعا في الزاوية ولأن التقوقع يولّد الانحراف والتطرّف، ونحن في تيار المستقل دائما نمدّ اليد لان ليس أمامنا إلا سياسة مد اليد أو مد السكاكين ونرى عدم فائدة بمد السكاكين وندعو لجميع الى حضن الدولة وحضن المؤسسات التي تحمي الوطن وتحمي الجميع وتحمي كل الطوائف.

ماروني

{ وبالمقابل منسق قضاء طرابلس في التيار الوطني الحر طوني ماروني يقول ان الشارع تحرّك لانه وجد في مرحلة ما ان الدستور لن يستطيع أن يوصل الحقوق ولا القانون ولا الميثاق فلجأ لأرقى طريقة للتعبير عن رأيه وقمنا بمظاهرة سلمية راقية ولم نحرق الدواليب ولم نحمل سلاحا ولم نؤذِ أحدا ولم نقطع طريقا ولم نهدد أحدا بل لإيصال الرسالة وحققنا هدفنا. واليوم لدينا اسبوعين للتهدئة للتوصل الى نتيجة في طريقة التعاطي في مجلس الوزراء في حين ان صلاحيات الرئيس موزعة اليوم على 24 وزيرا وبالتالي فان كل وزير في هذه الحكومة هو وزير وفيه قيمة مضافة ولديه جزءا من صلاحيات رئيس الجمهورية الموزعة على جميع الوزراء، وبالتالي كل قرار قد يصدر عن المجلس وخاصة فيما يتعلق بالسلم الأهلي وبالدستور يستطيع الوزير الاعتراض عليه.

وأضاف: كل ما جرى هو لإعادة هيكيلة العمل في الحكومة وفق الأصول ولتحديد الصلاحيات الدستورية وهو صرخة لتصويب العمل وتحفيز العمل ورفع الغبن عن المسيحيين في ظل ما يجري، وان الصبغة الطائفية لم تطَغَ على تحرّكنا وكان من بين المحتجين من كل الطوائف اللبنانية، مسلمين ومسيحيين، ونؤكد اننا لم نوجّه تحرّكنا ضد أي طائفة بل أردنا أن نصوّب مسار الحكومة نحو المسار الصحيح وخصوصا في ظل غياب رئيس الجمهورية، وأردنا أن نقول في قصة التعيينات يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار رأي الكتلة الوازنة في المناصب وخاصة في المناصب الحساسة والتي لها صفة طائفية كقائد للجيش، ونحن وجّهنا رسالة مفادها ان فريقا من اللبنانيين  لديه مخاوف ويحتاج الى تطمينات في ظل ما يجري في المنطقة، ونحن نشدد على الحفاظ على النموذج اللبناني الفريد ونحن أول من سعى من أجل عدم ابلسة الدين الإسلامي والعماد ميشال عون قدّم برسالته للسينودوس في روما عام 2011 قبل بدء الربيع  العربي مشروعا ركز على عدم ابلسة هذا الدين ورفض الصراعات وتصويب البوصلة نحو القضية الأم وهي القضية الفلسطينية.

وبالتالي نحن حريصون على البُعد المشرقي وعدم تشويه الإسلام كما يحاول أن يصوّره البعض قبل ظهور داعش وقبل الربيع العربي. والكثيرون استغربوا هذا الأمر وبذلك هو وجد ان فئة اللبنانيين أصبحت مهمّشة ولم تحصل على حقوقها ونحن أردنا إيصال لكل حق حقه.

وعلينا أن ننطلق من الدستور اللبناني وكل ما يتعارض مع الدستور يشكّل خطرا على الميثاق وعلى الوجود والكيان وحتى وثيقة الطائف التي لدينا اعتراض عليها ولم نشارك في وضعها والتي فرضت علينا طلبنا تطبيقها.

وتابع: نحن أساس في قوى الرابع عشر من آذار ونحن أول من نزل الى ساحة الشهداء عند استشهاد الرئيس رفيق الحريري إلا ان بقية الفرقاء لم تحترم الدستور ولم تحترم المواثيق  ونحن لا نرتهن للخارج، والأكيد ان في وثائق «ويكيليكس» لم يذكر اسم أحد من التيار الوطني وان كان بعض الأشخاص لديهم مصالح مع الخارج.

وبالنسبة للفدرالية وما نقل عن العماد ميشال عون اجتزأ كلامه، ونحن نطالب بوطن حر ومستقل يحترم جميع أبنائه والعماد ابن المدرسة العسكرية ونؤمن باننا ضد الانعزالية  والذي يحدث من حولنا من تهجير للمسيحيين واقتتال طائفي ومذهبي ونرى انه في حال طرحت الفدرالية يجب أن تحصل على إجماع جميع اللبنانيين وهذا ليس طرحا  يشبهنا ولا يليق بلبنان ويجب أن يكون هذا الطرح لقاحا لللبنانيين حتى لا يقعوا في فخ التقسيم ولا يصابوا بالمرض.

وختم ماروني: نبارك بعيد الفطر وان شاء الله يعمُّ الفرح في لبنان بعيدا عن المناكفات ونعوّل على الوعي اللبناني ووعي أهلنا في طرابلس وبيروت وكل لبنان، ونحن قدرنا أن نكون مع بعضنا ونحن نشكّل نموذجا فريدا وجوهرة موجودة في الشرق يجب أن نحافظ عليها لكي نعلم ان في وطننا تكامل للحضارات ولا يوجد صراع حضارات. ونحن نفتخر اننا مكمل في لوحة لبنان الجذابة ويجب أن نحافظ عليها كل في موقعه وإعطاء لكل ذي حق حقه.