IMLebanon

بعد الزبداني.. «حزب الله» يتنقل بين جبهات الانتحار

 

دخول الزبداني قرار لا رجعة عنه. هذا ما يؤكده إعلام «الممانعة» بشكل يومي وهذا ما يسعى «حزب الله» إلى تحقيقه خلال الأيام المقبلة بعدما استقدم لمعركته هذه الآلاف من عناصره جاء بمعظمهم من جبهات متعددة وتحديداً من القلمون والقصير مُعزّزين بمساحات واسعة يفردها إعلام الحزب تُظهر المدينة وكأنها وكر للإرهاب التكفيري وبالتالي فلا بأس من تسويتها بالأرض بحجّة القضاء عليه.

على أبواب تقدم «حزب الله» إلى داخل الزبداني، لن يتمكّن الأهالي أن يُقدموا لبلدتهم أكثر مما قدموه خلال الشهرين المنصرمين، فوسط الحصار الخانق المفروض عليهم والبراميل المتفجرة التي تنهال فوق رؤوسهم يوميّاً بالإضافة إلى الصواريخ الموجهة التي تصطادهم داخل منازلهم، لم يعد الأهالي يمتلكون سوى الصلوات والدعوات لإبعادهم عن المذابح التي يمكن أن تُرتكب بحق من تبقّى منهم على قيد الحياة بعد دخول المدينة التي تحوّلت إلى اسطورة في النضال والموت.

كثيرة هي الأسباب التي تدفع «حزب الله» إلى فتح جبهات جديدة، فكما كان لتدخله في الحرب السورية منذ بدايتها أسباب ربطها بحماية المقامات الدينية وإبعاد شبح الإرهاب عن القرى الشيعيّة، ها هو يُعطي اليوم أسباباً ممثالة ليُبرّر إشعاله معركة الزبداني. تحجّج الحزب بقرب الزبداني من الحدود اللبنانية واستهداف «الإرهابيين» لطريق بيروت دمشق بشكل مستمر ما يمنع عليه إيصال الإمدادات لعناصره في الداخل السوري، مع العلم أن الحزب كان عقد قبل أشهر صفقة مع ثوّار الزبداني بعدم التعرض لهم مع الحصار عنهم مقابل عدم استهدافهم الطريق المذكورة وعدم قطعهم المياه عن سكان العاصمة السورية قبل أن ينقلب هو على الاتفاق.

بالتزامن مع قرب فرض سيطرته على الزبداني، بدأ «حزب الله» يعترف بشراسة المعارك التي خاضها وتكبّده خسائر فادحة في العديد والعتاد خصوصاً في منطقة السلطان التي خسر فيها لم لا يقل عن مئة عنصر والتي شكل سقوطها بالنسبة له مدخلاً عريضاً لبسط سيطرته على سهل الزبداني والتحضّر للمرحلة النهائية. لكن في المقلب الأخر وتحديداً في الشق الداخلي هناك سؤال يطرح نفسه حول مردود هذا «الانتصار» وانعكاسه على لبنان خصوصاً وأن اللبنانيين تعوّدوا على استثمارات الحزب لانتصارته كما هزائمه، بانقلابات ومطالبته بامتيازات تُزيد من استئثاره بالبلد وبتسلّطه من خلال سلاح حوّله من عامل قوّة في وجه إسرائيل إلى ورقة ضغط في الداخل تُمكّنه من جني الأرباح السياسية في اللحظات الصعبة والمصيرية.

من الواضح أن غض طرف جمهور «حزب الله» عن مُحاسبة أو مساءلة الحزب وقيادته حول إغراقه في هذه الحرب التي أدت إلى كل هذه الخسائر الكبيرة في الأرواح حتّى اليوم، يُزيد من تفرّد الحزب بالقرار الشيعي وغير الشيعي، والمضي في سياسة نحرها على جبهات لا تنتهي، وهو ما يضع هذا الجمهور في مواجهة مستمر مع أشقّائهم في البلد ومع جيرانهم من الشعب السوري خصوصاً أهل الزبداني الذين استقبلوا جمهور «حزب الله« خلال حرب تموز وجعلوهم أهل البيت، ليأتي الحزب اليوم ويُكافئهم على حسن ضيافتهم بقتلهم وبتدمير منازلهم.

أكثر من مئتي عنصر من «حزب الله» سقطوا في غضون أقل من شهر في الزبداني وحدها، ما عدا الانعكاسات السلبية التي ما زالت ترتد على كل لبنان من جرّاء إصرار الحزب على الاستمرار في هذه الحرب حتّى النفس الأخير أو حتّى القضاء على ثلثيّ بيئته أو جمهوره، ورغم هذا يُكمل الحزب سيره في رحلة انتحار كان بدأها بطريق القصير مروراً بدمشق ثم القلمون فالزبداني، والكلام عن قرب وضع حد نهائي للمأساة التي تُعاني منها بيئة الحزب من جرّاء الخسارات التي تُلاحقها، يُقابله من الجهة الأخرى أحاديث عن استعدادات جديدة يتحضّر لها «حزب الله» لفتح جبهة جرود عرسال وجبهة الحدود اللبنانية – السورية قرب بلدة شبعا.