IMLebanon

مرة أخرى.. احذروا هؤلاء!

تكفير. تفجير. تدمير. جز رؤوس. أحزمة ناسفة. تفخيخ مؤخرات. تعذيب. اغتصاب. سبي نساء. مذابح. مجازر. قتل على الهوية… عناوين عريضة متداولة لما يخطط له ويقوم به «داعش» من تشويه لصورة الدين الإسلامي وتنفير منه على أيدي من يزعمون الانتماء إليه، وهو منهم براء!

على مدار الفترة الماضية، فتحت «الحياة» صفحاتها بشكل يومي في متابعة للإرهاب الجوال في المنطقة، ومواقف المجتمع الدولي «المتذبذبة» من مواجهة جماعات العنف والتطرف، التي تعمل على نشر الفوضى والكراهية وإراقة دماء الأبرياء، وما أفرزته البيئة السياسية في العراق وسورية تحديداً، ودور أميركا «المتردد» تجاه ما يجري في الإقليم، ومواقف إدارة أوباما «الضعيفة» وعدم اكتراثه بانعكاسات ذلك على الأمن الإقليمي.

دقت السعودية ناقوس الخطر مبكراً، وحذر الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز العالم أجمع من أنه إذا لم يتكاتف ويحارب الجماعات الإرهابية فسيتحول إلى فوضى، وأن الإرهاب سيجول من منطقة لأخرى، وسيصل إلى أوروبا وأميركا، ما يستدعي قيام تحالف دولي لتطويق خطر تلك الجماعات وشل حركتها، معتبراً ما يحدث أعمالاً إرهابية ومآسيَ إجرامية بكل التفاصيل والأبعاد والنتائج، تسيء إلى الإسلام والمسلمين.

الأهم بالنسبة لنا، كيف يمكن تفسير وجود عدد من السعوديين في صفوف الخلايا الإرهابية، وآخر هؤلاء الذي نفذ جريمة القديح الإرهابية أمس، حتى باتوا قاسماً مشتركاً ووقوداً حاضراً للعمليات الإرهابية؟ شبان سعوديون في مقتبل العمر يرمون بأنفسهم حطباً للأزمات. من يقف وراء استدراجهم ويحرّضهم ويفتي لهم بالذهاب إلى دول الاضطراب؟

للأسف، لاتزال الجماعات الإرهابية قادرة على التغلغل وسط الشبان السعوديين والتأثير فيهم وتجنيدهم، على رغم «صعوبة» السنوات الماضية التي حلت بالبلاد. جلّ هؤلاء السعوديين من صغار السن، وتتوزّع أنشطتهم على خلايا نائمة في الداخل، تنتظر فرصة الانقضاض على أهلها وأرضها مثل خلية «تمير» الداعشية (شمال غربي الرياض) وخلايا نشطة في الخارج تكفّر وتفجّر وتبث الفتنة، وتروّع الناس بأحزمة ناسفة، ومؤخرات مفخخة!

لا شك في أن أصحاب أجندات خبيثة، سواء أكانت دولاً أم تنظيمات أم أفراداً، تمكّنوا من استغلالهم وتجنيدهم لتنفيذ أعمال إرهابية! ولا يمكن لأحد إنكار ما قامت به السعودية من تعاون دولي وجهود ضخمة بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر)، حينما ثبت تورط 15 شاباً سعودياً، ونجاحها في إحباط وإفشال عمليات إرهابية عدة، وبذلها المحاولات لإعادة تأهيل «المغرر بهم»، كما تسميهم، بغية إصلاحهم وإعادة دمجهم في مجتمعهم، لكنها بقدر ما نجحت لم توفق، لكون المجندين والمحرضين والمبررين والمتعاطفين لا يزالون يسرحون ويمرحون بيننا، ويأكلون ويشربون معنا ويلبسون لباسنا!!

أليس محيراً بعد كل هذا الجهد الكبير والتوعية المستمرة أن نسمع عن مخططات تخريبية تُحبط، وأموال ضخمة تُضبط، وشبان سعوديين يُجنّدون ويكفرون ويفجرون؟ من يوفّر لهؤلاء الدعم؟ من يتبرع لهم؟ ومن يفتي لهم؟ أليس مؤلماً أن يكون سعوديون بين المنتمين إلى خلايا إرهابية في الخارج، في أفغانستان، وباكستان، واليمن، ولبنان والعراق، وسورية، ودورهم هو السعي للقتل ونشر الفوضى وترويع الآمنين؟

أليس مؤسفاً أنه لا يزال بيننا بعد كل هذه السنوات «الحرجة» من لا يزال يصمت عن سلوكيات وممارسات هؤلاء الإرهابيين؟ وبيننا من يموّلهم ويتعاطف معهم، ويبث سمومهم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي؟ أليس غريباً أن تتحوّل نساء «ناعمات» إلى «إرهابيات» وبِمُعرِّفات «إجرامية»، تحض على القتل والعنف، وتجنّد للإرهاب، وتروّج لأفكار قياداته؟

خطأ فظيع الصمت أو التبرير لتورط سعودي في أعمال إرهابية بحجة أنه «مغرر به»، بعد أن ارتضى هذا الطريق الإجرامي وفي ظل تجاهل عائلته، خصوصاً وهو يقرأ موقف الدين والدولة والمجتمع الشاجب والُمحرِّم لتلك الأعمال الإرهابية.

حقائق كثيرة «مجلجلة» تكشف أن بعض الشبان السعوديين لا يزالون يُساقون كالبهائم في حروب ليست لهم، ما يستوجب استئصال كل من أصيب بهذا المرض الخبيث بسرعة، مع ضرورة أن تعمل الدولة على تغيير بعض «المصطلحات الناعمة»، التي يتم التعامل بها مع تلك العناصر المجرمة، مثل وصفهم بـ«المغرر بهم» أو «الفئة الضالة». هؤلاء إرهابيون مجرمون قتلة!!

«القاعدة» و«داعش» وغيرهما من جماعات العنف والتطرف نبتات شيطانية، ولقطع رأس الأفعى لا بد من محاسبة المحرضين، وإبعاد المؤدلجين الذين يهيمنون على المنابر، ويبثون السموم في عقول الناشئة، وفضح المبرِّرين لهم. فلا قيمة لأي عمل يستهدف القضاء على الإرهاب من دون إغلاق مصادر تمويله المعلنة والمستترة، وفضح المروجين له، والمتعاطفين معه.

الأكيد أن المهمة وطنية بامتياز لحماية البلاد والعباد من شرور هؤلاء الإرهابيين، وتخليص الناس من سموم أفكارهم، بإعلان تحرك كل مؤسسات الدولة – الحكومية والشعبية – لنبذ ومحاسبة كل ساع إلى نشر الفوضى والقتل والعنف والخراب ودق إسفين في اللحمة الوطنية وفضح كل من يسوّق لمنهج التكفير والتفجير والتدمير.

كما على الدولة لجم ومحاسبة المبررين والمحرضين والمتعاطفين والمتخاذلين عن شجب واستنكار وإدانة ما تقوم به تلك الجماعات الإرهابية من استهداف للبلاد، وعلى الجميع رفع الصوت لرفض هؤلاء «الضالين الإرهابيين»، الذين تشربت عقولهم وأفكارهم وأجسادهم «مص الدماء»، ما يستلزم القصاص العاجل – لا الآجل – منهم.

* المقالة نشرت بتاريخ 30 أيلول (سبتمبر) 2014 – بعنوان: «احذروا هؤلاء» – ووجدت أنها مناسبة للنشر مرة أخرى مع تعديلات طفيفة بعد الجريمة الإرهابية في مسجد بالقديح أمس.