IMLebanon

ضدّ الفراغ

 

 

الفراغ على انواعه خَبِرَهُ اللبنانيون طوال السنوات الماضية وتحديداً على مستوى السلطة التنفيذية.

 

السلطة التشريعية تولت سدّ احتمالات فراغها من حواضر البيت. فقام المجلس النيابي بالتمديد لنفسه من العام 2009 الى العام 2018 ولم يحاسبه أحد، فهو سيّد نفسه. قبل ذلك كان المجلس إيّاه يعيش عشرين سنة على وقع التمديد ولم يسمح بالفراغ. لكن ظروف الحرب إقتضت ذلك فاستمر المحظوظ المنتخب في 1972 نائباً حتى الوفاة أو حتى عام 1992.

 

المجلس المنتخب فور رحيل الإدارة السورية في 2005 راقب وأشرف على فراغ السلطة التنفيذية المتكرر. بدأ الأمر في فرض شهورٍ من المماطلة في التكليف وتأليف الحكومات في عهد الرئيس ميشال سليمان، ثم بلغ أوجه في الفراغ المفروض في موقع رئاسة الجمهورية إثر انتهاء ولاية سليمان نفسه.

 

من الظلم القول ان سيدّ نفسه كان مسؤولاً عن كل ذلك، والأصح القول ان القوى المهيمنة فيه هي التي سلكت هذا المسلك وسار خلفها من كان بطرس الأكبر يسميهم “الطباخين والمترجمين وغيرهم من السفلة…”.

 

في الخلاصة صار دوسُ الدستور والأعراف والتقاليد والقوانين من بديهيات الإجتهاد السياسي، ودخلت الى القاموس مصطلحات جديدة منها الثلث المعطل والحصص المقدسة والمكونات والبيئات والشرائح ناهيك عن المثلث الذهبي الذائع الصيت.

 

على هذه الخلفية بُني صرح الفراغ الدستوري ومنه تفرعت ونبتت فراغات أخرى في مواقع الادارة والقضاء، وبموازاته فرغ البلد من طاقاته وابنائه وصار دشمة للاستعمال والزكزكة الإقليميين.

 

ولد العهد الحالي من عوامل الفراغ وموجباته. فخلال عامين ونيّف لم يسمح سيد نفسه وسيده بانتخاب رئيس للدولة حتى “إقتنع” المعارضون بصحة الإختيار الذي جرى عرضه عليهم، وفي السنوات اللاحقة حصد لبنان جوائز العالم الذهبية بتحقيقه أسوأ انهيار مالي وإقتصادي منذ قرن ونصف وثالث أكبر إنفجار غير نووي في التاريخ وأسرع نسبة إفقار بين دول البشرية في تاريخها.

 

الحكم العادل على ما جرى أصدره مواطنو الجمهورية، أو أقله وضعوا تشخيصاً له، ولم يعد في عمر الكارثة أكثر مما مضى، والدرس المفيد هو ان يخلص الجميع الى ان السياسات الماضية هي التي جاءت بالكارثة، وأول المطلوب منهم قول ذلك هم من يتولون المسؤولية اليوم.

 

نعم رئيس الجمهورية على حق في رفضه الفراغ، وكأصدقاء، نضيف ان منع الفراغ يكون حالياً بتحقيق ثلاثة أمور بديهية:

 

الأمر الأول دعوة الحكومة الى إثبات انها حكومة تعقد اجتماعاتها وتبحث في شؤون العباد.

 

الأمر الثاني إجراء الانتخابات النيابية في موعدها.

 

الأمر الثالث، انتخاب رئيس جمهورية فور انتهاء ولاية الرئيس الحالي بحيث لا يبقى الموقع شاغراً لحظة واحدة.

 

بهذه الطريقة فقط نمنع الفراغ ولا نسمح به اللهم إلّا اذا كانت هناك أفكار ومشاريع أخرى.