IMLebanon

هل يكون التأزيم مدخلاً إلى الحل؟

يقول المثل الشعبي “اشتدي يا أزمة تنفرجي”، وهذا واقعي في ما يعنينا كأفراد، وأيضاً في سياسات الدول التي تعتمد التصعيد الذي يقود إلى إنهاك كل الاطراف تمهيداً لقبول ما هو حل أو ما يفرض عليها من إرادات خارجية. اتفاق الطائف مثالاً جاء وليد أزمة امتدت لـ15 سنة، واتفاق الدوحة ولد من رحم الشارع في 7 أيار 2008.

في لبنان حالياً إنهاك جماعي، بعضه ظاهر الى العلن، وبعضه الآخر مغطى بمظاهر القوّة. والأزمة التي انتقلت الى الشارع باتت تتهدّد الطبقة السياسية. ومع ان المتظاهرين لا يملكون برنامجاً، او رؤية لسلطة بديلة، إلاّ أنهم تمكنوا في مدة يسيرة من هز عروش تربّع عليها أمراء الحرب مدّة تزيد على عشرين سنة.

وتكشف نظرة الى واقع القوى السياسية، حجم الإنهاك الذي أصابها. فريق 14 آذار لم يعد موجوداً منه الا أمانة عامة فولكلورية، ومجلس وطني لم يقلّع أصلاً. وفريق 8 آذار مفكك، لا تجمعه، من دون اجتماع ولو شكلي، الا قوة “حزب الله” الذي بالكاد يقدر على منع الطلاق بين مكوناته. حتى فريق 11 آذار الذي اطلقه رجل الأعمال مرعي أبو مرعي غاب بعروضه السياحية وسندويشات الشاورما اللذيذة.

وإذا نظرنا بالمفرّق الى تلك المكونات، لوجدنا ان جمهور “المستقبل” مأزوم في غياب رئيسه الرئيس سعد الحريري، وتناتش القرار، كما من تراجع الدعم السعودي. ويعاني الشارع السني مما يمكن تسميته “عقدة ضعف” تجاه “حزب الله”.

بدوره الحزب، الغارق في رمال الحرب السورية، يقدّر الموقف جيداً، ويدرك الأثمان التي يدفعها، ويتخوّف من أي خربطة سياسية أو أمنية ترتد سلباً عليه وعلى جمهوره، مع غرقه في البحر السني، خصوصاً بعد وفود نحو مليون ونصف مليون سوري من الطائفة السنية الى لبنان، يضاف اليهم نحو 500 ألف فلسطيني سني أيضاً.

أما العماد ميشال عون فيتخبّط في دوامة قاتلة، مع فشله في تحقيق الحد الأدنى من مطالبه، بدءاً من رئاسة الجمهورية، مروراً بقيادة الجيش، والانتخابات النيابية، وانزعاج حلفائه من تفرّده بالقرارات، وصولاً الى الشارع الذي لم يلبِّ طموحاته.

حزب “القوات اللبنانية” يعتقد بأنه نجا من شرك الحكومة السلامية، لكنه حتماً لن يفلت من شباك الرئيس نبيه بري وحواره الذي لا يمكن مقاطعته، ما دام معتبراً “فرصة أخيرة” لإنقاذ ما يمكن انقاذه من الجمهورية، وهو أمام خيار الرضوخ أو الابتعاد عن الساحة.

أما النائب وليد جنبلاط فوضعه “لا مع ستي ولا مع سيدي بخير”. وهو، على رغم اعتقاده انه حاجة، لكن أياً من الآذاريين، ومن وراءهم، لم يعد يثق به.

فهل يشكل الوضع القائم، وبضغط من الشارع، مدخلاً الى حلّ ما؟