يقول المثل الإيراني: “لا تقتل الأفعى بيدك بل اقتلها بيد عدوّك”. هذا ما يعمل له “حزب الله” بلا هوادة في محاولته زج الجيش اللبناني في معركة ضد بلدة عرسال ومحيطها. والجيش يمثل في العمق العدو الأول لـ”حزب الله”، باعتبار أنه يمثل الشرعية والقانون والسيادة، وبالنتيجة فهو يجسد فكرة أن لا سلاح إلا سلاح الجيش الشرعي. هذا الجيش الذي نجح الحزب في اختراق عدد من مواقعه وضباطه، أكان في المخابرات أم في بعض القطعات العملانية، يُراد له أن يخوض الحرب ضد الثورة السورية ومؤيديها في لبنان، ولا سيما بلدة عرسال التي تضم أكثر من مئة وعشرين ألف مقيم ثلثاهم من النازحين السوريين الذين أتوا من القلمون السوري المحتل، والقصير وجوارها ومختلف ريف حمص الجنوبي الذي اجتاحه “حزب الله” مع قوات بشار الأسد فدمّر المدن والبلدات والقرى. هؤلاء المقيمون هم ضحايا عدوان “حزب الله” على سوريا والسوريين، ويريدون من الجيش اللبناني أن يتورّط في اجتياحها عسكرياً، فيما هو موجود فيها. يريدون اجتياحها واقحام الجيش اللبناني في حرب القلمون من جهة لبنان. وما دامت يد “العدو”، أي الجيش هي التي تقتل الأفعى، لا النازحون ولا الثوار، فإن “حزب الله” يكون استخدم أداة لها طابع الشرعية وأنجز مهمة من غير ثمن.
هذا السيناريو معروف، وعلى الاستقلاليين ألا يتهاونوا ازاءه. فـ”حزب الله” يبغي من خلال حرب تشنّ على عرسال، تهجير سكانها وتغيير الخريطة الديموغرافية في البقاع الشمالي، الى الأبد. ونحن نقول أكثر، فلتذهب الحكومة وأي حكومة الى الجحيم اذا كان ثمن التساكن الحكومي تهجير أهل عرسال، وتصفية الوجود الاستقلالي في هذه المنطقة الحساسة من لبنان.
تفيد مجمل التقارير الواردة من أرض معركة القلمون وجرد عرسال ان “حزب الله” فشل حتى اليوم في تحقيق أي إنجاز يعتدّ به، على الرغم من خسائره الفادحة. كما تفيد التقارير أن إعلام الحزب يشيع معلومات مغلوطة عن سير المواجهات، ويدّعي تحقيق انجازات، إن صحّ بعضها، فهي إنجازات محدودة وموقتة، وسرعان ما يعود ويفاجأ بالثوار يقاتلونه في مواقع يعلن أنه احتلها. لقد تحوّل “حزب الله” الى قوة عدوان واحتلال في سوريا، والى عنصر فاعل في مشروع تشكيل كانتون علوي متصل بالكانتون الشيعي اللبناني يمر حكماً بتهجير أبناء عرسال من بلدتهم. إن الجيش اللبناني مطالب بالتنبّه لأمرين: أولاً، عرسال لبنانية أولاً وآخراً، وبالتالي ممنوع التورّط في حرب ضد البلدة، أياً تكن الظروف والأعذار. ثانياً، ان عدوان “حزب الله” على السوريين في أرضهم يمثّل السبب الأول في وجود النازحين في عرسال، وتمركز المسلحين في الجرود قرب عائلاتهم. لذا ممنوع أن يتورّط الجيش في حرب يتحوّل فيها الى “اكسسوار” لعدوان “حزب الله”. إن عرسال أكبر من حكومة ومن استقرار وهمي يتغنّى به البعض.