Site icon IMLebanon

توافق على منع الوقوع في فخ «حكومة تصريف الأعمال»؟!

 

… وأخيراً، فقد تحقق الانجاز الكبير الذي خرجت به الهيئة العامة لمجلس النواب، بعد ثلاثة أيام من المداخلات النيابية والتباينات في الآراء والمواقف، وأقرت مشروع قانون الموازنة العامة للدولة لعام 2017، والسؤال الذي واكب هذه الخلاصة، يدور حول محور رئيسي خلاصته وماذا بعد؟!

 

ليس من شك في أن ما حصل في الايام الثلاثة الماضية لم يكن مفاجئاً لأحد، خصوصاً وأن مداخلات النواب جاءت على عتبة استحقاق الانتخابات النيابية في الربيع المقبل، محملة بالكثير من الاتهامات وعلى كل المستويات، من صفقات ومحاصصات ومسار واهتراء، بحيث يستحيل معها القصور بأن هناك في «الدولة اللبنانية» خال من هذه الموبقات التي استفاق عليها النواب، بين ليلة وضحاها، وهم، في أكثريتهم الساحقة، لم يغيبوا عن مصدر القرار ومواقع القرار والمشاركة في صنع القرار على مدى العقد الماضي وما قبله.. وليس من يسأل ولا من يحاسب.. ومضت الكلمات وكأنها تسجيل مواقف لا أكثر ولا أقل..

إنتهى المشهد السوريالي في غالبيته مشفوعاً بانتقادات لم تسلم منها حكومة «استعادة الثقة» برئاسة الرئيس سعد الحريري، والتي يشارك فيها غالبية الافرقاء السياسيين المتنابذين والمتناحرين.. ومن تبقى من حضور في جلسة مجلس النواب، وصفق بحرارة لكلمة وزير المال علي حسن خليل ومداخلته، ولكلمة رئيس الحكومة، التي فند فيها مواقف ومداخلات النواب، من دون أن يدير ظهره للمزايدات التي رافقت ذلك خصوصاً لجهة الطائفة السنية التي بنظر البعض «محبطة»، ليقول، ومن دون أي مواربة: «الناس شبعت تنظيراً..» وأفهم ان جلسات مناقشة مشروع الموازنة مناسبة، خصوصاً في سنة انتخابية لاطلاق مواقف، لكن بعضها ضاع بين الموازنة العامة والمزايدة العامة..»؟! رافضاً «ان يعطى انطباع بأن الحكومة الحالية لا تعمل، معتبراً ان البعض يتصرف وكأنه اكتشف اليوم وضعنا الحالي صعب، وأزمة النزوح ومشكلة الكهرباء..» وسائر الازمات من مياه ونفايات وضيق فرص العمل، كما الازمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها لبنان..

المفارقة، انه وفي وقت كانت الدولة على السنة الغالبية الساحقة من الافرقاء السياسيين، وكأنها «مغارة علي بابا والاربعين حرامي»، راح البعض بعيداً في غسل أياديهم وكأنهم «قديسون»، ولا ينقصهم سوى ان ترفع صورهم في المساجد والكنائس؟! من دون ان يعني ذلك ان البلد بألف خير، وبأن الحديث عن الصفقات والمحاصصات وتقاسم المغانم هو مجرد افتراءات.. بل هو واقع قائم وباعتراف الجميع والوقائع المثبتة بالأدلة والبراهين..

ما آلت اليه التطورات، وما كشفته مداخلات النواب ومزيداتهم، يضع «العهد» بكامله، (رئاسة وحكومة ومجلساً نيابياً) كما وسائر القوى السياسية، أمام مسؤوليات كبرى بالغة الأهمية تكون «امتحان جدارة وكفاءة» بكل ما لهذه الكلمة من معنى.. ولم يغب ذلك عن بال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي يعد كلمة في الذكرى الاولى لانتخابه رئيساً، كما لم يغب عن اهتمامات الرئيس الحريري الذي يتحضر لجلسات حكومية حول الموازنة العامة لعام 2018، في ظل ظروف دولية واقليمية ضاغطة وبالغة الغموض في نتائجها وما ستؤول اليه؟!

لا يختلف إثنان على ان «سياسة النأي بالنفس» بقيت حبراً على ورق ومع ذلك وقد قالها الرئيس الحريري بوضوح لا لبس فيه: قررنا و«حزب الله» ان نضع خلافاتنا جانبا، ونعمل سوياً على الامور الكبيرة او الصغيرة التي يمكنها خدمة لبنان.. لكن السؤال من أين نبدأ، وكيف؟ وما هي الاولايات التي يفترض ان تلي مرحلة ما بعد اقرار الموازنة العامة للعام 2017؟!

يقر الجميع ان لبنان «أمام واقع صعب جداً».. وهو أمام خيارات، او مفترق طرق خيارات ليس من السهل عبورها او اختراقها من غير توافق داخلي، يبدو صعبا، في بعض نواحيه والبلد على أبواب الانتخابات النيابية، وذلك على الرغم من ان الجميع يضعون لائحة بالاولويات ومن أبرزها: الوضع المالي الصعب للدولة وأزمة النازحين السوريين، ومشكلة الكهرباء والمياه والنفايات وتوفير فرص العمل والوضع الاقتصادي عموماً وتحديداً النفط.. على ما رأى الرئيس الحريري.. ناهيك بدعوات أفرقاء آخرين التركيز على تفعيل عمل الانتاج الزراعي والصناعي وملء الشغور في الادارات من دون القفز فوق طبيعة الحكومة – أي حكومة – وتركيبتها..

لقد أظهرت تطورات الايام الاخيرة، وجود تقاطعات رئيسية بين تصورات الرئيس العماد عون والرئيس الحريري و»حزب الله» والجميع متفق على تجنب الوقوع في فخ «حكومة تعريف الأعمال»، والتعامل بشكل طبيعي، مع سائر الملفات على قاعدة أنها حكومة لديها ما يكفي من الوقت والثقة لتقوم بكامل موجباتها ولتنجز المشاريع المطلوبة.. خصوصاً وان ما تم انجازه في المرحلة الماضية دليل على أنها «حكومة قادرة» اذا قررت، وسط استقرار «أمني وسياسي لافت.. رغم كل ما يمكن ان يحصل من صراعات سياسية واعلامية ومناكفات ومواقف بين العديد من الافرقاء والسياسيين – خصوصاً «المتحالفين» مع بعضهم البعض على أبواب الانتخابات..

المرحلة ليست سهلة، وانجاز مشروع موازنة الـ2017 بالغ الأهمية خصوصاً وان موازنة الـ2018 على طاولة مجلس الوزراء، الامر الذي يضع حداً لكل المقاربات التي تشكك باحتمال وضع انطلاق الدولة على السكة الصحيحة، بعيداً عن الشكوك والالتباسات التي تعزز مخاوف الرأي العام، من ان يكون ما يحصل مجرد نفطية على الماضي.. الأمر الذي لا يعطي الحكومة من تحمل مسؤولياتها كاملة وتحديد رؤيتها لمرحلة ما بعد انجاز الموازنة ومرحلة الاعداد للانتخابات ليبنى على الشيء مقتضاه..»؟