IMLebanon

الإتفاق على قانون جديد للإنتخابات مؤجَّل والتمديد هو الورقة الأخيرة

الإتفاق على قانون جديد للإنتخابات مؤجَّل والتمديد هو الورقة الأخيرة

ورئيسا الجمهورية والحكومة لن يُقدما على أي خطوة ناقصة أو مرتجلة

نفوذ الطبقة السياسية المتمترسة وراء طوائفها جعل من قانون الإنتخاب موضوعاً معقداً لا يمكن توقع الوصول إليه بكبسة زر

موضوع القانون الجديد للانتخابات معقد تبعاً لتعقيدات التركيبة اللبنانية، ولا ينتظرن أحد ان ينهي الخلاف حوله لـ«كبسة زر» من الداخل، شأنه شأن الانتخابات الرئاسية التي بقيت سنتين ونصف السنة بين أخذ ورد ولم تحل الا بعد حصول توافق إقليمي بغطاء دولي عليه، وشأنه أيضاً شأن حكومة استعادة الثقة التي لم يقيض لها ان تتألف الا بعد توافق داخلي لم يُستثنَ منه الا حزب الكتائب أفضى إلى تأليفها، وما حصل بالنسبة إلى الاستحقاق الرئاسي وتشكيل حكومة استعادة الثقة ينسحب على قانون الانتخابات الذي يفوق بأهميته موضوعي الانتخابات الرئاسية وتشكيل الحكومة لأن الانتخابات النيابية هي عقباها وهدفها الحقيقين حسب النظام الديمقراطي النيابي، وحتى الرئاسي إلى حدّ ما هي اعادة تكوين السلطة من جديد وفرز الأكثرية عن الأقلية، بحيث تتولى الأكثرية النيابية التي تفرزها الانتخابات الحكم وتمنح الاقلية لقيادة المعارضة بمعناها الديمقراطي الواسع، وهي مراقبة أعمال الحكومة ومساءلتها كما حصل في جلسة المساءلة التي عقدها مجلس النواب الحالي أمس، ومحاسبتها، وحتى اسقاطها والسعي لتسلم السلطة بعدها.

ثم إن الطبقة السياسية الحاكمة اتفقت بعد الطائف على صيغة لا مكان لوجودها الا في لبنان، وهي «التوافقية» أي الالغاء لمتطلبات النظام الديمقراطي وتحويله إلى لا نظام أو إلى نظام تسووي لا يمكن تطبيقه إلا في ظل التوافق، وهذا النظام المبني على الصيغة التوافقية والذي يحظى بغطاء خارجي، أنتج انتخابات رئيس جمهورية بعد فراغ وتخلله شد حبال دام أكثر من سنتين ونصف، كما أنتج حكومة استعادة الثقة، كحاله في جميع المراحل السابقة التي مرّت على لبنان بعد اتفاق الطائف، وللوصول إلى هذا التوافق على قانون الانتخابات يحتاج إلى حرق الأوراق واستخدام المواقف المنفرة من قبل فريق على حساب باقي الأفرقاء بقدر ما يحتاج إلى حوار هادئ وإلى نفس طويل للوصول إلى الهدف المنشود الذي يرضى به كل الفرقاء السياسيين والطائفيين ولا يكون يُشكّل تحدياً أو إلغاء أو استثناء لأحد مما يسمونه المكونات السياسية والتي هي في الحقيقة والواقع مكونات طائفية وهي حقيقة يجب الإقرار بوجودها وبتأثيرها الكامل على عدم التمكن من تطبيق النظام الديمقراطي البرلماني بشكل سليم وصحيح.

ونظراً لأهمية قانون الانتخابات وتأثيره إيجاباً وسلباً على نفوذ الطبقة السياسية المتمترسة وراء طوائفها قلنا بأنه موضوع معقد ولا يمكن ان نتوقع الوصول إليه بكبسة زر من هذا الفريق المستقوي مثلاً بالسلطة أو بذاك المستقوي بقاعدته الشعبية الواسعة كمثل الثنائي المسيحي أي القوات والتيار الوطني الحر اللذين توصلا فيما بينهما إلى صيغة تؤمن لهما الحصول على أكثرية النواب المسيحيين وهي القانون المختلط المبني على تعددية المعايير وليس على وحدتها أو كمثل الثنائي الشيعي المتفاهم اصلاً على النسبية المطلقة التي تؤمن لهما حصد كل المقاعد النيابية الشيعية ومد اليد إلى الطوائف الأخرى، والا لماذا يعود هذا الثنائي إلى النسبية المطلقة بعد ان كان وافق في اجتماعات اللجنة الرباعية على صيغة المختلط كحل تسووي أو توافقي يمكن ان ترضى به كل مكونات الطبقة السياسية الطائفية، كأداة يحفظ لها حصتها في المجلس النيابي وسيطرة نفوذها السياسي على الأكثرية الساحقة من أبناء الطائفة الشيعية غير المنتمين إلى حزب الله وحركة أمل.

وإذا كان العكس هو الصحيح وأن القانون الجديد يمكن أن يفرض على باقي الأفرقاء في حال تأمنت له أكثرية نيابية فلماذا لا يزال النقاش جارياً على أشده بين الجميع للوصول إلى توافق على قانون يرضي كل المكونات الطائفية، ولماذا لا يدعو رئيس مجلس النواب إلى جلسة تشريعية لإقراره بدلاً من أن يضطر رئيس الجمهورية إلى التهديد بعدم التوقيع على مراسيم تشكيل الهيئة الناخبة ودعوة الهيئة الناخبة قبل 21 شباط الجاري كعامل ضغط على كل الأفرقاء للتعجيل في الوصول إلى التسوية المنشودة او التهديد باللجوء إلى الشعب وكلا التهديدين مخالف لأحكام الدستور العمول به ولطبيعة النظام القائدم والذي لا ينص في اي من بنوده على مسألة امتناع رئيس الجمهورية عن توقيع مراسيم تشكيل الهيئة الناخبة او اللجوء الى الشعب لاستفتائه حول اي قانون يريد للانتخابات النيابية وذلك وفقاً لفتوى المشترع الواسع الاطلاع النائب والوزير السابق حسن الرفاعي والى فتاوى اخرى كثيرة صبّت في المنحى نفسه، فضلاً عن الكلام الذي يردده الرئيس نبيه بري في كل مناسبة، وهو انه لا يوافق على أي قانون للانتخابات لا يحظى بقبول جميع المكونات السياسية والطائفية والذي يؤشر بشكل واضح الى تمسكه بالنظام التوافقي وعدم استعداده للتفريط به بناء على ضغط من فريق آخر، اما انه يستقوي بالسلطة او انه متيقن من انه يمسك الارض وبإمكانه في حال حصول الانتخابات النيابية على اساس القانون الذي وضعه يؤمن له الفوز بأكثرية المقاعد في الندوة النيابية ولو كان ذلك على حساب الصيغة التوافقية.

معلومات عدد من المصادر تؤكد أن رئيسي الجمهورية والحكومة متفهمان لهذا الأمر، وانهما لن يقدما على الموافقة أو على فرض أي قانون لا يحظى بتوافق عام من كل أطياف التركيبة السياسية الطوائفية، وهما يعكفان حالياً على درس الصيغ المطروحة لقانون الانتخاب الجديد للأخذ بالتي يحظى بالتوافق أو ابتكار صيغة جديدة تحظى بموافقة كل الأطراف، والبحث الان ينحصر بين مشروع القانون الذي وضعته حكومة نجيب ميقاتي والمبني على النسبية وفق معيار واحد وبين اقتراح قانون مبني على الأكثري بشكل كامل، وإلا فالتمديد هو سيّد الأحكام.