تتجه الأنظار الى جلسة مجلس الوزراء في القصر الجمهوري في بعبدا يوم غد الاربعاء، وعلى جدول الأعمال ما يقارب الـ91 بنداً وسط ظروف وتطورات مستجدة من أبرزها «أزمة النزوح السوري» وما تعرضت وتتعرض له من مزيد من التعقيدات والاستغلال من «الجماعات الارهابية» العاملة على تحويل مخيمات النازحين الى «بؤر أمنية» لم يكن أمام القيادات اللبنانية السياسية والعسكرية والأمنية من خيار سوى المبادرة الى عمليات استباقية تقطع الطريق على ما كان يخطط للبنان من عمليات انتحارية وتفجيرات تستهدف العديد من المدن والمناطق، ابتداء من عروس البقاع – زحلة وصولاً الى العاصمة بيروت..
وعشية انعقاد الجلسة، جرت مشاورات عديدة واتصالات بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري، حول ما اذا كان من الممكن طرح هذا البند على جدول أعمال مجلس الوزراء، إضافة الى ما كان أعلنه الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله في كلمته في ذكرى «يوم القدس العالمي»، قبل أيام، ولاقى معارضة، او انتقاداً من عدد من القوى، من بينهم الرئيس الحريري نفسه، ورئيس «القوات» سمير جعجع وآخرين.. على خلفية ان ُفتح الباب أمام متطوعين من العالمين العربي والاسلامي، بحال شنت «إسرائيل» حربا جديدة على لبنان.. هو بمثابة «تعد على شرعية الدولة والحكومة اللبنانية ومصادرة لحقها في مثل هذه القرارات الاستراتيجية..».
في قناعة عديدين، ان طرح هذه المسألة على طاولة مجلس الوزراء «قد يفتح الباب أم زعزعة الاستقرار والهدوء اللذين يخيمان على البلد..» خصوصاً وأن مواقف الافرقاء كافة مما جرى في عرسال يوم الجمعة الماضي، أجمعت على ان «الأمن الوطني خط أحمر..» مع الاشادة غير المسبوقة من «حزب الله» بـ»العملية البطولية والنوعية والاستباقية التي نفذها جيشنا الوطني في عرسال ضد الجماعات الارهابية..» مع الاشارة الى ان أحداً لا يمكنه ان يسيء لدور الجيش الوطني والقوى الأمنية والعسكرية التي تؤدي واجبها الوطني بكفاءة عالية في ملاحقة الجماعات التكفيرية والارهابية.. و»نجحت في ذلك الى حد بعيد..» على ما يقول وزير الشباب والرياضة محمد فنيش..
حتى اليوم، ليس هناك من ضمانات كافية بعدم اثارة هذه المسألة في جلسة مجلس الوزراء.. لكن وفي المقابل، فإن «أزمة النازحين السوريين» حطت بكامل ثقلها وتداعياتها في مواقف العديد من الافرقاء.. ويرجح ان لا تغيب عن جلسة يوم غد بمبادرة من وزيري «حزب الله» وحلفائهما.. فقد دعا الحزب الحكومة الى ان تضع على جدول أعمالها هذا البند، مع اشارة، بل دعوة لافتة الى وجوب «التنسيق مع الحكومة السورية لتسهيل عودة النازحين طوعاً الى المناطق الآمنة في داخل سوريا..» مطلب (أي اعادة النازحين) بات عابراً للطوائف والمذاهب والعديد من الافرقاء السياسيين، وان بصور مختلفة، حيث لم يترك البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، مناسبة صغيرة أم كبيرة، إلا ويطالب «الحكام عندنا بأداء هذا الواجب الذي يكبر ويتشعب بتفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية والأمنية، بسبب المليوني نازح ولاجىء..» مطالباً «حكام الدول في الأسرتين العربية والدولية بواجب ايقاف الحروب.. والعمل الجدي على عودة جميع المهجرين والنازحين واللاجئين الى أوطانهم وبيوتهم وممتلكاتهم ومساعدتهم..».
ومن دون الغوص في التفاصيل والتحليلات والتنبؤات، فإن مسألة «التواصل الرسمي» مع الحكومة السورية مستبعد في الوقت الحاضر، لاعتبارات عديدة، من بينها «ان هذا التواصل يعني الاعتراف بشرعية هذه الحكومة والنظام القائم..» على ما يرى عديدون من قوى ما كان يسمى بـ14 آذار.. وهذه مسألة لا يستطيع لبنان ان يتحمل ما يمكن ان تتركه من تداعيات سلبية على مستوى العلاقات الرسمية اللبنانية مع الخارج العربي، وتحديداً الخليجي»..
وفي السياق فمن المتوقع ان يبادر البعض الى طرح البديل عن الاتصالات المباشرة، عبر اتصالات تقوم بها الحكومة اللبنانية مع الأمم المتحدة، على رغم تردد المنظمة الدولية في التعاطي مع هذه المسألة لأسباب لم تتضح كفاية بعد.. هذا مع الاشارة الى ان معلومات وثيقة ومؤكدة، تشير الى اتصالات بين الجانبين اللبناني الرسمي والسوري لم تتوقف عبر مؤسسات وأجهزة عسكرية وأمنية، وعلى أكثر من مستوى..
أياً كانت التطورات، وأياً ما آلت اليه، فإن الافرقاء كافة يحسبون الف حساب لاستحقاق الانتخابات النيابية المقبلة، وجلسة مجلس الوزراء التي شاء الرئيس العماد عون ان تكون في القصر الجمهوري، ستكون حافلة بالموضوعات البالغة الأهمية، والتي لم تخل في بعضها من خلافات ليست سهلة بين العديد من مكونات الحكومة، لاسيما ما يتعلق منها بالخدمات، ومن بينها تأمين الكهرباء 24-24 والحفاظ على المياه كثروة استراتيجية للبنان واستثمار الثروة النفطية البحرية.. كما وتفعيل الادارة من خلال اعادة هيكلتها بدءاً التعيينات وفق المعايير الدستورية التي هي الاستحقاق والكفاءة والجدارة والاختصاص وفق ما نصت عليه «وثيقة بعبدا – 2017» الصادرة في 22 حزيران الماضي والموقعة من جميع الاحزاب المشاركة في «حكومة استعادة الثقة» على ان يستكمل ذلك باقرار مجلس النواب في جلسته الموعودة المقبلة، منتصف هذا الشهر، «بسلسلة الرتب والرواتب والموازنة العامة..».