45 مبيداً زراعياً يسبّب السرطان والتشوّه الخلقي منعت امس وزارتا الزراعة والصحة استعمالها. الا ان هذا القرار سجل تحفظاً من بعض الجهات المعنية خصوصاً وأن معظم هذه المبيدات لا يزال يستعمل في الاتحاد الاوروبي كما لا بديل له في لبنان في الوقت الراهن.
أعلن وزيرا الزراعة اكرم شهيب والصحة العامة وائل ابو فاعور خلال مؤتمر صحافي مشترك امس، أن هناك 45 مبيداً زراعياً، مسبباً للسرطان والتشوهات الخلقية بسبب عوامل عدّة منها التهريب، تسجيل شركات، ودخول بعض البضائع بطرق ملتوية الى البلد ومنها ما هو مسجّل رسميا.
أعلن شهيب انه ستتم اعادة تقييم الادوية الزراعية المسجلة في لبنان، وقد تم وضع لائحة اولية ستعمّم بعد درس البدائل لهذه الادوية وستستكمل بمزيد من اللوائح وقفا للمعطيات العلمية وستصدر تباعاً.
وكشف عن «تشكيل لجنة مشتركة لمراقبة الانتاج الزراعي المحلي للتأكيد والتأكد من ان رواسب المبيدات فيها ضمن المعايير المسموح بها دوليا»، مشددا على ان «هذا العمل لن يركز على الحدود والمرافق والمعابر الرسمية فقط انما الانتاج اللبناني والعائلات لها حق ودور في عملية الرقابة، من هنا ستتم دراسة رواسب المبيدات». واكد أن «المسألة نفسها ستنطبق على الانتاج الحيواني ايضا، اي اللحوم والدواجن، التي ستخضع لرقابة مماثلة». وقال: «اذا لم تساعدنا الجمارك بمراقبة الادوية والمواد الغذائية، فلا نتيجة لهذا العمل».
ابو فاعور
من جهته، أعلن ابو فاعور انه تمّ التدقيق بالمبيدات الزراعية وتبيّن ان 45 مبيدا زراعيا منها 9 سوائل، تسمى شوائب، مسبّبة للسرطان وللتشوهات الخلقية وتؤثر على الحوامل، متوقفا عند المرجعية التي تنظر في هذا الملف، وموضحا انها «محل نقاش».
واوضح «ان اللجنة تدعى لجنة المبيدات الزراعية وتضم 6 ممثلين لاصحاب الشركات اي من يفترض ان يُراقَب يقوم بالمراقبة، وفي المقابل، هناك مندوبون زراعيون من قبل وزارة البيئة، الزراعة والصحة، ولكن عددهم اقل وصوتهم خفت، فصوت المال أقوى، لذا يجب اعادة النظر باللجنة». واعتبر ابو فاعور انه لا ينبغي ان يكون التجار ضمن هذه اللجنة، بل يجب ان تضم خبراء يراقبون، لذا سيقدم شهيب طرحاً الى مجلس الوزراء يقضي بتغيير هذه اللجنة».
واعلن انه «سيتم منع دخول المبيدات غير المسجلة الى لبنان، لأنها تحتوي على مواد مسرطنة تدخل المنتجات التي يتناولها اللبناني، اما المبيدات المسجلة في دول المرجعية فسيمنع ادخال ما كان مسجلا في السابق، كما سيصار الى اخراج القسم المسجل الآخر بشكل تدريجي من الاسواق. وبالنسبة الى المبيدات المسجلة التي باتت في الاسواق وثبت انها تضم مواد مسرطنة، ستخرج خلال سنة من الاسواق، اما في ما خصّ البضائع التي وصلت الى المرفأ وستصل قريبا، فستخضع للفحوصات لأن صحة المواطن اهم من مصلحة التاجر».
رأي خبير
تعليقا على هذه الخطوة، أبدى الخبير في وقاية النبات والمبيدات الزراعية يوسف ابو جودة تحفظه على بعض انواع المبيدات التي شملتها اللائحة، معللاً ذلك بأن بعضها لا يزال يستعمل في البلد المرجع سيما الاتحاد الاوروبي كونه الاكثر تشدداً في هذا الموضوع.
وقال لـ»الجمهورية»: سأجري أبحاثا علمية عن بعض المبيدات، خصوصاً تلك التي لا تزال تستعمل في 20 دولة اوروبية. ولفت الى ان بعض المبيدات المشمولة في اللائحة لا بديل فعال لها راهناً. لذا دعا ابو جودة الى اعادة النظر بقرار منعها.
وأكد ان المراقبة في تسجيل المبيدات في لبنان مشددة جداً، وطمأن الى أن كل الادوية المسجلة في لبنان هي مسجلة حكماً في دولتين مرجعيتين، لافتاً الى ان لبنان يتبع لخمس دول مرجعية هي الاتحاد الأوروبي (وتعتبر دولتين لأنها تشمل عدة دول) أميركا (كذلك تعتبر دولتين لأن فيها عدة ولايات) واليابان.
وأكد ابو جودة ان المبيدات الخطرة منعت من السوق بدءاً من العام 1998 حيث تضمّنت اول لائحة صدرت في هذا الصدد 100 صنف من الادوية الخطرة والمضرّة. وأكد ان اللوائح في تحديث دائم، لكن المشكلة اننا نتبع في مرجعيتنا دولاً عدة، وبرأيه، المشكلة اليوم تكمن في ان بعض المبيدات التي وردت في اللائحة التي أعدتها وزارتا الصحة والزراعة منعت في اميركا في حين لا تزال تستعمل في دول الاتحاد الاوروبي والعكس.
ولفت الى ان القهوة، على سبيل المثال، تحتوي على مواد مسرطنة، لكن اذا كانت نسبة المواد المسرطنة قليلة فهي لا تشكل خطرا، والفكرة نفسها تنطبق على المبيدات الزراعية وكمية استعمالها. واعتبر ابو جودة ان غياب الرقابة في لبنان خلقت نوعاً من الضياع أو الخلط ما بين المسموح والممنوع وفقاً لدول المرجعية.
على سبيل المثال يمكن ان يكون بعض المبيدات مسموحة على نوع معين وتشير الى امكان تناولها بعد فترة معينة من رشها الا أن غياب التوعية عند المزارع يجعله يستعمل المبيد المحدّد لنوع معين من الخضار على انواع عدة، كذلك لا يلتزم بعدد الايام التي يمنع فيها قطف الثمار بعد رشها.
تجاه هذه المشكلة، نسعى اليوم الى ايجاد طرق لتسهيل تقيّد المزارع بالارشادات وتوعيته على استعمالها، فالمشكلة برأينا هي في كيفية استعمال الدواء بشكل آمن.
ختم أبو جودة بالقول: الهواء الذي نتنفسه في لبنان مسرطن الف مرة أكثر من الخضار والفاكهة التي نأكلها.