IMLebanon

بين فجلة موسى وملفوفة علي… البَرَكة للأرض

 

 

بين فجلة موسى علي أحمد وملفوفة علي فرحات، وجد الرأي العام فسحة مختلفة للتعبير عن خيراته، بعيداً من سجالات السياسة.

 

فقد انشغل أبناء منطقة النبطية بفجلة عملاقة وملفوفة زنة كل واحدة 10 كيلوغرامات، وأجمعوا على ان الأرض وفية للمزارع اكثر من دولته، اذ ما زال حق المزارع مهدوراً ولم يحظَ بالدعم اللازم.

 

موسى وعلي إنشغلا بأرضهما وتركا الخلافات والازمات، فالارض بالنسبة لهما هي الحياة والعطاء والمتنفس الذي ما زال يمدهما بالصبر للمواجهة. ففيما البلد برمته منشغل بالبحث عن حل ما لأزمة طارئة، كان كل منهما يبحث في عمق الارض التي زرعها عن نتاج تعبه، فهمّهما كيف تصبح الارض مورد رزق بعدما فقدا مصدر رزقهما الاساسي.

 

فموسى المهندس، ترك شهادته كما فعل كثر، وبحث عن مورد آخر، عن فرصة تمكّنه من الصمود، عاد للارض التي بفضلها حصل على شهادته الجامعية من الخارج، وبدأ يزرع وينتج، ولو بالقليل، افضل من لا شيء. يؤمن موسى كما علي ان الارض هي الخلاص والسند، بعدما تخلت السلطة بكل ألويتها عن المواطن، وتركته وحيداً في مهب العواصف.

 

في حقله في سهل الميدنة كفررمان، يمضي موسى في أرضه، يحرث، يزرع، وينتظر نتاجه بفارغ الصبر، أيقن باكراً ان لا مفر منها بعدما فقد عمله في مهنته كمهندس، خيرات ارضه التي اينعت فاجأته، من بينها فجلة عملاقة، فرحته كبيرة، على حد ما يقول، فكيف اذا كانت فجلة عملاقة؟ لم يستخدم مواد كيماوية، ولا سماداً زراعياً، جل ما استخدمه هو المعول والمجرفة وبذار جيد، والكثير من الحب. يمارس موسى عمله يومياً، لم يترك صنفاً زراعياً الا وزرعه، اتخذ من الارض مصدر رزقه فبادلته بعطائها: فجلة عملاقة، ويقول: «الارض أوفى من الدولة، اقله توفيك تعبك، على عكس الدولة التي تفرض ضرائب وغلاء واحتكاراً».

 

ملفوفة علي

 

في الارض يترجم الحاج علي فرحات عشقه وقد ترعرع عليه. منذ نعومة اظافره هو مزارع يعمل مع زوجته، آمن أن الارض مصدر راحته رغم كل الاخفاقات وشح الدعم. فمنذ زمن طويل يزرع حقله في بلدته عربصاليم، غير انه لم يهده يوماً ملفوفة مماثلة، لطالما كان الانتاج وفيراً، ولكن ليس بهذا الحجم. يرى أن الارض ثروة كبيرة، ولكن لم يشهد هذا القطاع يوماً الدعم المطلوب، ومع ذلك واظب على مهنته لانها سنده.

 

تحولت الزراعة باب خلاص كثر من ابناء المنطقة، اقله للتخفيف من عبء الظروف الاقتصادية، فهي حالت بينهم وبين جشع التجار، ويكفي ان الانتاج «عالطبيعة» وغير ملوث كما بضائع السوق يقول الحاج علي فرحاً بملفوفته العملاقة، يرى فيها بركة حلت بزرعه، سيما وأنه زرعها بشغف كبير. عادة ما يزرع مختلف أنواع الخضار ويرى ان الزراعة ستكون قوة الاقتصاد في المقبل من الأيام، وإن كانت تعاني من ارتفاع اسعار الاسمدة والادوية وغياب الدعم، ومع ذلك، يصر على انها العمود الفقري الاقتصادي الجديد، «لأننا مقبلون على ازمة خطيرة تضاهي ما نعانيه»، وبرأيه من يملك ارضاً وزرعاً كمن يملك حقل بترول».

 

عادة ما ترتبط الزراعة بالسياسة، فكل شيء في لبنان جرى تدجينه وتسييسه، ومع ذلك يعتبر الحاج علي كما موسى وكثيرون ممن آمنوا بالارض بأنها نقطة الخلاص بحراثتها وزرعها، مؤسسين لمنظومة زراعية اقتصادية شأنها شأن اي بطاقة تمويلية يعوّل عليها للانقاذ من الانهيار الحتمي.