تترقّب كوادر تيار «المستقبل» وجمهوره بفارغ الصبر موعد انعقاد المؤتمر العام يومَي 26 و27 تشرين الثاني المقبل، علّه يحمل معه انطلاقة جديدة ودفعة قوية، لإكمال المسيرة السياسية تحت راية الرئيس سعد الحريري.
ست سنوات مرّت على انعقاد المؤتمر التأسيسي الأول، الذي نتج عنه انتخاب الرئيس الحريري رئيساً لتيار «المستقبل»، وإنتخاب 18 عضواً في المكتب السياسي، إضافة الى انتخاب النائب سمير الجسر رئيساً لهيئة الإشراف والرقابة.
ست سنوات على تبوُّء أحمد الحريري الأمانة العامة للتيار، بعدما إنتخبه المكتب السياسي بالإجماع. سنوات شعر معها الحريري بأنه يحمل على عاتقه حملاً ثقيلاً، وتحديداً خلال فترة غياب الرئيس سعد الحريري عن البلد، والتي استمرّت 4 سنوات ونيّف.
اليوم، تتحضّر كلّ منسقيات وقطاعات التيار للمشاركة في المؤتمر العام نهاية الشهر المقبل، وقلب الصفحة الماضية، بإخفاقاتها وإنجازاتها على المستويات التنظيمية والسياسية والشعبية كافة.
مرحلة اعترف أحمد الحريري بأنها «كانت قاسية على التيار وجمهوره في غياب الرئيس الحريري طوعاً عن البلد، إضافة الى الجوّ السياسي الضاغط الذي كنّا نعيشه.
هذا الأمر أثّر على العمل التنظيمي، وأثّر بطبيعة الحال على جمهورنا، وما الإعلان عن عقد المؤتمر العام، إلّا تشديد من الرئيس الحريري على استخلاص دروس المرحلة الماضية تنظيمياً وسياسياً، عبر مراجعة شاملة، ومعالجة الأخطاء التي حصلت، ومحاولة البناء على ما تحقّق من إيجابيات، وإعداد العدة للمستقبل، بما يليق بصورة تيار «المستقبل»، وبالإرث الوطني الكبير للرئيس الشهيد رفيق الحريري».
ويوضح الحريري لـ«الجمهورية» أنّ «تأجيل الموعد الأول حصل لأسباب لوجستية بحتة، وأنّ موعد 26 و27 تشرين الثاني، هو موعد نهائي، وقد أعلنّا عن فتح باب الترشح لانتخابات مندوبي المؤتمر العام في المناطق، حيث سيتمّ استلام طلبات الترشيح في مراكز المنسقيات لغاية الخامسة من بعد ظهر 15 تشرين الأول الجاري، على أن تتمّ الانتخابات في 30 من الشهر الجاري، ومن ثمّ يُعقد اجتماع بين المندوبين الذين انتخبوا، والأعضاء الحكميّين في كلّ منسقية لرفع التوصيات الخاصة بمنطقتهم الى المؤتمر العام».
ويشرح الحريري للرأي العام اللبناني تفاصيل المؤتمر العام ومساره، فيقول: «البداية ستكون مع المؤتمرات الفرعية، باعتبار أنّ نظامنا الداخلي ينصّ على عقد مؤتمرات فرعية على مرحلتين: الأولى تكون بإنتخاب المندوبين الذين سيشاركون في المؤتمر العام، إضافة طبعاً الى الأعضاء الحكميين وهم أعضاء مجالس المنسقية، وزراء ونواب، وزراء ونواب سابقون، وأعضاء المكتب السياسي في كلّ منطقة».
ويضيف: «أما في ما يتعلق بالنسب المخصّصة لكلّ منسقية يتمّ على أساسها احتساب عدد المندوبين، فقد أخذنا ثلاثة معايير من أجل ذلك: المعيار الأول، موقع المنطقة بالنسبة إلى المعادلة الوطنية، المعيار الثاني هو عدد المنتسبين في كلّ منطقة، أما المعيار الثالث فهو التوزيع الداخلي لكلّ منسقية بما تشمله من عدد الدوائر وكبرها وعدد القطاعات».
ويشرح الحريري عملية التصويت: «في 30 الشهر الجاري، ستكون ورقة الانتخاب مطبوعة، وفيها جميع المرشحين عن كلّ فئة، من دوائر وقطاعات وفروع قطاعات. وعلى الناخب أن يختار مرشحاً واحداً عن كلّ فئة».
ويشير الى أنّ «العدد الاجمالي الذي سيشارك في هذا اليوم الانتخابي الطويل، قد يصل الى حدود 11 الف منتسب. لذا، ولضمان نزاهة الانتخابات وديموقراطيتها، ستحضر في كلّ مؤتمر فرعي، هيئة إشراف مؤلفة من أعضاء المنسقية.
تلك الهيئات مؤلفة من خمسة أشخاص، وقد عيّنها المكتب السياسي، وانطلق أعضاؤها في أعمالهم، تحضيراً لليوم الانتخابي. وبعد الانتهاء من عملية التصويت، تُفرز الأصوات يدوياً، لضمان شفافية النتائج»، لافتاً إلى وجود «لجنة للاشراف على الانتخابات في المناطق اللبنانية كافة، لتوفير سبل نجاحها لوجستياً وأمنياً».
وبانتهاء أعمال المؤتمرات الفرعية، يقول الحريري: «نصل الى المؤتمر العام الذي من المرجح أن يصل عدد الهيئة العامة فيه إلى نحو 2000 عضو بين حكمي ومندوب، تُضاف اليهم دعوات الرئيس الخاصة».
ويوضح جدول أعمال المؤتمر العام وفق الآتي: «التصديق على تعديلات النظام الداخلي المقترحة من المكتب السياسي والأمانة العامة، والتوصيات المرفوعة من المؤتمرات الفرعية، بعد مناقشتها بنداً بنداً من الهيئة العامة. ثمّ نعمد الى انتخاب الرئيس، وأعضاء المكتب السياسي، ورئيس هيئة الإشراف والرقابة».
ويشير الى أنه «سيُتاح لأيّ عضو، باستثناء المراقبين، الترشّح إلى كلّ المراكز، بما فيها منصب الرئيس، ضمن مهل معيّنة، مع مراعاة النسب التي أعلنها الرئيس الحريري لجهة تمثيل الشباب والمرأة».
ويطمئن الحريري كوادر التيار إلى أنّ «النظام الانتخابي الذي وُضع بالنسبة إلى المندوبين يكسر كلّ ما يُسمى بـ»البلوكات»، مؤكداً «نزاهة الانتخابات وديموقراطيتها، وأنّ النتائج لا يمكن أن تكون معلّبة، أو معروفة مسبقاً».
ويقول: «خلال المؤتمر سنقرّ الورقة السياسية التي تتضمّن رؤية التيار للمرحلة الماضية والحالية والمستقبلية، والورقة الاقتصادية. وبعد انعقاده، كلّ الهيئات الرئيسة، أي مكاتب المنسقيات والقطاعات، سوف تُنتخب من الهيئات العامة الموجودة في المناطق».
ويصرّ الحريري على أنّ «هناك مَن صمد معنا 6 سنوات في أحلك الظروف السياسية والأمنية والمالية داخل التيار وأصعبها. لذا، يجب أن يكون الانتقال بطريقة سلسة حفاظاً على كرامات الناس.
ما ينتظره الجمهور أوّلاً، تغيير في ذهنية التعاطي. بمعنى التغيير في أسلوب التعاطي مع المواطنين والتواصل معهم من خلال زيارتهم في أماكن وجودهم، ومشاركتهم أفراحهم وأترحاهم، وملامسة وجعهم، هذا من الناحية التنظيمية. وثانياً، تغيير في الجانب السياسي، لجهة إدارة الملفات السياسية وكيفية اتخاذ القرار السياسي وتسويقه لكي يُتاح لقاعدتنا الشعبية الدفاع عنه لحظة اتخاذه».
ويقرّ الحريري بأنّ «المكتب السياسي الجديد قد يعمد الى إعادة النظر في التقسيم، خصوصاً في موضوع القطاعات، بمعنى أن تبقى مركزية»، مشيراً الى أنّ «مبدأ تقسيم عكار والشمال نجح على صعيد التواصل مع الناس وإيصال صوتهم. لكن على صعيد القطاعات، أقولها صراحة لم ينجح».
ويرفض الحريري تقويم نفسه خلال السنوات الست الماضية: «فليترك الأمر للمؤتمر العام ليرى أين أصَبت وأين أخطأت. هناك فرصة حقيقية أمام الهيئة العامة للمحاسبة الشاملة، من رأس الهرم الى آخر عضو في التيار. ونحن مستعدون لتقبّل أيّ نتيجة تصدر عنها».
ولدى سؤاله عن إمكانية استمراره في منصبه، ترتسم على وجهه علامات الحسم: «بالنسبة إليّ القرار الأول والأخير في هذا الموضوع يعود للرئيس الحريري، هو وحده يقرّر المهمة التي قد أتولّاها في «المستقبل». أنا لا تهمّني المناصب، ما يعنيني خدمة خط الرئيس الشهيد رفيق الحريري تحت قيادة الرئيس الحريري».
ست سنوات، يسلّم معها أحمد الحريري الأمانة، محافظاً قدر الامكان على أكبر تنظيم حزبي متعدّد الطوائف والمذاهب في لبنان. يُصافح الرئيس، يطبع على جبينه قبلته المعتادة ليقول له: «ها أنا قد اجتهدت، آملاً من العليّ القدير، أن يكون خالي الحبيب راضياً عمّا أدّيت، وأن أكون قد بلّغت الرسالة التي حمّلتموني أمانتها».