جاءت خُطبُ عيد الأضحى المبارك لتشكّل منصّات سياسيّة تنطلق منها مواقف الفرقاء أو الطوائف الإسلامية لتتناغم مع دعوة البطريرك الماروني بشارة الرّاعي إلى الحياد حمايةً للبنان، ولكن على من تُقرأ مزامير الحياد، نظرة على لغة إيران هذه الأيام وقراءة هادئة لخطبة الشيخ أحمد قبلان أوّل أيام عيد الأضحى المبارك.
الملفت أنّ «الثنائيّة الشيعيّة» تلتزم الصمت المريب تاركة الكلام للمفتي أحمد قبلان من دون تبنّيه ولا التنكّر له، وهو ينطق بلسانها، عجز حزب الله عن الردّ على دعوة البطريرك الرّاعي وكلّ الذين قصدوا الدّيمان معلنين تأييدهم لحلّ الحياد الّذي أعلنه، ولم يتأخّر الإيعاز بالردّ الواضح على لسان المفتي الجعفري، ولم يتفاجأ اللبنانيّون أبداً بما قاله قبلان لأنّهم في الأساس مستيقنون من أنّ حزب الله يزجّ بلبنان في كلّ الحروب التي تخوضها إيران في المنطقة عبر ذراعها اللبناني الإرهابي، لا يفاجئنا أبداً أن ترفض الثنائية الشيعيّة دعوة البطريرك حماية للبنان، فإيران ومصالحها تحتل المرتبة المتقدمّة في أولويات حزب الله فإيران هي أوّلاً وأخيراً!
وكلام المفتي قبلان لا لبس فيه وهو ردّ مباشر وقاطع قال فيه «قصة الحياد مستحيلة، لا لأننا لا نريدها، بل لأنها غير ممكنة على الإطلاق، فالعالم مقسوم بشدة، ومنطقتنا مشتعلة بمختلف الحروب والأدوات، والحشد الدولي يخوض معارك على المنطقة ولبنان فيها»، حسم قبلان ومن خلفه الثنائيّة الشيعيّة موقفها من الحياد، هي تختار الانحياز لمحور وتحاول أن توحي أن لبنان إذ يلتحق بمحور ما في المنطقة فإنما يفعل ذلك للدفاع عن لبنان، مع أنّ الحقيقة غير بل عكس ذلك تماماً!!
يتمادى المفتي قبلان في فضح ما يجول في فضاء حزب الله ومن معه، يدرك الحزب تماماً أنّ «لبنان الشعب يعيش لحظة يأس وكارثة، والناس اليوم بأغلبيتهم المطلقة تحت عتبة الفقر المدقع» ومع هذا وبالرّغم من الواقع لبنان الشعب المأساوي يصرّ قبلان ومن وراءه على الإعلان أنّ «لبنان في قلب العاصفة، وضمن محاورها، ولا يمكن أن يكون محايداً، بل عليه أن يكون شريكاً فاعلاً وأساسياً في الدفاع عن نفسه وعن مصالحه، وإلا أصبح فريسة سهلة المنال؛ وعليه قلنا بالانحياز لكلّ ما فيه مصلحة لبنان، وندعو إلى تعزيز هذا المبدأ»، من عجيب ما قرأنا من كلام قبلان هو قوله بـ «الانحياز»، بل يذهب أبعد من ذلك مؤكّداً أنّ لبنان «عليه أن يكون شريكاً فاعلاً وأساسياً في الدفاع عن نفسه وعن مصالحه»، من دون أن يقول لنا أين مصلحة لبنان في الصراع الأميركي ـ اٌيراني ولماذا يُضحّي حزب الله بلبنان من أجل إيران ومصالحها وأجنداتها!!
وإذا كانت الثنائية الشيعيّة ترفض «الحياد» حماية له وتحييده عن التطاحن الدائر في المنطقة، فلماذا علينا ككلّ الفرقاء الآخرين أن نرضخ لخيار المفتي قبلان الذي ألقاه في وجوه اللبنانيين كقنبلة قائلاً “نحن كقوى وشرائح وكيانات مجتمعية نفضّل الجوع والحصار على خيانة مصالح لبنان”، أليست سلامة لبنان الشّعب والوطن هي في تحصينه بالحياد وإبعاده عن العقوبات التي توجعه بسبب إيران وحزب الله؟ لماذا علينا أن نرضخ لخيار حزب الله بالجوع والحصار، ونحن وهو يعرف أن سببها إيران وأجندتها وتورطه في حروبها الإرهابيّة في كلّ المنطقة!!
فليسمحوا لنا، كلّ اللبنانيين يؤيّدون دعوة البطريرك بشارة الرّاعي ويجدون في الحياد حماية حقيقيّة لهم ولوطنهم، ويرفضون ما يدّعيه حزب الله بأنّه مصلحة لبنان باختيار»الجوع والحصار» أليس في هذا الكلام قمّة الإجرام بحقّ اللبنانيين ومصادرةً لقرارهم؟!