Site icon IMLebanon

أحمدي نجاد الأميركي!

خصومه يسمونه أحمدي نجاد الأميركي أو كيم يونغ أون، الزعيم «المحبوب» لكوريا الشمالية، ويتحسّرون على المصير الذي بلغته الولايات المتحدة حتى صار مهرجٌ مثل دونالد ترامب قادراً على تصدّر الصفوف والتقدم على سائر المرشحين من الحزب الجمهوري للفوز بترشيح هذا الحزب للبيت الأبيض.

كثيرون في الولايات المتحدة وخارجها، وخصوصاً في عواصم الدول الحليفة، يبحثون في «ظاهرة ترامب» وأيديهم على قلوبهم. مجلة «در شبيغل» الألمانية التي لا تضع عناوينها اعتباطاً، وصفت ترامب بأنه «أخطر رجل في العالم». وخطر الرجل يكمن في أنه إذا وصل إلى البيت الأبيض، سوف تكون إصبعه على الزر النووي، وهو زر لم يخطر في بال كثيرين أنه يمكن أن يكون يوماً ما في يد شخص أحمق أو مهرج، أو محتال في أحسن الأحوال.

هل هو إرث باراك أوباما وما فعله بالمعنويات الأميركية حول العالم، الذي يدفع الأميركي العادي إلى هذا الخيار الانتحاري البائس، خيار الوقوف خلف مرشح تحوّل «مسخرةً» وموضع استهزاء من الجميع، أم أنها النقمة على المؤسسة الأميركية تدفع إلى الاصطفاف وراء رجل يفاخر بأنه من خارج المؤسسة، وقادر على أن يلقي خطاباً مغايراً لكل المقاييس السياسية التقليدية.

هذا السؤال لا يطرحه فقط ليبراليون أميركيون أو خصوم للرجل من داخل الحزب الجمهوري الذي يقول إنه سوف يرشّح نفسه باسمه، بل أصبحت تطرحه دول غربية حليفة للولايات المتحدة، ودول أخرى تقيم معها علاقات تجارية، من بينها كندا والصين، فضلاً عن الدول الخائفة من خطاب ترامب الاستفزازي الداعي إلى إغلاق الحدود وإقامة الأسوار، مثلما يهدد جارة أميركا الجنوبية، المكسيك.

أما حصة العالم الإسلامي من خطاب ترامب العنصري، فهي حصة لا يستهان بها. حدود الولايات المتحدة في عهد ترامب ستكون مغلقة في وجه المسلمين، وليس مستبعداً أن يشمل قرار عنصري كهذا المسلمين الذين يعيشون في الولايات المتحدة، بمن فيهم ربما أولئك الذين حصلوا على جنسيتها. وإذا كانت القرارات المتعلقة بالداخل الأميركي محكومة تقليدياً بالتوافق مع أجهزة الحكم القضائية والتشريعية، ولا يملك البيت الأبيض اليد الوحيدة للتحكم بها، فإن الخطر الأكبر على العالم، وخصوصاً على العرب والمسلمين، في ظل رئاسة ترامب، سوف يأتي من سياسته الخارجية.

ترامب يقول إنه سيدعم تنظيم «داعش» لإسقاط النظام السوري وتسلّم الحكم في دمشق! وسيعيد عشرات الآلاف من الجنود إلى العراق لإعادة احتلاله، بحجة أن الانسحاب الأميركي لم يساعد على حل مشاكله. وسيأمر بقصف المنشآت النووية في كوريا الشمالية، إضافة إلى تهديدات كثيرة أخرى مشابهة.

ظهور دونالد ترامب على شاشات التلفزيون كل مساء خلال الحملة الرئاسية الأميركية قد يكون مثيراً للضحك أو للسخرية، كمن يتابع مسلسلاً كوميدياً. ونكاد ننسى في غمرة حفلة الضحك هذه، أننا أمام أمر خطير، فهذا الرجل يمكن بعد أقل من سنة، أن يمسك مقدرات الحرب والسلام في العالم، وأن يدفعنا جميعاً إلى كارثة، نتيجة جهله وقلة خبرته وقصر نظره.

في كتاب مفتوح وجّهه عدد كبير من الخبراء والمسؤولين الأميركيين السابقين في مجال السياسة الخارجية، اعتبر هؤلاء أن من واجبهم أن ينصحوا الأميركيين بمخاطر وصول ترامب إلى البيت الأبيض. بصراحة قالوا: «تصريحات ترامب تجعلنا نستنتج أنه سيستخدم السلطة التي يمنحه إياها هذا المنصب لاتخاذ قرارات تجعل أميركا أقل أمناً». وكان يمكن أن يضيفوا أنها تجعل العالم كله أقل أمناً.

لقد علمتنا تجارب التاريخ أن شعوباً ذكية كثيرة انحدرت إلى هاوية الخيارات السيئة وأخذت معها العالم إلى كوارث. وفي البال طبعاً أدولف هتلر، الذي لا يتورع دونالد ترامب عن التشبه برفيق له هو بنيتو موسوليني، ذلك المهرج الآخر وزير النساء، الذي انتهت جثته محروقة في وسط مدينة ميلانو وهي معلقة رأساً على عقب!