على ما درجت عليه عادة زيارة الموفد الدولي إلى بيروت، منذ تربع الشغور على عرش رئاسة الجمهورية، مع خروج الرئيس ميشال عون من بعبدا، انتهت جولة الموفد الفرنسي إلى مؤشرات متضاربة، لعل أبرزها اعلانه دعمه لمبادرة “ابو مصطفى”. فهل جاء لودريان يسوّق لمبادرته الحوارية ام لمبادرة رئيس المجلس؟ والا يدل ما قاله على ان مبادرته انتهت، وانه صار مهتما بدعم مبادرة رئيس مجلس النواب؟
وبينما كان الموفد الفرنسي يتنقل بين المقرات، كان مخيم عين الحلوة “هبة سخنة هبة باردة”، ان دلت على شيء، فهو أن هناك أكثر من قرار داخل المخيم وهناك أكثر من تأثير وغطاء اقليمي بأدوات داخلية للمجموعات المسلحة المطلوبة والخارجة عن القانون داخل المخيم، رغم اتخاذه احيانا ايضا صفة رسمية لبنانية.
هذا الواقع دفع بمصادر مواكبة للملف الفلسطيني والاتصالات التي يشهدها إلى التأكيد أن حركة فتح، التي “حشرت” في الزاوية، تسعى إلى تحقيق مجموعة من الأهداف من خلال اصرار فريق كبير داخلها على رفع سقف مطالبه، ابرزها:
– إعادة التوازن الذي انكسر عقب الجولة السابقة، وما خلفه من انعكاسات على الروح المعنوية عناصرها، والذي وصل حدود الاقتتال بين عناصر الحركة، الذين انقسموا على خلفية كيفية التعامل والرد على اغتيال قائد الأمن الوطني.
– محاولة تأجيل قيام اي حركة تمرد او انتفاضة داخل صفوف الحركة، خصوصا في ظل الخلافات التي تعصف بقيادة السلطة الفلسطينية بين الجناحين السياسي والعسكري في رام الله، على خلفية خلافة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والازمة المالية التي تعاني منها السلطة.
– محاولة قيادة منظمة التحرير في لبنان إعادة الحركات الإسلامية إلى حجمها السابق لاندلاع “الربيع العربي”، والتوازن الذي قلبه دخول اللاجئين الفلسطينيين من مخيمات سوريا الموالين غالبيتهم العظمى إلى حماس والجهاد.
وكشفت المصادر ان الجيش اللبناني لم يتدخل حتى الساعة في الاشتباكات الجارية، الا انه أبلغ المعنيين، انه في حال تعرض مراكز للاعتداء او تعرض أمن مدينة صيدا للاهتزاز، فان الجيش سيكون ملزما بالرد والدفاع عن عسكرييه وعن المواطنين، علما ان موقف الدولة اللبنانية الرسمي هو في التعاون مع السلطة الفلسطينية الممثل الرسمي للشعب الفلسطيني، كما أنها ترى في الجماعات المسلحة الإسلامية مجموعات إرهابية، وبالتالي فهي ضدها.
واشارت المصادر إلى أن الأمور بلغت حدا يوجب على الشعب الفلسطيني ان يحسم خياراته، ففي حال أراد تكرار تجارب النكبة ونهر البارد والمخيمات السورية، والا فان الوقت قد حان لتطهير المخيمات من الخارجين عن القانون والذين يقودون الشعب الفلسطيني نحو كارثة جديدة، وهو امر سمعه اساسا كل المسؤولين الفلسطينيين الذين يزورون لبنان.
وختمت المصادر بأن طرفي النزاع يدركان ان لا مصلحة لاحد راهنا بكسر التوازن الموجود، ولذلك، فإن ما يجري لن يتخطى عمليات مناوشة على خطوط التماس المرسومة بين الأطراف، التي يحاول كل منها زج الجيش واستدراجه إلى المعركة، وهو ما استدركته قيادة الجيش، بداية في بيانها التحذير العالي اللهجة والحزم، وثانيا عبر الرد السريع على مصادر إطلاق النار التي استهدفت مواقعه ايا كان مطلقها، رغم ان المعطيات العسكرية ترجح فرضية الخطأ، ذلك أن مواقع الجيش التي اصيبت تشرف على مخازن سلاح حركة فتح في جبل الحليب، والتي كانت الهدف اساسا.