إزاء توالي جلسات حكومة تصريف الأعمال، ووضع أكثر من عنوان ملحّ على الطاولة، وإقرار سلسلة خطوات تتعلق بالملفات الساخنة كالنزوح السوري غير الشرعي والإشتباكات في عين الحلوة أو الملفات المالية، يرى النائب السابق علي درويش، أن الحكومة تتحرك وفق هامش تصريف الأعمال، وتقارب ملفات مصيرية من زاوية “العمل وفق الممكن”، سواء في الملفات المطروحة أمامها كموجة النزوح السوري الجديدة أو اشتباكات مخيم عين الحلوة، أو في الملفات المتعلقة بالموازنة التي أقرتها بالأمس.
ويؤكد درويش لـ”الديار” أنه “منذ فترة طويلة لم يسبق أن قامت الحكومة بإقرار موازنة في موعدها، وهو ما يعتبر مؤشراً جيداً، علماً أن القرارات التي اتخذت على سبيل المثال في ملف النزوح السوري، أتت ضمن إمكانات الحكومة على مواجهة هذا النزوح، وهو ملف شائك ومعقد، وهناك صعوبة كبيرة في معالجته في ظل الأوضاع التي يواجهها لبنان، وبالتالي فإن ما قامت به حكومة تصريف الأعمال هو أقصى ما يمكن الوصول إليه في هذه المرحلة، ووفق ما تملك من قدرات ووسائل للوقوف بوجه هذا الخطر الوجودي على لبنان”.
ومن ضمن هذا السياق، يجد أن “ما قامت به الحكومة بالنسبة لملف مخيم عين الحلوة، إنطلاقاً من هامش التدخل الضيّق أمامها، وعبر تحركاتها واتصالاتها ومداولاتها مع القادة الأمنيين، قد كشفت عن وجود رغبة معينة بوضع الملف على السكة الصحيحة للمعالجة وإعادة الهدوء إلى المخيم، وعندها ستذهب الأمور نحو الإستقرار، ولكن في حال دخلت عوامل خارجية ظاهرة وغير ظاهرة على الخط، فما من شك أن هذا الملف سيبقى متفجراً”.
وعن التباين داخل الوزراء في حكومة تصريف الأعمال حول النزوح السوري غير الشرعي، يتحدث درويش عن أنه “في المواقف والتصريحات الإعلامية، يؤكد جميع الوزراء على وجوب معالجة هذا الأمر بالطريقة الصحيحة ووضع حدٍ لهذا النزوح، ولكن من خلال الممارسة فإن البعض يتحمل مسؤوليته، بينما البعض الآخر لا يتحمل مسؤوليته، مع العلم أن المعالجة لا تتمّ إلا من خلال مجلس الوزراء، ولذلك عملياً وبعد تدارك الموضوع عبر تخصيص الجلسة الثانية للحكومة بعد تطيير نصاب الجلسة المخصصة للنزوح، كان خطوةً جيدة، حيث صدرت قرارات متقدمة على هذا الصعيد، سواء بالنسبة لإجراء مسح للسوريين الموجودين في لبنان، أو بالنسبة للقرارات على المستوى العسكري، كما على مستوى ملاحقة محفّزي هذه الهجرة والمهربين الذين يقومون بالإتجار بالبشر عبر ضفتي الحدود من خلال المعابر غير الشرعية، وفي حال تمّ تطبيق هذه القرارات، سيكون من الممكن الحد من وتيرة النزوح غير الشرعي”.
اضاف: “ولكن لا اعتقد أنه من الممكن الحد أو وقف النزوح السوري غير الشرعي، في حال استمر التباين السياسي حوله، وبقي البعض يُظهر غير ما يُضمر بالنسبة لملف النزوح، فإن هذا الوضع سيتفاقم وستخرج معالجته من أيدي اللبنانيين، إذا تأخرت المعالجات”.
وعن تركيز المعابر غير الشرعية على الحدود الشمالية، يقول إن “المهربين يستغلون أي منفذ حدودي وفي أي منطقة من أجل تهريب السوريين، فهم يرصدون كل الحدود ويستغلون أي ثغرة”.
وحول ما إذا كان ممكناً وضع حد لهذه الموجة الجديدة، يجزم درويش، بأن “لا معالجة جذرية ولا إمكانية اليوم إلاّ لمعالجة آنية، ولكن إذا اجتمعت الإرادة لدى كل الأفرقاء، فإن المعالجة ستكون أكثر فاعلية، بينما إذا بقي الموضوع على الأجندة السياسية لكل فريق، ولم تتمّ مقاربته بشكلٍ موضوعي، سيكون الملف مرشحاً للمزيد من التفاقم”.