وسط الانهماك اللبناني السياسي بالسلسة والموازنة وقانون الانتخابات، على وقع العمليات الامنية التي تنفذها الاجهزة المختصة في حربها ضد الخارجين عن القانون والمخلين بالامن وتجار المخدرات، ومع توجه الانظار الى القمة العربية التي يغادر الى الاردن رئيسا الجمهورية والحكومة لحضورها، اشتعلت جبهة عين الحلوة في وقت مريب طرح اكثر من علامة استفهام.
اللافت بحسب مصادر فلسطينية يبقى دخول سلاح القنص الذي فرض نفسه كنمط اساسي على صعيد الاشتباكات الدائرة منذ الجولة الماضية وهو ما يكرس خطوط التماس المرسومة ويعزز عمليات الاستنزاف المتبادلة خصوصا ان لا اسلحة مناسبة لدى القوة الامنية المشتركة لمواجهة هذه المعضلة، مع اتساع هذه العمليات لتشمل طريق الجنوب الدولية وسط الريبة من وجود «طابور خامس» يسعى الى استدراج الجيش اللبناني للرد على مصادر القنص التي تطال خارج المخيم ،علما ان تقارير امنية فلسطينية تحدثت عن دخول سلاح «نوعي» المعركة مع نشر مدافع هاون من عيار 60 ملم واسلحة متوسطة في مناطق سيطرة الاسلاميين،لافتة الى غزارة النيران التي يتم استخدامها من قبل الفريقين ما يعني في العلم العسكري وجود مخزون احتياطي من الذخائر لدى المجموعات المتقاتلة.
واذا كان ثمة قناعة بان الصراع على النفوذ بين الفصائل المتناحرة، من جهة، ورفض المجموعات المتطرفة تسليم المطلوبين للدولة اللبنانية، فان مصادر مطلعة على الملف ترى ان ما جرى خلال الساعات الماضية، هو رسالة واضحة موجهة الى الاجهزة الامنية اللبنانية والفصائل المتعاملة معها مفادها انه من غير المسموح للقوة الامنية تنفيذ اي من التعهدات التي قطعتها وان تمرير القبول بها شكلا لا يعني القبول اطلاقا بالدور الذي رسمته لها محادثات الرئيس الفلسطيني محمود عباس والتي انتهت الى وضع اطار واضح لآلية التنسيق المشترك بين الطرفين اللبناني والفلسطيني، كاشفة في هذا الاطار ان نقطة الضعف الاساسية تبقى في موقف «عصبة الانصار» التي لم تنجح في استعادة كامل ثقة المجموعات الاسلامية المتواجدة داخل المخيم والتي تتهمها بالتعامل مع الاجهزة الامنية اللبنانية وتسهيل بعض العمليات ، خصوصا انها الوحيدة القادرة على لجم الأمور وإحداث تغيير والتأثير على قرار الفصائل الإسلامية.
غير ان الاخطر في ظل غياب «المرجعية الموحدة» والقرار الحازم بالحسم مع تقدم معادلة الأمن بالتراضي، هو التساؤلات التي تطرحها الاوساط الفلسطينية، عما اذا كان ما يجري مجرد معركة داخلية لتثبيت نفوذ القوى داخل المخيم، أم انها «حرب مصغرة» بالوكالة، بعض جوانبها يتصل بالرقة السورية والقضاء على الإرهاب، وبعضه الآخر يتعلق بموازين القوى بين «فتح» ومعها فصائل «منظمة التحرير الفلسطينية»، وبين «حماس» ومعها «تحالف القوى الفلسطيني» وبين «التيار الإصلاحي» الذي يقوده في لبنان العميد محمود عيسى «اللينو» المدعوم من العقيد محمد دحلان العدو اللدود للرئيس الفلسطيني محمود عباس، ما يعني عمليا عودة القوى الاقليمية الى اللعب على الساحة اللبنانية وتحريك مجموعاتها في لبنان لتصفية حسابات ترتبط باحد اوجهها في عملية «تحجيم» حزب الله ومحاولات ضربه تزامنا مع محاولات تطويق ايران.
مصدر فلسطيني اكد ان «جماعة الشعبي» ترفض ان تقيم القوة المشتركة في مدرسة «الكفاح» في عين الحلوة وان تركز كاميرات او نقاط مراقبة ثابتة خوفا من كشف جماعته، وتسليمهم للدولة اللبنانية، مشيرا الى أن المشرف على فتح في لبنان عزام الاحمد موجود في لبنان ويتابع مع المسؤولين الفلسطينين والامنين اللبنانيين التطورات، على رغم ان زيارته كانت مقررة قبل الاشتباكات، كاشفا ان مخابرات الجيش تسلمت لائحة نهائية باسماء العناصر التي تتشكل منها القوة المشتركة في عين الحلوة للتدقيق فيها وغربلتها والتأكد من عدم تضمنها اسماء مطلوبة للقضاء اللبناني.
في ظل غياب أي معالجة جذرية للأسباب تبقى فرضية انهيار الاوضاع بشكل دراماتيكي قائمة، فيما لم تنجح كل الاصسس التي قامت عليها القوة الامنية المشتركة في حسم الامور، يبقى السؤال الأهم الى اين؟ وماذا بعد تراكم العجز عن انهاء تلك الظواهر الشاذة؟ خصوصا ان الاطراف الاسلامية تتهم «مندسين» بالوقوف وراء تلك الاشكالات المتكررة.