تقاطع بين السلطة و”اسرائيل” على العبث باستقرار المخيم.!
لا يمكن الحديث عن علامات استفهام او غموض يكتنف اهداف وتوقيت الاشتباكات الدموية في مخيم “عين الحلوة”، المخاوف حاضرة بقوة لان الاهداف واضحة هذه المرة. ما يحصل ليس فصل من صراع على النفوذ فقط داخل المخيم وخارجه، فهذه الاشتباكات لا تبدو منعزلة عن تطورات متسارعة في الاونة الاخيرة على الحدود الجنوبية بين المقاومة وقوات الاحتلال الاسرائيلي، التي فقدت الردع نهائيا باقرار كبار ضباطها العسكريين والامنيين، وليست بعيدة ايضا عن دور تلعبه ايضا السلطة الفلسطينية بالتنسيق مع الاجهزة الامنية “الاسرائيلية” لاستعادة هيبتها المفقودة امام فصائل المقاومة الفلسطينية.
ولهذا يمكن القول ان ما يحصل خطير للغاية ، خصوصا ان اللعب هذه المرة كان على المكشوف ، ويستهدف زعزعة امن لبنان ومحاولة الهاء المقاومة في معارك جانبية لا طائل منها. ولهذا تعد الاشتباكات اخطر من سابقاتها.!.
كل هذا يحصل في ظل”الكباش” بين الديبلوماسيتين اللبنانية و”الاسرائيلية”، مع اقتراب استحقاق التجديد لليونيفيل في آب الجاري، حيث يتحضر وزير الخارجية عبدالله بوحبيب للتوجه الى نيويورك مواكبة للاتصالات الدولية، التي تسبق هذه المحطة السنوية، وتكثّف دولة الاحتلال ضغوطها في محاولة لدفع مجلس الامن الى توسيع صلاحيات القوات الدولية الى الحدود القصوى، بعد ان خضعت هذه الصلاحيات لبعض التعديل والتوسيع بدفع اميركي، وتحاول الديبلوماسية اللبنانية اليوم اقناعَ مجلس الامن، باعادتها الى صيغتها الاولى الاصلية؟!
وفي هذا السياق، تشير اوساط معنية بهذا الملف الى ان فشل اجتماع الأمناء العامّين لفصائل المُقاومة الفِلسطينيّة، الذي انعقد يوم الأحد برعاية مصرية في منطقة العلمين المصرية كان متوقعا، لكن لا يمكن ربط ما يجري في مخيّم عين الحلوة بالنتائج السلبية لهذا اللقاء، لان ابعاد ما يحصل ابعد من ذلك، ربطا بزيارة مدير مخابرات السلطة الفلسطينية ماجد فرج الى بيروت قبل اسبوع، والتي مهدت لتلك الاحداث الدامية. وتشير تلك الاوساط الى ان السلطة الفلسطينية تملك اجندة واضحة تمت ترجمتها بعد المواجهة الاخيرة في جنين بين قوات الاحتلال الاسرائيلي وفصال المقاومة، وتعهد خلالها الرئيس الفِلسطيني محمود عبّاس بتطبيق خطة “توحيد البندقية” في مناطق السلطة، وهو يحاول تعميمها على مخيمات الشتات، وقد مهد اللواء فرج البدء بتطبيق هذه الاستراتيجية خلال زيارته الاخيرة الى لبنان.
وفي هذا السياق، تحدثت المعلومات ان احد اهداف زيارة اللواء فرج كان التنظير لاحتواء حركتي “حماس” “والجهاد”، وهو حاول التنسيق مع الاجهزة الامنية اللبنانية للقيام بذلك، وتعهد بان تقوم حركة فتح بجمع السلاح من المخيمات التي تسيطر عليها؟! لكن تم ابلغه صراحة انه لا يمكن للسلطة ان تنقل معركتها في الضفة الغربية، حيث يتنافس الطرفان على نابلس وجنين والخليل، الى مخيمات بيروت، “ونقطة على اول السطر”.. ولهذا طرحت “الشرارة” الاولى في اشتعال المعارك اكثر من علامة استفهام؟
تزامنا، “اسرائيل” حاضرة في احداث عين الحلوة بقوة من خلال قدرتها على تحريك بعض ادواتها المعروفة في المخيم، حيث بات القاصي والداني يدرك من هي الجهات المخترقة، ومن هم العناصر الذين يتحركون حين يطلب منهم ذلك، والاختراق موجود على ضفتي الفصائل الاسلامية المتشددة وحركة فتح. ووفقا لتلك الاوسط، لا يمكن التعامل مع ما يحصل من زاوية ضيقة ترتبط بصراع النفوذ على السلطة داخل “عين الحلوة” المقسم في الاصل الى احياء وشوارع، يترأس كل واحد منها “ديك” يتحكم بمصير شعب يظلم كل يوم منذ نكبته الاولى التي تتكرر كل يوم.
فـ “اسرائيل” معنية جدا بهز الاستقرار في نقطة حساسة للغاية ، وليس تفصيلا الحديث عن انفجار امني في “بوابة الجنوب” صيدا، التي تعتبر الشريان الحيوي الاهم لحزب الله، فزعزعة استِقرار لبنان وأمنه، انطلاقا من خاصرته الرخوة امنيا، يعوض “اسرائيل” تآكل الردع على الحدود، ويضع المقاومة امام معضلة صعبة للغاية، فهي لا يمكن ان تصمت طويلا على استمرار حالة الفلتان القائمة، ولن تدخل في صراع مباشر للحسم على الارض كما حصل سابقا مع التكفيريين على الحدود الشرقية، فالوضع معقد للغاية هنا، ولهذا يخطط “الاسرائيليون” لحرب استنزاف طويلة، ويرغبون بشدة ان يتورط بها الجيش اللبناني. لكن المهم بالنسبة اليهم ان تبقى الامور مشتعلة في منطقة مفصلية على الصعيد اللوجستي بالنسبة للمقاومة ، وهذا يخفف من نشاطها على الحدود الجنوبية ويؤدي الى استعادة الردع المفقود منذ مدة.
وقد ترجم ذلك على الصعيد الميداني من خلال محاولة استدراج الجيش الى المعركة، من خلال استهداف عدة مراكز وحواجز على أطرافِ المخيم، وقد حرصت قيادة الجيش على ابلاغ كل الاطراف بان تجاوز الخطوط الحمراء ممنوع، واي محاولة لتوريط المؤسسة العسكرية سيتم الرد عليه على نحو غير مسبوق وبطرق مختلفة، امنيا وعسكريا، لكن دون تكرار سيناريو نهر البارد عام 2007.
ووفقا لتلك المصادر، باتت السلطة الفلسطينية على اطلاع بالقرار المشترك لقيادة الجيش وكذلك المقاومة، بان العبث بالامن اللبناني “خط احمر” ولن يتم التساهل معه، واذا كانت ثمة تعهدات قدمت لـ “اسرائيل”، فهذا لا يمكن ان يترجم على الساحة اللبنانية، وستكون له تداعيات غير مسبوقة اذا لم تعود “الرؤوس الحامية” الى ارض الواقع.
ولهذا بات الجميع على بينة من قرار لبناني حاسم، مفاده انه لن يسمح للوضع في المخيمات بان يخرج عن السيطرة، وقد تم اتخاذ اجراءات في محيط وداخل باقي المخيمات، اما ما حصل في”عين الحلوة” فسيكون له ما بعده، بعدما اكتشف المعنيون وجود ثغرات امنية تحتاج الى معالجة ملحة، وقد بدأ العمل عليها بعد فترة من “الدلع”!