IMLebanon

اشتباكات تشعل عين الحلوة ومحاولات لاستدراج الجيش

 

مع تقدّم ساعات ليل أمس، كانت الاشتباكات بين فتح والإسلاميين في مخيم عين الحلوة تزداد حدّة. الاشتباك الذي بدأ بإطلاق نار فتحاوي على جند الشام، تحوّل إلى معركة بين الحركة وأعدائها التاريخيين. لكن من غير الواضح كيف ستنتهي الجولة؛ ليس ميدانياً على صعيد توزّع مراكز القوى فقط، إنما أيضاً استراتيجياً على صعيد سحب سلاح المخيمات.

 

الحصيلة المباشرة، نزوح عدد كبير من أهالي عين الحلوة وتضرّر أملاكهم ولا سيما خزانات المياه وألواح الطاقة الشمسية. وبعد 24 ساعة على بدء الاشتباك ليل السبت الماضي، لم يُسجل سقوط ضحايا من المقاتلين الإسلاميين. في المقابل وفي الجولة الأولى للمعركة، تم اصطياد قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في صيدا العميد أبو أشرف العرموشي وأربعة من مرافقيه في موقف عمومي للسيارات. العرموشي مقرب من رئيس الفرع المالي في فتح منذر حمزة والسفير الفلسطيني أشرف دبور المحسوبيْن بدورهما على رئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج. وبفقدانه، خسرت الحركة في عين الحلوة مرجعيتها ورأسها المدبّر، ما يثير غموضاً حول انضباط عناصرها والتزامهم بالتنسيق مع الدولة اللبنانية.

 

من دون سابق إنذار، قرّر محمد زبيدات الملقب بـ«الصومالي» الثأر لمقتل شقيقه العنصر في قوات الأمن الوطني الفلسطيني محمود زبيدات بداية آذار الماضي. ورغم تسليم المتهم بقتله، الإسلامي خالد علاء الدين، إلا أن «الصومالي» قرّر اصطياد ثلاثة من المحسوبين على تنظيم «جند الشام» أثناء مرورهم في حي الجميزة بعد عودتهم من السباحة داخل المخيم، ما أدى إلى مقتل عبد فرهود وجرح عيسى جمال حمد ومحمود خليل الملقّب بـ«أبو قتادة». وما إن انتشر خبر استهداف الثلاثة، حتى توحّد الإسلاميون خلف الدشم انطلاقاً من حي الطوارئ وأطراف حي الصفصاف، ودكّوا معاقل فتح، في استعادة لاشتباكات نسيها المخيم لأشهر طويلة. وعلى وقع الرصاص والقذائف الصاروخية قبل منتصف ليل السبت، أصدرت القوى الإسلامية بياناً أعلنت فيه أنها ستدفن فرهود بعد عصر الأحد. في المقابل، أصدر آل زبيدات بياناً اعتبروا فيه أنهم لم يأخذوا بثأر ابنهم محمود ولن يسلموا محمد. ساد الهدوء الحذر مع أعمال قنص صباح أمس. لكنّ المعركة بدأت جدياً ظهراً مع اغتيال العرموشي. ففي خطوة لافتة، قطع الإسلاميون برصاص القنص الطرق التي اعتاد العرموشي سلوكها للوصول إلى مقر الأمن الوطني في البراكسات. ورغم الاشتباكات، اختار العرموشي سلوك طريق “الكاراج” المجاور لحي بستان اليهودي والمشرف على مجمع المدارس الذي يسيطر عليه الإسلاميون. وفي كمين محكم، أصيب هو ومرافقوه الأربعة إصابات قاتلة على الفور.

 

خسارة العرموشي لم تُستتبع بخسارة ميدانية فتحاوية، برغم شراسة القتال وتركّز الأهداف لدى الإسلاميين. بقرار من قيادتهم، غادر عناصر الأمن الوطني مقرهم في حي الرأس الأحمر. وتركّزت تحركات المقاتلين في مقرَّي البراكسات وجبل الحليب. ومن الجبل، استهدفت فتح حي حطين، معقل الإسلاميين، ما زاد من حدة الاشتباكات مع ساعات المساء.

شظايا القذائف والرصاص العشوائي طاولت حواجز الجيش عند مداخل عين الحلوة في أوقات متفرقة، بداية مع الحاجز المؤدي إلى الشارع الفوقاني، ما أدّى إلى إصابة جندي بالرصاص. ثم سقطت قذيفة على الحاجز الواقع عند مدخل حي الطوارئ باتجاه الشارع التحتاني. ضباط في الجيش اللبناني اتصلوا بقيادات فلسطينية، معتبرين بأن «إصابة الحواجز ليست عشوائية بل متعمّدة». وفي بيان لقيادة الجيش، حذّرت من استهداف نقاطه، مهدّدة بالرد بالمثل على مصادر النيران. وعلى وقع تحليق مكثّف لطائرة استطلاع تابعة للجيش اللبناني فوق عين الحلوة وصيدا، وصلت قوة مؤلّلة من المغاوير إلى محيط المخيم.

 

وفي أول ردود الفعل على تحرك الجيش، تمّ توزيع بيان منسوب إلى «الشباب المسلم» ليلاً يعلن التزامه بوقف إطلاق النار، نافياً استهدافه مواقع الجيش، ومبدياً الحرص على «وقف الاشتباك والعودة إلى التهدئة والحفاظ على الأنفس والممتلكات». لكن ما يعيق ذلك هو «إصرار أتباع التنسيق الأمني الصهيوني على مواصلة مسلسل التدمير والتهجير وإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين التي عنوانها عين الحلوة وتدمير العلاقة مع الجوار بالاستهداف المتعمّد للمناطق المجاورة للمخيم».