تدحرجت الأحداث في مخيم عين الحلوة بنحو مريب، لتتخذ منحى دراماتيكياً يفتح الباب على كثير من الاسئلة المشروعة حول الأبعاد والاستهدافات.
شرارة الفصل الجديد من المواجهات العبثية في عين الحلوة أطلقها قبل أيام اغتيال شخص محسوب على الإسلاميين يدعى عبد فرهود، وتبع ذلك لاحقاً المكمن الذي تعرّض له القيادي في حركة «فتح» العميد أبو أشرف العرموشي وأربعة من مرافقيه، ما أدّى إلى مقتلهم جميعاً وبالتالي اندلاع جولة إضافية من الاشتباكات الدامية في أزقّة المخيم المقيم منذ عقود على صفيح ساخن.
ومع انّ هيئة العمل المشترك (تضمّ فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وقوى التحالف و»عصبة الأنصار» و»الحركة المجاهدة») تحرّكت فوراً لاحتواء تداعيات الحادثة الأولى على قاعدة تسليم القاتل، الاّ انّ الأمور ما لبثت ان أفلتت منها مع اغتيال العرموشي ومرافقيه، والذي بدا ردّ فعل على مقتل فرهود، علماً أن لا حركة «فتح» ولا أجهزة الدولة كشفت رسمياً حتى الآن هوية منفّذي المكمن في انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات.
وبينما تواصلت الاشتباكات امس داخل المخيم وأصابت شظاياها بعض مراكز الجيش والجوار اللبناني، دخل الثنائي حركة «أمل» و»حزب الله» بقوة على خط المعالجة، وكثّف اتصالاته بالفصائل الفلسطينية التي أعلنت بدورها عن الاستنفار السياسي لتطويق النيران قبل أن تتأجّج وتتمدّد، خصوصاً بعد تلقّيها تحذيرات من خطورة الوضع ومن وجود أجندات مشبوهة تحاول التسلّل الى المخيم عبر خاصرته الأمنية الرخوة.
وعلمت «الجمهورية»، انّ اجتماعاً سيُعقد عند الثانية بعد ظهر اليوم لـ»هيئة العمل المشترك» في مقرّ السفارة الفلسطينية في بيروت وبرعاية السفير، لمناقشة سبل تثبيت التهدئة وتشكيل لجنة تحقيق في مقتل العرموشي ومرافقيه، على أن تتولّى هذه اللجنة تحديد المسؤوليات وتسليم القتلة الى السلطة اللبنانية.
وتؤكّد مصادر فلسطينية واسعة الاطلاع لـ»الجمهورية»، انّ عمليات الاغتيال والاغتيال المضاد التي حصلت اخيراً في عين الحلوة، تحرّض على طرح علامات استفهام في شأن ظروفها وتوقيتها، مشدّدة على انّ قتل العرموشي ومرافقيه ليس استهدافاً لحركة «فتح» فقط بل لجميع الفصائل الفلسطينية.
وتلفت المصادر إلى أنّ هناك حرصاً لدى كل الفصائل على إنهاء المواجهة المستجدة سريعاً، بغية منع تفاقمها وحصر أضرارها على كل المستويات، معتبرة انّ ما جرى مسيء لجميع القوى الفلسطينية «إذ من غير الجائز ولا اللائق ان يحصل هذا التقاتل الداخلي في عين الحلوة بينما الفلسطينيون يخوضون كل أشكال المقاومة ضدّ الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، وفيما الأمناء العامون للفصائل يجتمعون في مصر سعياً الى إنهاء الانقسامات وتعزيز الوحدة الفلسطينية».
وتكشف المصادر انّ «جهات لبنانية وأخرى خارجية صديقة، نبّهتنا الى مخاطر الإنفلات الأمني في عين الحلوة والى احتمال استغلاله لتنفيذ أجندات مريبة وموجّهة ضدّ لبنان واللاجئين الفلسطينيين، وللضغط في اتجاه فرض وقائع معيّنة».
وتعتبر المصادر انّه «حتى لو لم تكن بدايات هذه الجولة من الاقتتال مخطّطاً لها بالكامل، الّا انّ الأكيد هو انّ هناك من سيحاول استثمارها لخدمة مصالحه على حساب الدولة اللبنانية والمخيمات الفلسطينية، ولذلك المطلوب عدم التأخّر بتاتاً في تجفيف ينابيع التوتر والفتنة، تفادياً للوقوع في الأفخاخ المنصوبة».
وتستغرب المصادر ان «يعمد بعض الاصوات الى استغلال الواقع الميداني، الطارئ والمرفوض، من أجل معاودة المطالبة بنزع السلاح الفلسطيني في المخيمات»، مشدّدة على انّ «السلطات الرسمية لم تفاتحنا في هذا الأمر، وهو ليس مطروحاً على بساط البحث». ولكنها تشير في الوقت نفسه الى وجود تعاون وتجاوب مع الجيش ومخابراته لضبط الموقف عند وقوع أي خلل ميداني ومحاسبة المُخلّين بالأمن والاستقرار.