Site icon IMLebanon

عين الحلوة تردّ على اجتماع العلميْن

 

 

كالعادة لم يتغيّر الحال على الفلسطينيّين ولا على مخيّماتهم في لبنان، كلّما خرجت صورة اجتماع اتّفاق أو توافق بين فصائلهم الكثيرة في مكان ما في العالم العربي انفجر الوضع في مخيّم عين الحلوة ودفع الأبرياء من الفلسطينيّين واللبنانيّين أثمان فرض الانقسام والقتال عليهم والرّاغب بهذا الانقسام منذ العام 2008 هي إيران فهي الحاضنة والممولة لكلّ الفصائل التي تنفّذ أجندتها سواءً في غزّة أو في لبنان، مشهد الاقتتال الدموي الذي يندلع فجأة وتنفيذ الاغتيالات وتوجيه الرسائل السياسيّة مذيّلة بالدمّ ليس بجديد على المشهد اللبناني الذي يعرف أنّ هذه المخيّمات هي عبارة عن صندوق بريد على الأرض اللبنانيّة التي آن الوقت لتستريح من هذا العبء المسلّح الثّقيل الخارج عن سيطرة الدّولة اللبنانيّة والجيش اللبناني!

خرج المشهد من مصر فردّوا في لبنان، دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس يوم الأحد الماضي في ما سُمّي “اجتماع المصالحة الوطنية” المنعقد في مصر إلى المصارحة، مؤكداً أن انقلاب 2007 بغزة أوقع الفلسطينيين في نكبة جديدة، وطالب بإنهاء الانقسام والتأكيد على أن منظمة التحرير هي الممثل الوحيد للشعب، وأنّ المقاومة الشعبية السلمية هي الأسلوب الأمثل لمواصلة النضال، مطالباً بإجراء الانتخابات بأقرب وقت شرط مشاركة القدس الشرقية”، سريعاً جاء الردّ من لبنان، فصيل جند الشّام السلفي النّاشىء عام 2010 وهو من فصائل “غب الطلب” وعلى رأسهم حماس نفّذ عمليّة اغتيال ضدّ حركة فتح التابعة لمحمود عباس رئيس السلطة الفلسطينيّة وعلى اجتماع المصالحة والمصارحة الذي انعقد في العلمين برعاية الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي الذي استقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس يوم الإثنين الماضي مشجعاً على المصالحة والوحدة الفلسطينيّة!

المشهد ذكّرنا بصورة اتفاق إنشاء حكومة وحدة وطنية فلسطينيّة العام 2007 في مكّة المكرّمة بين محمود عباس عن فتح اسماعيل هنيّة وخالد مشعل عن حماس ـ يقول المطّلعون على مجرى الأمور آنذاك أنّ المملكة امتنعت عن تمويل خالد مشعل بالمال ضدّ السلطة الفلسطينيّة بعد تقدّم حماس بطلب مساعدة بقيمة نصف مليار دولار من المملكة ـ برعاية الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز الذي لم تلبث حماس أن انقلبت عليه بتعليمات إيرانية بعدما تولّت طهران تمويل حماس بالسلاح وبمليار دولار أميركي شريطة تنفيذ الانقلاب على اتفاق مكّة وطرد حركة فتح من غزّة وهكذا كان ذات يوم جمعة من شهر حزيران العام 2007!!

وأيضاً، ليس المشهد بجديد إذا عدنا إلى الانشقاق الفلسطيني الذي سمّي حينها بـ”فتح الانتفاضة” عام 1983 وكان برعاية وتعليمات سوريّة وقاده نائب قائد قوات العاصفة أبو صالح والعقيدان أبو موسى وأبو خالد العملة، وأدّى هذا الانشقاق إلى نشوب معارك في البقاع وطرابلس ضد الموالين لياسر عرفات فيما عرف يومها بتهمة “العرفاتيّة” التي ابتدعها النّظام السّوري، وللمفارقة انتقل الصراع بعدها الذي تشاركت فيه فتح الانتفاضة وحركة أمل والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة ومنظمة الصاعقة في ما سمي بحرب المخيمات بين 1985 و1988!! فمن فتح الانتفاضة إلى جند الشّام يا قلبي لا تحزن، وقبلهما حروب فتح مع منظمتي الصاعقة السوريّة والجبهة الشعبيّة في زواريب بيروت التي عايشها اللبنانيّون منذ سبعينات القرن الماضي وحتى اليوم، هذا التقاتل والتشرذم بات فولكلوراً متعارف عليه في تراث المخيمات الفلسطينيّة، من يوم تشكّلت فصائل ومنظّمات كلُّ واحدة منها تتبع نظاماً على خلاف مع قيادة منظمة التحرير وحركة فتح المنظّمة الأم من سوريا إلى العراق إلى معمر القذافي، تتغيّر الأسماء ويبقى حال التقاتل الفلسطيني على ما هو عليه ويبقى لبنان والمخيمات الفلسطينيّة فيه صندوق بريد متفجّر، كان الله في عون لبنان على هذا الحمل الذي لم يعد يُطاق!