في الوقت الذي تنشغل فيه الساحة اللبنانية بالمواجهة المحتملة بين «حزب الله» وإسرائيل بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على موكب للحزب في القنيطرة السورية، تبدو التطوّرات الأمنية في مخيم عين الحلوة مرشّحة للإستقرار في المرحلة المقبلة، وذلك نتيجة للتدابير الخاصة المتّخذة في داخل ومحيط المخيم منذ تنامي الحديث عن تهديد إرهابي قد يتّخذ من عين الحلوة قاعدة للقيام بعمليات توتير أمني في أكثر من منطقة لبنانية.
وفي هذا المجال، فإن حال الإستنفار الشديد التي سُجّلت لدى قيادات الفصائل الفلسطينية على امتداد شوارع المخيم، قد ساهمت، وبحسب مصادر فلسطينية مطّلعة، في إيجاد معادلة خاصة قوامها التنسيق الفلسطيني ـ الفلسطيني من جهة، والتنسيق الأمني الفلسطيني ـ اللبناني من جهة أخرى. وأوضحت هذه المصادر أن إجراءات خاصة قد اتّخذت خلال الأسبوعين الماضيين، ونجحت حتى الساعة في ضبط الوضع الداخلي في عين الحلوة، وتحديد خطوط حمراء أمام أي جهة متواجدة فيه، أو لجأت إليه أخيراً، تحول دون تهديدها أمن المخيم، واستخدامه كوقود في الخطط الإرهابية المرسومة من قبل بعض الجهات المتطرّفة، وتحديداً المطلوبين للعدالة والمسؤولين عن اعتداءات عدة على مراكز الجيش اللبناني، كما عن عمليات تفجير استهدفت أكثر من منطقة خلال الأشهر الماضية. وأوضحت أن مسؤولي الفصائل الفلسطينية يتعاطون بجدية وبحزم مع كل ما يجري في شوارع المخيم، وخصوصاً مع ما تقوم به مجموعات ليست من «نسيج» المخيمات الفلسطينية، وتشكّل عنصراً طارئاً عليه، وتسعى إلى جعله رهينة على غرار ما حصل في مخيمات أخرى في لبنان، كما في سوريا.
وشدّدت المصادر الفلسطينية نفسها، على توافق كل المسؤولين المحليين على رفض زجّ مخيم عين الحلوة في أية فتنة، أو دفعه لأن يكون في مواجهة الأجهزة الأمنية اللبنانية تحت اي ذريعة، وبصرف النظر عن أي عدوان جانبي يكون بعيداً كل البعد عن تطلّعات الفلسطينيين وعن القضية المركزية، وهي الصراع مع العدو الإسرائيلي، لا سيما في ظل التطوّرات الأخيرة، حيث ارتفع منسوب الخطر الشديد من أي عدوان محتمل في جنوب لبنان، كما في الاراضي الفلسطينية المحتلة وفي الجولان. وأكدت بالتالي، أن الخطة الأمنية التي جرى التوافق عليها داخل المخيم، قد سلكت طريقها إلى التطبيق، وهي تركّز الآن على نوعين من التحرك، الأول على المستوى الداخلي في المخيم، وباتجاه كل القوى الإسلامية، والثاني على المستوى الخارجي باتجاه القيادات اللبنانية. وأضافت أن هدف التحرّك، هو عرض كل المعطيات «الأمنية» المتواجدة لدى قيادات المخيم، والبحث المشترك معها في كيفية التعاون بشكل فاعل يسمح بتفادي الوقوع في أي فخّ مرسوم للمخيم من خلال تحويله ملاذاً لأي جهات متطرّفة تضع في أولوياتها «أجندة» إقليمية وتطيح بالتالي بالأمن الفلسطيني والإستقرار اللبناني.
ومع إقرارها بخطورة الوضع فيما لو ساءت العلاقة ما بين المخيم والأجهزة الأمنية، كشفت المصادر الفلسطينية أن قيادات عين الحلوة ستباشر العمل على تسليم أي مطلوب لا ينتمي إلى النسيج الوطني الفلسطيني، وذلك من ضمن توجّه يقضي بتحييد مخيم عين الحلوة كما سائر المخيمات عن كل الصراعات الدائرة في المنطقة بالدرجة الأولى، وبالحفاظ على أمنه واستقراره ثانياً، وعلى العلاقة المستقرّة والمتعاونة مع الجوار اللبناني ثالثاً. وأضافت أن كافة الفصائل الفلسطينية، كما القيادة الفلسطينية المركزية تعمل على مواجهة محاولات التفجير الداخلية من خلال خطة خاصة يتم استكمالها كي لا يتورّط المخيم في الحرب الدائرة ضد الإرهاب أو في الصراعات الإقليمية المحيطة.