إذا كان لكل أسبوع عنوان، فإن الأسبوع الطالع تبدو سمته الاساسية امنية، عززتها الشائعات والتقارير الاعلامية عن اسابيع ستحمل معها رياح حوادث ساخنة، قد يكون مخيم عين الحلوة المتفجر «غب الطلب» في اجندة اقليمية باتت معروفة ومكشوفة احدى ساحاتها، ما دفع بقيادة الجيش، التي طالت عمادها شظايا الهجمات المتفرقة المشنة من هنا وهناك على خلفية الملف الرئاسي، الى الرد بحزم عبر موقف اعلامي شديد اللهجة ترافق مع تحركات ميدانية ،ان دلت على شيئ فعلى ان اليرزة «لا تمزح»، وهي على اتم الاستعداد للرد على اي خرق امني.
في ظل هذا المشهد المعقد لبنانيا، وعلى وقع خلط الاوراق الاقليمية، وفي حال صحت توقعات المنجمين، تبذل جهود امنية وقضائية لضبط ايقاع الملفات والحد من مفاعيلها التفجيرية، وفي مقدمتها محاولات حثيثة لإنهاء التوتر في مخيم عين الحلوة بعد الانتكاسة الاخيرة، عن طريق الإتصالات والتحرك على الارض الذي يقوده «الثنائي الشيعي»، وسط حركة تسلح لافتة وتموضع عسكري بين المتنازعين، ما يهدد بتحول اي احتكاك فردي الى انفجار الوضع على نطاق واسع، قد تطال نيرانه الجوار اللبناني، الذي دخل على خط المعالجات، مبلغا القيادات الفلسطينية بضرورة احتواء التوتر وترتيب البيت الداخلي الفلسطيني لمنع تفلت الوضع.
اللافت بحسب مصادر فلسطينية، يبقى دخول سلاح القنص الذي فرض نفسه كنمط اساسي على صعيد الاشتباكات الدائرة، وهو ما يكرس خطوط التماس المرسومة، ويعزز عمليات الاستنزاف المتبادلة، خصوصا مع اتساع هذه العمليات لتشمل طريق الجنوب الدولية، وسط الريبة من وجود «طابور خامس» قد يسعى الى استدراج الجيش اللبناني للرد على مصادر القنص التي تطال خارج المخيم .علما ان تقارير امنية فلسطينية تحدثت عن دخول المعركة سلاح «نوعي»، مع نشر مدافع هاون من عيار 60 ملم واسلحة متوسطة في مناطق سيطرة الاسلاميين، لافتة الى غزارة النيران التي يتم استخدامها من قبل الفريقين، ما يعني في العلم العسكري وجود مخزون احتياطي من الذخائر لدى المجموعات المتقاتلة.
واذا كان ثمة قناعة بان ما يجري صراع على النفوذ بين الفصائل المتناحرة، فان مصادر مطلعة على الملف ترى ان ما جرى خلال الساعات الماضية، هو رسالة واضحة موجهة الى الاجهزة الامنية اللبنانية، كاشفة في هذا الاطار ان نقطة الضعف الاساسية «التاريخية» كانت وما زالت في موقف «عصبة الانصار»، الوحيدة القادرة على لجم الأمور وإحداث تغيير والتأثير على قرار الفصائل الإسلامية.
غير ان الاخطر في ظل غياب «المرجعية الموحدة»، والقرار الحازم بالحسم مع تقدم معادلة الأمن بالتراضي، هو التساؤلات التي تطرحها الاوساط المتابعة، عما اذا كان ما يجري مجرد معركة داخلية لتثبيت نفوذ القوى داخل المخيم، أم انها «حرب مصغرة» بالوكالة، يتصل بعضها بموازين القوى بين «فتح» ومعها فصائل «منظمة التحرير الفلسطينية»، وبين «حماس» ومعها «تحالف القوى الفلسطيني» وبين «التيار الإصلاحي»، الذي يقوده في لبنان العميد محمود عيسى «اللينو» المدعوم من العقيد محمد دحلان، العدو اللدود للرئيس الفلسطيني محمود عباس، مع كل امتداداته الخليجية، ما يعني عمليا عودة القوى الاقليمية الى اللعب على الساحة اللبنانية، وتحريك مجموعاتها في لبنان لتصفية حساباتها، وهو ما المح اليه رئيس حكومة تصريف الاعمال في بيانه.
في ظل غياب أي معالجة جذرية للأسباب، تبقى فرضية انهيار الاوضاع بشكل دراماتيكي قائمة، ليبقى السؤال الأهم الى اين؟ وماذا بعد تراكم العجز عن انهاء تلك الظواهر الشاذة؟ خصوصا ان «الاطراف الاسلامية تتهم مندسين» بالوقوف وراء تلك الاشكالات المتكررة. وهل تعود حلقة الاغتيالات المفرغة والاتهامات المتبادلة من جديد؟ وهل يتجاوز الاقتتال حدود المخيم خدمة للاجندة السياسية الداخلية؟ وهل يكون عين الحلوة خشبة خلاص المتهيّبين من الانتخابات الرئاسية؟ ام ان المخيم دخل ساحة الصراع الاقليمي؟