على وقع التحضير للجولة الانتخابية الرابعة والاخيرة ،وقبل ان يجف حبر الجولات السابقة بما حملته صناديقها من مفاجآت وتداعيات ، كان ثمة من يروج في الصالونات اللبنانية عن اجواء رئاسية ايجابية مستندا الى مبادرة فرنسية تحظى بموافقة اميركية – روسية ومباركة كنسية فاتيكانية – بكركية، متحدثا عن فرج آب المقبل، بحسب ما اعلنه الوزير السابق وئام وهاب عن حتمية انتخاب العماد عون رئيسا في آب، هو الذي سبق و«اجهض» ورقة بكركي لولاية رئاسية انتقالية مدتها سنتان رشح لها رئيس تكتل التغيير والاصلاح.
صورة وردية لا تلبث ان تتراجع مع تواتر معلومات الى بيروت بحسب مصادر متابعة عن فرض الامارات عقوبات بحق احد وزراء الاصلاح والتغيير بسبب تمويله لنشاطات احد التيارات المتحالفة مع حزب الله، ليسبق ذلك الكلام الواضح السقف للامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي حدد فيه الاولويات باستمرار المواجهة في سوريا وتعزيز وجود الحزب هناك ،حيث صوت المعركة السورية لا يعلو عليه الفراغ الرئاسي اللبناني، فيما تحذر مراجع مطلعة من دخول البلاد في سجال عقيم لن يؤدي الى نتيجة، عنوانه «دجاجة الانتخابات النيابية ام بيضة الانتخابات الرئاسية، ما سيدفع بالمسيحيين الى اليأس في المرحلة المقبلة نتيجة غياب السلطة وتراجع حضورهم وبالتالي سيسلمون بأي رئيس .
ففي حين تبدو النداءات الخارجية في واد والقيادات اللبنانية في واد آخر، ومع تعليق الداخل الآمال على المسعى الفرنسي ، «صدمت بيروت باعلان الخارجية الفرنسية عن تأجيل زيارة الوزير جان مارك إيرولت المقررة إلى لبنان،الى 10 و 11 تموز المقبل، «بسبب ضغط في روزنامة العمل»، علما ان لقاءات ايرولت مع الاطراف المحليين كان يفترض ان تعرض للاستحقاق الرئاسي وتحمل دعوة الى حضور جلسات الانتخاب ووقف تعطيل نصابها، الى جانب التحضير لاجتماع مجموعة الدعم الدولي للبنان. فوفقا لمصادر دبلوماسية ثمة «اختلاف» في النظرة بين كل من واشنطن وباريس حول ترتيب بنود المبادرات، عززها تراجع بكركي عن موقف سابق كانت ابلغته بالواسطة الى المعنيين حول تقصير الولاية الرئاسية، في اطار «رزمة حل» وفقا لاقتراح رئيس مجلس النواب رفضته فرنسا بشكل قاطع لما قد يحمله من خطر على الصيغة والكيان اللبنانيين في حال انفلات الامور وعدم وفاء الاطراف بتعهداتها.
وتضيف المصادر ان موضوع الإنتخابات النيابية المبكرة دونه عقبات لا يستهان بها ترتبط بصعوبة تأمين توافق داخلي كامل عليه، كما بالشكوك التي تنتاب كثيرين حيال الضمانات المتصلة بأي إلتزامات يتم إعطاؤها في ما خص إجراء الإنتخابات الرئاسية بعد النيابية وعلى نحو فوري، وذلك في ضوء تجارب سابقة كان آخرها الإنقلاب على إلتزامات «إتفاق الدوحة»، لافتة إلى «أن مخاطر عدم الوفاء بالتعهدات هذه المرة يمكن ان يأخذ البلاد الى الفراغ القاتل، اذ تصبح الحكومة بعد الإنتخابات النيابية مستقيلة حكماً ولا إمكان لتشكيل بديل منها في ظل غياب رئيس للجمهورية».
في المقابل ، ارجعت اوساط سياسية لبنانية ،ارجاء الزيارة الى رغبة العاصمة الفرنسية باستكمال مشاوراتها الاقليمية بشان الملف اللبناني قبل الاقدام باتجاه الاطراف الداخلية، حيث ستستقبل باريس ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ووزير الخارجية الايرانية محمد جواد ظريف مطلع حزيران المقبل على ان يبنى على نتائج المحادثات التي سيجريها المسؤولون الفرنسيون مع كليهما ومع المشاركين في مؤتمر السلام الذي تستضيفه باريس في 3 و4 حزيران لحل الصراع العربي-الاسرائيلي والذي سيتيح للديبلوماسية الفرنسية الاضطلاع بدور مباشر في المساعي لاعادة تحريك المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين من جهة والدول العربية الاخرى في مرحلة لاحقة من جهة اخرى، حيث سيعقد ايرولت سلسلة اجتماعات عشية المؤتمر تشمل وزراء خارجية الدول الكبرى سيما الاميركي جون كيري ويشارك في اجتماعات تعقد للجنة الرباعية في جنيف واخرى في مجلس الامن الدولي، ومن الممكن ان يفسح المجال لايرولت اجراء المزيد من المشاورات مع نظرائه المعنيين ومنهم وزير الخارجية جبران باسيل الذي قد يكون مدعوا الى المشاركة في المؤتمر، بشأن الفراغ الرئاسي في لبنان.
في غضون ذلك تكشف الاوساط ان اتصالات تجري حاليا بعيدا عن الاضواء ، يحسم على اساسها مصير مبادرة الرئيس بري ، حيث تجري محاولات للحصول على توقيع الكتل النيابية على تعهد شرف مكتوب حول تنفيذ بنود المبادرة وفقا لترتيبها ، خلال جلسة الحوار المقبلة، علّه ان يصار فورا بعدها إلى فتح دورة استثنائية للمجلس، مضيفا أن تيّار «المستقبل» بات امام الخطوة الأخيرة لاعلان دعمه للمبادرة فور توفر الضمانات الاكيدة من أن نصاب انتخاب الرئيس سيكون ممكناً بعد إتمام سلسلة الخطوات .