ذات يوم، شكت الدكتورة نجلاء صبري حمادة من التدابير الأمنية المشددة التي تطاول جيران قصر عين التينة، وهي وأهل بيتها منهم، وقالت لأحد زائريها “والدي باع أرزاقه وصرف على زعامته ونبيه بري أصبح زعيماً من أموال غيره”. والسؤال المتأخر ثلاثة عقود… لماذا هناك قصر للرئاسة الثانية أسوة بالرئاسة الأولى ما دام مكتب “دولة الرئيس” ودوائر مجلس النواب تقع في مبنى البرلمان في ساحة النجمة؟
بموجب أي نص قانوني أو دستوري وأي فتوى شُيّد القصر مطلع التسعينات على عهد المغفور له الياس الهراوي؟
هل أراد الرئيس حسين الحسيني التأسيس لعرف جديد وتكريس موقع الرئاسة الثانية كموقع مساوٍ لرئاسة الجمهورية، حيث يعتبر قصر بعبدا سكنى رئيس الجمهورية طوال فترة ولايته والمقر الرسمي للرئيس ومكاتب القصر؟
أو أن الحسيني أرادها واحدة بواحدة. لرئيس الحكومة سراياه، ولنا قصرنا، علماً أن رؤساء الحكومة المتعاقبين منذ الاستقلال الأول، لم يؤثثوا أجنحة لعوائلهم في السراي الحكومي. وحده الرئيس فؤاد السنيورة، اختار هو ووزراؤه المبيت في السراي لأشهر كسجناء لأسباب يعرفها جيداً القاصي والداني والرئيس بري و”الحوزب”.
واللافت جغرافياً أن موقع قصر عين التينة لا يبعد كثيراً عن منزل الحسيني. بناه الحسيني وسكنه بري وعائلته في النصف الأول من التسعينات ولا يزال. في عين التينة يستقبل ويودّع ويتمتّع برغد العيش ويعقد اجتماعات لنواب كتلته ولقيادات حركة أمل. وعندما قامت القيامة على ضمّ المختبر المركزي الملاصق لقصر عين التينة، إلى القصر، قبل أكثر من عقد جاء رد المصادر المقرّبة من بري على هذا النحو:
“إن مقر الرئاسة الثانية مؤسسة حكومية تابعة للسلطة اللبنانية لا ملكية خاصة للرئيس بري فقد ارتأت رئاسة المجلس السير في مشروع الضم لإحالة مبنى المختبر الى قاعة اجتماعات ومكاتب ادارية”، ما دام الأمر كذلك، لماذا لم يخلِ بري مقر الرئاسة الثانية مع انتهاء ولايته كرئيس مجلس؟ وهو منذ 21 أيار لا صفة له سوى أنه رئيس للسن ورئيس سابق لمجلس النوّاب إلى أن يحين موعد انتخاب رئيس قديم/جديد يوم الثلاثاء المقبل.
وثمة تساؤلات تُطرح: بعد عمر طويل هل ستعود السيدة رنده بري إلى حي بربور الشعبي؟ أو تبتاع، مما ادّخره “الإستيذ”، بيتاً جديداً في حيّ راقٍ؟ وهل ستنقل حرم رئيس مجلس النواب السجّاجيد وقطع الكريستال والفضّيات والفرش والأدوات الكهربائية معها أو ستكون ملكاً للوافد الجديد إلى رئاسة المجلس النيابي؟ التساؤلات هذه عرضها أمامي زميل قديم ولا يسعني سوى تبنّيها.