لا زالت مسألة غضب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تتفاعل، خصوصاً بعدما تم تسريب توجّهه الى الإستقالة، ونفي هذا الخبر من قبل كل من عين التينة والسراي الحكومي، إلا أن المعلومات المتوافرة، ومن المعنيين والمتابعين لما حصل عن قرب، يؤكدون أن نقاشاً حاداً حصل بين رئيسي المجلس والحكومة نبيه بري ونجيب ميقاتي، عندما قال ميقاتي أنه لن يدخل في أي صفقة أو مقايضة، ولن يتدخّل في موضوع القضاء، وهذا بالنسبة إليه خط أحمر، فردّ بري وبلهجة قاسية قائلاً: «أن الإستقالات جاهزة»، ليخرج ميقاتي من مقرّ الرئاسة الثانية غاضباً. ولكن، ومن خلال الأجواء العليمة والمطّلعة على ما حصل لاحقاً، ثمة معلومات عن تدخّلات جرت على أعلى المستويات للتهدئة ووضع الأمور في نصابها الصحيح، وهذا الجهد قد جاء من عدة أطراف، وفي طليعتهم رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، الذي يرى أن استقالة الحكومة في هذه الظروف ستؤدي إلى كوارث خطيرة، وتحديداً على الصعيدين الإقتصادي والإجتماعي وحصول فوضى عارمة، وليس بقدرة أي طرف أن يتحمّل وزر ما قد يحدث في وقت لاحق، فتمنى على ميقاتي أن يصبر وتعالج الأمور.
ولهذه الغاية كان تواصل بين كليمنصو وعين التينة، ما أدّى إلى البيانات المتلاحقة إن من بري أو من ميقاتي لنفي كل ما تمّ تسريبه وإشاعة أجواء تخفّف من وطأة ما جرى، وكي لا يستغّل أي طرف أو جهات متضرّرة هذا الوضع، من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من الإنهيار في سعر العملة الوطنية، وعلى هذه الخلفية انتهت المسألة، على أن يجري البحث بصِيَغ جديدة ترضي جميع الأطراف،أي ترك الأمور قبل الأعياد إلى حين نضوج المساعي والإتصالات الهادفة لعودة الحكومة للإجتماع وإيجاد المخرج المناسب للملف القضائي، ومن ثم يبنى على الشيء مقتضاه.
وفي حين صدر القرار الحاسم من المجلس الدستوري بردّ الطعن المقدّم من تكتل «لبنان القوي» بالتعديلات الأخيرة على قانون الإنتخاب، وبالتالي، باتت هذه التعديلات نافذة، فإن المعلومات تشير إلى حالٍ من الترقّب لكيفية الردّ على قرارات المجلس الدستوري، التي لها صلة في النزاع السياسي القائم، وتكشف المعلومات، أن الخلافات الداخلية كانت وراء عدم التوصّل إلى إتفاق، وبالتالي، ردّ الطعن المذكور، مع العلم أن خمسة أعضاء كانوا قد اتفقوا على قبول هذا الطعن.
لكن هذا التطوّر، وكما تشــيرالمعلوماتالى انه لن يؤثر على محاولات إرساء مناخات التهدئة بعد التصعيد الأخير بين الرئاستين الثانية والثالثة، إضافة إلى أنه، ووفق آخر المعطيات، فإن الأمور لم تُحــسم بعد، وقد يحصل لقاء آخر بين الرؤساء عندما تهدأ النفوس وتنضج التسوية الجديدة، وحيث يصفها البعض بـ «المعدّلة»، ولم تتغيّر الثوابت الســياسية التي لا زال «الثنائي الشيعي» متمسّك بها، إنما المخارج تكمن في كيفية تدوير الزوايا بين رئاستي الجمهورية والحكومة و «الثنائي الشيعي»، ومن الطبيعي «التيار الوطني الحر».
ويبقى، ومن خلال الحراك المستمر، أن ثمة اتصالات قائمة على خط عين التينة ـ السراي ـ كليمنصو، على أن تُعقد جلسة لمجلس الوزراء قبل الأعياد، وتكون فقط للمسائل الإقتصادية والإجتماعية، ولكن حتى الآن، وفق ما ينقل عن مقرّبين من عين التينة، بأن بري يتمنى التوافق على كل الملفات الخلافية، وبعدها يعود مجلس الوزراء إلى الإنعقاد بشكل دوري وطبيعي، ودون ذلك لا مجال للمناورات السياسية وكسب الوقت، خصوصاً وأن البعض يستثمر في السياسة والشعبوية الإنتخابية، من خلال هذه الملفات، لا سيما الملف القضائي.