Site icon IMLebanon

«رسم المغادرة»: شركات الطيران تنصب 96 مليون دولار سنوياً

 

 

نحو 8 ملايين دولار أميركي تستوفيها شركات الطيران من المسافرين شهرياً بغير وجه حق. تأخذها من جيوبهم وتضعها في «جيبها» بدل رسم هو، في الأصل، من حق الدولة، وتحقّق أرباحاً غير مشروعة، مستغلّة قلّة دراية المسافرين من جهة وعجز الدولة من جهة أخرى. إذ إن القانون الرقم 90 (الصادر عام 1991) والمعدّل بموجب موازنة عام 2019 يفرض في المادة 62 «على المسافرين بطريق الجو على الرحلات التي تتعدّى مسافتها 900 كلم رسم خروج قدره 50 ألف ليرة عن كل مسافر من الدرجة السياحية و110 آلاف ليرة عن كل مسافر من درجة رجال الأعمال و150 ألفاً عن كل مسافر من الدرجة الأولى و300 ألف على كل مسافر على متن طائرة خاصة». إلا أن الشركات اختارت أن تحوّل الليرة إلى دولار. هكذا، باتت الخمسون ألفاً 33,33 دولاراً والـ 110 آلاف 73,33 دولاراً والـ 150 ألفاً 100 دولار والـ 300 ألف 200 دولار. لم تشكل عملة الدفع سابقاً أي أزمة، إذ كانت الليرة ثابتة أمام الدولار، وكان الدفع سيّان بالعملتين. إلا أن الأمور سرعان ما انقلبت بعد الأزمة المالية. إذ واصلت شركات الطيران تدفيع المسافرين رسم المغادرة بالدولار، وواصلت في الوقت نفسه تحويل الرسم الى الدولة بالليرة. وهذا، بحسب مصدر قضائي، يعدّ «جرماً جزائياً شائناً، ويقع في صلب الاحتيال سنداً إلى المادة 655 من قانون العقوبات»، وتصل عقوبته إلى «الغرامة والحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات (…)». وبإمكان الطرفين، المسافرين والدولة، أن يقاضيا شركات الطيران، سواء عبر تقدم المواطن بشكوى مباشرة أمام القضاء الجزائي بجرم الاحتيال عليه، أو عبر تقدم وزارة الأشغال العامة والنقل، الوصية على المطار، «بطلب إلى هيئة القضايا لتتقدم بشكوى ضد الشركات باسم الدولة اللبنانية».

 

وقد كانت هذه التجاوزات سبباً في سعي وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية للعمل على تعديل «الجدول الرقم 9» في موازنة عام 2019 والمتعلق بقيمة الرسوم والبدلات في المطار والمرافئ البحرية، وفي الإخبار الذي تقدّم به النائب حسن فضل الله قبل أيام إلى المدعي العام المالي، القاضي علي إبراهيم، «حول تجاوزات ترتكبها شركات الطيران في معرض تحصيلها بالدولار رسم الخروج المترتّب على كل مسافر وتسديدها في المقابل حصة زهيدة جداً للدولة بالليرة اللبنانية، الأمر الذي يحرم الخزينة من مداخيل كبيرة تقدّر بـ 8 ملايين دولار شهرياً، أي نحو 96 مليون دولار سنوياً».

 

فعل شركات الطيران يقع في صلب الاحتيال سنداً إلى المادة 655 من قانون العقوبات

 

 

فضل الله أكّد لـ«الأخبار» أن شركات الطيران ليست طرفاً مستفيداً وإنما هي هنا أشبه بوسيط، أو في أحسن الأحوال صندوق بريد «ليست مخوّلة تقاضي الرسم بالدولار في ظل هذا الظرف». ومن شأن هذا الوسيط، بحسب القانون، أن يتقاضى المبلغ «كما هو أو ما يعادله من المسافر وأن يرجعه للدولة اللبنانية، باعتباره حقها». ويلفت فضل الله إلى أن التجاوزات ليست حكراً على رسم المغادرة، إذ ثمة تجاوزات ترتكب في أكثر من مكان، في مرافق الدولة العامة، ومنها المطار والمرفأ. ولذلك، عمد وزير الأشعال العامة والنقل في موازنة عام 2022 إلى إعادة النظر في «الجدول الرقم 9» في ما يتعلّق بقيمة الرسوم والخدمات في مطار بيروت الدولي والمرافئ والأملاك العامة البحرية ورخص البناء وتذاكر الطيران، بما يضمن تحصيل ما بين «250 و300 مليون دولار للخزينة العامة دون المساس بحياة المواطن اليومية»، وفق تأكيدات حميّة.