قراء «الشرق» لم يفاجئهم ما يجري في المطار. فمنذ أسابيع وهذه الصحيفة تتناول الوضع غير الطبيعي في مطار الشهيد رفيق الحريري الدولي، وتحذّر من أن الأمور سائرة فيه من سيىء الى أسوأ! بل ذهبنا أبعد عندما حذرنا من الأخطر في المدرّجات وميدان استقرار الطائرات خشية اصطدام بين طائرة وسيارة تجتاز ذلك المكان من دون أي تنظيم أو تنسيق.
ونأمل أن يكون الإجتماع الموسّع الذي ترأسه رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، أمس، مدخلاً لحلّ حاسم للفوضى ضاربة الأطناب في هذا المرفق الحيوي الكبير الذي هو وجه لبنان على العالم قدر ما هو مورد مالي.
ولن نكرّر ما نشرته «الشرق» وما تضمنته هذه الزاوية بالذات، غير مرّة، من مقترحات لتحسين وضع المطار ووقف الفوضى، إنما نريد أن نقول إنّ ما جرى في الآونة الأخيرة، وفي مهلة زمنية محدودة جداً، لا يجوز أن يمر من دون مساءلة ومحاسبة. على ألا تكون النتيجة كما حدث في الثمانينات، في عهد الرئيس الشيخ أمين الجميل، عندما وقعت ما عرفت في حينه بـ«كارثة الثلوج» في منطقة ضهر البيدر، فكان أن دفع الثمن مدير عام وزارة الأشغال أنطوان الريس الذي وصفه المرحوم كمال جنبلاط بأنه أهم موظف كبير في الدولة والأكثر نشاطاً وإنتاجاً وآدمية وأخلاقاً.
وفي هذه المعمعة في المطار يطرح السؤال ذاته: أين «الهيئة الناظمة» للمطار؟ ولماذا لا يريدونها؟
أما الجواب فبدهي: لأن إنشاءها يلغي صلاحيات البعض ويقلّص صلاحيات آخرين الذين يتولون شؤوناً تنظيمية وإدارية في المطار… هكذا ببساطة جارحة. وهكذا بوقاحة فجّة.
في المطار وزارات وأجهزة أمنية:
هناك وزارة الأشغال العامة والنقل.
وهناك وزارة السياحة.
وهناك وزارة المالية (عبر الجمارك).
وهناك وزارة الداخلية (عبر الأمن العام، وأمن المطار كذلك).
إلاّ أنّ الإشراف على المطار في المجال التنظيمي هو، في معظمه، من شأن وزارة الأشغال العامة والنقل التي ليس لها دور أو إمرة على الأجهزة الأمنية.
ومن أسف أن وزراء الأشغال المتعاقبين من أطياف وأطراف لبنانية عديدة قد عارضوا إنشاء الهيئة الناظمة. وهذه حال لافتة!
فبدلاً من تبادل التهم في المسؤولية عن الفوضى في المطار، وأقله بدلاً من التنصل من المسؤولية ورميها من كل طرف على الآخر، فلماذا لا تنشأ «الهيئة الناظمة» لتكون المسؤولية موحّدة؟
فهل يجوز أن يحدث في أيام معدودة ثلاث حالات (ظاهرة) على الأقل، ناهيك بالمستور منها، من دون التوصل الى قرار حاسم؟ فقد حدث الإزدحام وسوء التصرّف والتصريف. وحدث، في آن معاً العطل في «المخيمات» فعانى العالقون في الإزدحام غرقاً في حرارة غير مسبوقة في المطار. وحدث مساء أول من أمس حتى عصر أمس العطل في مسار مراقبة الحقائب الذي ترتب عليه إلغاء رحلات وتأخير سواها و«شنطلة» الآلاف من المسافرين اللبنانيين والأجانب.
وبالتالي لن يقتصر السؤال عن المسؤول، بل يتعداه أيضاً الى: من يعوّض هؤلاء الأضرار الجسدية والنفسية (… وبالطبع المادية) التي تكبدّوها جراء ذلك؟!.
وإذا كان صحيحاً ما قاله وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس بأنّ مثل هذا يحصل في بلدان عديدة، وهو صحيح جزئياً. ولكن الأصح أن ذلك لا يحدث متزامناً مع سلسلة سلبيات أشرنا إليها آنفاً… وفي حال حصوله تترتب عليه نتائج وإجراءات!…