Site icon IMLebanon

مناشدات لـ«تدخّل القيادة السورية»! | الدولة للعكاريين: دبّروا راسكن!

 

 

يكاد يومٌ لا يمر، في محافظة عكار، من دون عمليات تشبيح وقتل وسرقة، فيما قطع الطرق من دون مبرّر صار «خبزاً يومياً» للأهالي، مع بروز ظواهر جديدة مثل فرض الخوات والسلب بقوة السلاح وسط غياب تام للقوى الأمنية.

 

منذ أشهر وأبناء عكار محرومون من السلع الأساسية. وكبقية اللبنانيين، يُذلون على محطات المحروقات لساعات في حال كانت إحداها في الخدمة، بعدما أُقفلت غالبيتها وفضّل أصحابها الجلوس في المنزل، ليس بسبب عدم توفر المازوت والبنزين فحسب، بل تفادياً لـ«الزعرنات». وحادثة مقتل الشاب غيث المصري بدم بارد، لرفضه تعبئة صهريج بنزين معدّ للتهريب، لن تمحى من أذهان العكاريين.

 

ليس الفقر والإهمال وغياب الإنماء أموراً طارئة على المحافظة الأكثر فقراً في كل لبنان. لكن عوامل عدة ساهمت في زيادة أوضاعها سوءاً، وتحديداً عقب انتفاضة 17 تشرين التي شكّلت مطية لقطع الطرق، وقُطعت خلالها طريق المحمرة – عكار التي تُعدّ بوابة المحافظة لثلاثة أشهر متواصلة، ما أدى الى عزلها عن عاصمة الشمال وباقي المناطق، وتحكم قطّاع الطرق برقاب العباد. اليوم، لا أدوية في عكار، ولا موادّ غذائية، ولا محروقات، بسبب أعمال التشبيح، والاعتداء على السائقين واعتراض الصهاريج، ما دفع الشركات إلى الطلب من أصحاب المحطات إما دفع كفالة مالية باهظة، أو تأمين صهاريج خاصة على مسؤوليتهم، وفي أغلب الأحيان تكون النتيجة تفريغ الحمولة أمام أعينهم من قبل قاطعي الطرق.

لم تنجح فاعليات عكار في إيجاد حلول، «فهم أضعف من اتخاذ موقف علني وجريء مما يجري في مناطقهم»، يقول الأهالي، و«في حال أُلقي القبض على أحدهم تبدأ وساطات رجال الدين لإخراجهم، وفي أغلب الأحيان يجري ذلك وسط إثارة الغرائز الطائفية والتحريض على هذا الجهاز الأمني أو ذاك».

الفلتان مسؤولية الدولة وأجهزتها الأمنية الغائبة تماماً عن منطقة تُعدّ «خزاناً» بشرياً للمؤسسات الأمنية، و«أي حديث عن تغطية سياسية هو لتبرير تقصير الأجهزة»، بحسب نائب عكار أسعد درغام. فيما يدعو رئيس بلدية البيرة محمد وهبي الجيش إلى «الضرب بيد من حديد لأن الأمور لم تعد تحتمل ونعيش وفق شريعة الغاب».

 

بحجة «ضبط التهريب» يستولي «ثوار» على صهاريج المازوت المتوجّهة إلى المنطقة

 

 

بحجة ضبط التهريب، تُسجّل عشرات الاعتداءات واعتراض الصهاريج على طريق المحمرة – ببنين، السهل، الحصنية، عرقا، حلبا. وصودر أول من أمس نحو 150 ألف ليتر من المازوت تكفي 35 بلدة لمدة ثلاثة أيام، ما «يدفع بالشركات للامتناع كلياً عن إرسال المحروقات إلى عكار»، بحسب مصادر مطلعة على تسليم المحروقات في الجمارك اللبنانية. ويوثّق المعتدون أعمالهم بالصوت والصورة ويطلقون على أنفسهم لقب «الثوار»، ما دفع مفتي عكار السابق الشيخ زيد بكار زكريا إلى إصدار بيان دعا فيه هؤلاء الى «قطع الطرق على من جوّعكم من المسؤولين الكبار وحاصروا قصورهم ومؤسساتهم، وإذا أردتم منع التهريب فامنعوه على الحدود».

«الجيش والقوى الأمنية غير قادرين على إيصال المحروقات الى عكار، ونطلب من القيادة السورية المساعدة»، موقف لافت لرئيس اتحاد بلديات الشفت رئيس بلدية منيارة أنطون عبود، ينتقد فيه ما يجري من فلتان أمني، مؤكداً أن «المشكلة ليست في نقص المحروقات لأن الكمية التي تُرسل إلى عكار من المنشآت والشركات الخاصة تكفي السوق، لكن المطلوب تأمين الطرق ووضع حد لأعمال التشبيح». فيما أطلق الناشط في الحراك المدني الشيخ حسن الأكومي «نداء» الى قيادة الجيش «من المحرومين والمحاصرين من الدواعش الجدد في البداوي والمحمرة… أنقذونا لأننا لم نعد نحتمل، خصوصاً عندما نرى عناصر الجيش عاجزين أمام هؤلاء الموتورين المتسلّطين على رقاب العباد في عكار». اليأس من إمكان تحرّك الأجهزة الأمنية دفع مختار بلدة ببنين محمد البستاني ومجموعة من الشبان الى اللجوء إلى «الأمن الذاتي» والنزول على الأرض لـ«ضمان عبور الصهاريج بأمان»، داعياً، فاعليات القرى الأخرى للقيام بالأمر عينه، «لأن الدولة غائبة، ولن نسمح بانتهاك حريتنا والمس بلقمة عيش أهلنا والتحكم بمصيرهم». وفي السياق نفسه، دعا مسؤول الحزب الشيوعي في عكار عصام يعقوب، إلى «إطلاق تحرك شعبي كبير وجدّي عبر الدعوه لمؤتمر شعبي جامع يعلن العصيان المدني وتشكيل لجان شعبية في القرى والبلدات لتدبير شؤون الناس من دون اعتبار لخطوط حمر سياسية وقانونية والقيام بإجراءات تخفف من معاناة الناس»، مؤكداً أن «الوضع في عكار لم يعد مقبولاً».