IMLebanon

استثمار شعبي وانتخابي في نكبة عكار وتصفية حسابات حكومية على دم الضحايا

 

 

لم يكن مشهد ١٤ آب في التليل العكارية بعيدا كثيرا عن مشهدية ٤ اب ٢٠١٩ بمأساويته ودمويته، فانفجار خزان وقود أحرق أجساد شباب عكار الباحثين عن ليترات بنزبن أقل حجما في أعداد الضحايا وحجمه الإنساني والكارثي، لكنه  بالتداعيات السياسية نفسها التي تركها انفجار ٤ آب والروحية ذاتها بانقسامات الطبقة السياسية وتبادلها الاتهامات ورفع المسؤولية والنأي بالنفس عن الدم المهدور.

 

اذا كان ٤ آب الذي أمضى سنويته الأولى أنهى علاقة «المستقبل» و»التيار الوطني الحر» التي لم تعد قائمة بالأساس مع اعتذار الحريري، الا ان انفجار عكار كرس انتقاله الى موقع الخصم اللدود للعهد، وليس مستغربا ان يدعو  الحريري الى رحيل رئيس الجمهورية  مقارنا بتغريدة «تويترية» بين جهنم الرابع والرابع عشر من آب.

 

ما قاله الحريري لم يكن أقل شأنا من بيانات ميرنا الشالوحي التي اتهمته بالغدر بأهله وتركهم يجوعون في عكار ، ودعوة باسيل  الى اعلان عكار منطقة عسكرية وحديث رئيس الجمهورية عن جماعات متشددة مما أزعج «المستقبل» الذي رد بعنف قائلا «عكار ليست قندهار».

 

ليست المرة الأولى التي يصل فيها التخاطب السياسي بين «التيار» و»المستقبل» الى هذا المستوى، اذ  وصل الى معدلات غير مسبوقة  في المرحلة التي سبقت اعتذار الحريري بالحديث في حينه عن النحر والنكد من قبل العهد، فمن المعروف ان الخطاب يعلو ويهبط وفق المزاج السياسي لأصحاب العلاقة وتقلب المسارات،  ووفق مصلحة كل طرف ووضعيته السياسية.

 

اطلاق النار من قبل «المستقبل» كما يقول المقربون من «التيار الوطني الحر» في هذا الوقت هو لنزع الشعبية عن تكليف ميقاتي مع اقتراب فكرة نجاحه في التأليف والتعاون مع رئيس الجمهورية حيث فشل هو، ويؤكد المقربون من التيار ان الحريري يسعى الى التجييش الطائفي للملمة ما جرى في عكار بعد ارتفاع الأصوات السنية  المنددة بتياره في بيئته بالدعوة لاقالة نواب المستقبل.

 

من دون شك فان حسابات «تيار المستقبل» اليوم في حال استطاع ميقاتي التأليف صارت مختلفة عنه، فالحريري ذاهب الى التحضير للانتخابات مما يستوجب تجهيز الأرضية الشعبية وشد العصب السني ، كما تعتبر مصادر سياسية ان رئيس «تيار المستقبل» يقوم بالتعبئة ضد العهد لتصحيح مسار علاقته بالمملكة السعودية تعويضا عن مرحلة طويلة من الانتكاسات بين بيت الوسط والمملكة.

 

يتهم العونيون  «تيار المستقبل» بمحاولة الانقلاب وتحميل العهد والتيار مسؤولية كل ما يحصل سواء ما جرى في عكار او ما يتصل بانهيار الوضع اللبناني وكأن الحريري لم يكن شريكا في السلطة معهم.

 

الصراع الدائر بين «التيار الوطني الحر» و»المستقبل» لم يكن خارج دائرة التوقعات، فكل المؤشرات السياسية دلت مؤخرا على استحالة انتظام العلاقة بعد اعتذار الحريري ، فالقاصي والداني يعرفون ان الخلاف بينهما صار  عميقا جدا  وانه ليس  معركة وزارة  او صلاحيات رئاسية او ثلثا معطلا، بل أبعد من ذلك بكثير كما تقول مصادر سياسية، وتتصل بسقوط التسوية وأزمة الثقة المفقودة بين الطرفين والتي ظهرت مع استقالة الحريري من الحكومة على اثر انتفاضة ١٧ تشرين وتركه العهد وحليف التسوية وحيدين في الساحة.

 

فالأمور وصلت الى مستوى اللاعودة ، ويسعى الحريري لاستقطاب التأييد الرسمي والشعبي السني له قبل أي خطوة، فيما يعتبر التيار  ان المواجهة  هدفها استنزاف  العهد والقضاء على ما تبقى من رصيده  وحرق أوراق النائب جبران باسيل لاحقا.