ما إن غادر وزير الحرب في كيان العدو يوآف غالانت أمس، ثكنة برانيت التابعة لجيش الاحتلال قرب الحدود مع لبنان، حتى استهدف صاروخ من نوع «بركان» مقر قيادة الفرقة 91 في الثكنة، وهي الفرقة التي كان غالانت قد تبجّح للتوّ بأنها «أبعدت حزب الله عن خطوط التماس مسافات كبيرة»، مهدّداً لبنان بـ«صيف حار»، ما دفع بمراسل «يديعوت أحرونوت» إلى التعليق: «نحن بحاجة إلى وزير دفاع لا إلى مذيع أرصاد جوية»، فيما أشارت قناة «كان» العبرية إلى أنه «بينما كان غالانت يطلق تهديداته، دمّر حزب الله اليوم (أمس) 4 منازل بالكامل في الشمال». كما عبّرت وسائل إعلام العدو عن «تعب» المستوطنين من وعود القادة السياسيين وتهديداتهم، ومن تكرار القادة العسكريين الحديث عن تدريبات وجهوزية بانتظار القرار السياسي، ومن وزراء يقومون بزيارات سرية خاطفة إلى الشمال لتفقّد الجنود ومن بقي من المستوطنين، وإطلاق مزيد من التهديدات والوعود.في المقابل، فإن حزب الله الذي «لم يختفِ» من المنطقة الحدودية وفق غالانت، ثابر خلال الأشهر الماضية على وتيرة تصاعدية في أدائه، وسجّل في الأيام القليلة الماضية تصعيداً كمياً ونوعياً، أقرّ به العدو مع ارتفاع وتيرة اعترافاته بسقوط إصابات بين جنوده، كما أقرّ به غالانت بالقول إن «للحرب تكاليف باهظة على إسرائيل ونسعى إلى عدم الوصول إليها».
وقد حوّل أداء المقاومة الجبهة المفتوحة مع لبنان، بحسب بعض التقديرات في كيان العدو، إلى جبهة رئيسية رغم أنها كانت ولا تزال جبهة إسناد، بالتزامن مع بدء العدو عملية رفح، ومع مساعٍ فرنسية وأميركية تحمل هواجس إسرائيل وتحوّلها إلى مطالب من لبنان لتهدئة الجبهة. لذلك، فإن الضغط الميداني للمقاومة يحمل رسالتين: الأولى، استمرار الجبهة اللبنانية مفتوحة إسناداً للمقاومة في غزة وفي وجه التهديدات الإسرائيلية، والثانية الردّ ميدانياً على محاولات تسويق المطالب الإسرائيلية بقالب تسووي.
وفي هذا الإطار، أشار المسؤول السابق في وحدة الـ504، المقدّم ماركو مورينو، في حديث للقناة 14، إلى أن «هناك شعوراً بتغيّر تكتيكات حزب الله ويمكن أن يحقّق ذلك تغييراً استراتيجياً»، لافتاً إلى أن الأيام الأخيرة شهدت «تكثيفاً لهجماته، وكل يوم تقريباً تقع إصابات في صفوف الجنود»، وهو متغيّر ينطوي على مؤشّرات ورسائل تتصل بمستقبل الوضع على الجبهة، ويفتح الباب أمام مروحة من الأسئلة، وما إذا كان هذا المسار سيتواصل وفق وتيرته الحالية، ما يعني تعاظم الضغوط الميدانية والسياسية على مؤسسة القرار السياسي والأمني، ويُسرِّع عملية اتخاذ القرار في اتجاه محدّد، على عكس السياسات التي اتّبعتها قيادة العدو في الفترة السابقة، وغلب عليها الجمع بين الدفاع والاحتواء والمبادرة المضبوطة.
في هذه الأجواء، برزت أصوات تتمتّع بقدر من الثقل يمثّلها الرئيس السابق للجنة الخارجية والأمن في الكنيست عوفر شيلح الذي رأى أن «على إسرائيل أن تختار أي انتصار سيحقّقه السنوار، فهو حتى لو مات فقد انتصر. كما عليها أن تختار أي هزيمة تريد: الصغرى في مواجهة السنوار، أم الكبرى في مواجهة محور المقاومة؟».
حوّلت المقاومة الجبهة اللبنانية إلى جبهة رئيسية رغم أنها كانت ولا تزال للإسناد
وتواصلت عمليات حزب الله النوعية بكثافة أمس، فأعلن في سلسلة بيانات استهداف مبنى يستخدمه جنود العدو في مستعمرة المطلة، ومبنيين مماثلين في مستعمرة شلومي، وآخر في مستعمرة المنارة، واثنين في مستعمرة حانيتا، واثنين آخرَين في مستعمرة أفيفيم، إضافة إلى استهداف مقر قيادة الفرقة 91 في ثكنة برانيت بصاروخ «بركان» وإصابته «إصابة مباشرة».
كذلك هاجم الحزب موقع الراهب بالصواريخ الموجّهة «بعد رصد ومتابعة لحركة جنود العدو الإسرائيلي في الموقع وعند دخولهم إلى دشمه». كما قصف التجهيزات التجسسية في الموقع. وبالمثل، «بعد رصد ومتابعة لحركة جنود العدو في موقع المالكية، ولدى دخولهم إلى إحدى دشمه استهدفها المقاومون بالصواريخ الموجّهة وأصابوها إصابة مباشرة». وبالتزامن، دكّ مقاتلو الحزب الموقع بقذائف المدفعية و«أوقعوا أفراد حاميته بين قتيل وجريح. كما استهدفوا تجهيزاته التجسسية ودمّروها».
وشنّ الحزب هجوماً جوياً بمُسيّرات انقضاضية على مقر قيادة اللواء الغربي المستحدث في يعرا، واستهدف موقع السماقة في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة، وإحدى المنظومات الفنية المستحدثة أخيراً في موقع العاصي بمحلّقة هجومية انقضاضيّة. كما قصف الحزب قوة لجنود العدو أثناء تحركها في محيط موقع راميا.
ونعى حزب الله الشهيدين حسن محمد إسماعيل من بلدة كفرفيلا في الجنوب ومصطفى علي عيسى من بلدة الدلّافة في البقاع الغربي، فيما نعت سرايا القدس – الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الشهداء محمود محمد بلاوني وأحمد محمد حلاوة ومحمد حسين جود من «كتيبة الشهيد علي الأسود – ساحة سوريا»، بعدما «ارتقوا على حدود فلسطين المحتلة في جنوب لبنان ضمن معركة طوفان الأقصى».