غسان سعود
ليس تفصيلاً أو حدثاً عادياً ما أقدم عليه الكرسي الرسولي أخيراً، وتُرجم لبنانياً يومَي السبت والأحد الماضيين.فهمُ ما حصل يستوجب العودة إلى عام 2011، عندما توّجت دوائر الفاتيكان سعيها لوقف النزيف المسيحي المشرقي بانتخاب مار بشارة بطرس الراعي بطريركاً. كان في اعتقاد الفاتيكان أن في وسع الراعي أن يكون بطريركاً لإنطاكيا وسائر المشرق، وأن تلعب الكنيسة المارونية معه الدور الذي تسوّقه لنفسها في الفاتيكان منذ عقود بوصفها الرافعة والضامنة لمسيحيي الشرق، لا مسيحيي «المدفون – كفرشيما» فقط، فتبذل أقصى جهدها لوقف الهجرة المسيحية من سوريا والعراق وفلسطين، وبدل التقاط الصور والتسويق للمصارف وتوزيع المناصب الفخرية، تستحدث لجاناً اقتصادية واجتماعية لإقامة مشاريع تبقي مسيحيي الشرق في أرضهم فيتوقف النزوح من الأرياف إلى المدن ومن المدن إلى الخارج.
سبقت انتخاب الراعي وتلته تدخلات فاتيكانية مباشرة في غالبية الرهبانيات والبطريركيات التي يمكن للكرسي الرسولي التدخل فيها. وإذا كان الهم المشرقيّ في الفاتيكان عام 2011 تركّز على كل ما أدى إليه الاحتلال الأميركي للعراق من تهجير خيالي لسريان الشرق وأشورييه وكلدانه، فقد ضاعفت الحرب السورية القلق الفاتيكاني بعد ما شهدته من هجرة مسيحية، فيما موارنة لبنان منشغلون بخلافاتهم ويواصل بعضهم الاستعلاء على سائر المسيحيين في المنطقة. كل ذلك ذهب بالزخم الذي رافق انتخاب الراعي بطريركاً عام 2011، من دون تحقيق المرتجى لأسباب كثيرة، بعضها يتحمّل الراعي مسؤوليته وغالبيتها خارجة عن سيطرته.
… إلى أن قرّر الكرسي الرسولي المبادرة مجدّداً عبر تعيين الأب ميشال جلخ أمين سر لـ«دائرة الكنائس الشرقية» في الفاتيكان المعني بكل الأمور «الكنسية والتنظيمية التي تتعلق بالكنائس الشرقية الكاثوليكية وأبرشياتها وأساقفتها والإكليروس والرهبان والراهبات والعلمانيين كافة»، كما جاء في بيان التكليف. وبالتالي، ما زال البطريرك الراعي أعلى من جلخ كنسياً، أما إدارياً فيتقدم الأخير على كل البطاركة الكاثوليك في الشرق بمن فيهم البطريرك الراعي، وتمتد سلطته «الكنسية والتنظيمية» من أرمينيا وأوكرانيا إلى الهند، مروراً بالقدس ولبنان وسوريا والعراق. بعبارة أخرى، هو أشبه برئيس مجلس إدارة لمؤسسة يضمّ أكثر من عشرين مديراً.
كالعادة، توقف كثيرون عند الحدث باعتبار أنها المرة الأولى التي يُعيّن فيها لبناني وماروني في هذا المركز منذ تأسيس هذه الدائرة عام 1917. غير أن المطّلعين يتوقّفون عند من عُيّن في هذا المركز، ليس من باب تواضع جلخ وخصاله الشخصية التي تخرج عن المألوف لجهة «عاديته»، وإنما لدور ومكانة الرهبنة الأنطونية التي ينطلق منها، وما راكمه من «تفاهمات» طوال سنوات عمله كأمين عام لمجلس كنائس الشرق الأوسط بين عامي 2013 و2018، وكمدير للجامعة الأنطونية، وما قاله بنفسه في احتفال سيامته رئيساً للأساقفة في بكركي، وما قاله رئيس الكنائس الشرقيّة في الفاتيكان الكاردينال كلاوديو غودجيروتي في احتفال الأنطونية أمس.
ففي كلمته، أمس، خلال قداس الشكر في مقر الرئاسة العامة للرهبانية الأنطونية في دير مار روكز في الدكوانة، رسم غودجيروتي بحزم وجزم خارطة طريق ليس للجلخ، وإنما لكنائس الشرق الكاثوليكية، سواء المارونية أو السريانية أو الأرمنية أو غيرها، عندما خاطب جلخ قائلاً: «انتقلت من كونك ابن الكنيسة الشرقية لتصبح أباً لهذه الكنيسة» بما يعنيه ذلك من التزام الكنائس الكاثوليكية الشرقية وفي مقدّمها الكنيسة المارونية واعترافها بهذه السلطة الأبوية المعنوية. بكلام آخر: من يمثل هذه الكنائس في الفاتيكان هو جلخ ولا أحد غيره، ولئلا يستمر التواصل بالفاتيكان من هنا وهناك، قال غودجيروتي بوضوح: «أنت – من دون أحد آخر – صوت الكنائس الشرقية الصارخ عند ملاكها الحارس خليفة بطرس (الكرسي الرسولي)»، و«تأتي من خارج أسوار الفاتيكان لتكون صوت الشرق عند البابا». هكذا يكون الفاتيكان قد جيّر الكثير من صلاحياته للجلخ حين وضعه في خانة الأب لكل الكنائس الكاثوليكية في الشرق، وحين أبلغ المعنيين أنه «صوت كنائس الشرق» في الفاتيكان، وبالتالي على من يريدون إيصال أي شيء إلى الكرسي الرسولي الاستعاضة عن الوسائل الجانبية المعتادة بالقناة الرسمية الوحيدة: الأب ميشال جلخ.
أما جلخ، فقد انتقل في كلمته، خلال رسمه في بكركي عصر السبت، من «العائلة التي علّمتني أن أحب الله، إلى الرهبانية التي علّمتني أن أحب رهبانيته، فإيطاليا التي علّمتني أن أحب الكنيسة الجامعة بتنوّعها والرهبانيّات الأخرى، فمجلس كنائس الشرق الأوسط الذي علّمني أن أحب الأرثوذكسيّ والإنجيليّ»، وأخيراً الجامعة الأنطونيّة التي عرفته وعلّمته أن «أحب وأخدم أخي الشيعيّ والسنِّيّ والدرزي. وفي خطاب جامع للأوجاع وغير مألوف، قال جلخ إن صلاته باتت مجبولة بصلاة «أخي الضعيف الأرثوذكسيّ في الحرب الروسيّة – الأوكرانيّة، وأخي الأرمنيّ المهجّر قسراً من ناغورنو – كراباخ، وأخي الأرثوذكسيّ الشرقيّ المستضعف في إريتريا وإثيوبيا، وأخي الكاثوليكيّ المقهور في سوريا، وأخي المسلم المشرّد والمقتول في غزّة». وهو لم يسع في أيّ من هذه إلى الوقوف على الحياد أو المساواة بين الجلاد – المحتل وضحاياه. وفي توسيع للآفاق أبعد من حدود الأحقاد التاريخية، قال جلخ: «كلّ قضيّة محِقّة تعنيني لأنّ المسيح يعنيني، وهو الحقّ والحقيقة والعدل والعدالة». وفي استفاضة هنا، تابع: «في أوكرانيا، كما في غزة وسوريا والعراق، وكما في كلّ الحروب، إنسانيّتنا هي التي على المحك. الإنسان الذي فينا لا يمكنه أن يغلق عينيه عمّا يدور حوله».
وفي ردّ غير مباشر على المنطق الاتكاليّ على الخارج الذي يستسهل تسوّل الحماية، قال جلخ إن خبرته علّمته أن «لا مفر من الاتكال على النفس». وأشار إلى أن هذه القضايا، لا تنسيه قضيّة وطنه الذي يمكن أن يتخطى أزمته وصعوباته «إذا تمتعنا بقليل من التواضع والتراجع عن تعنّتنا وأنانيّتنا حتى نجد مكاناً مشتركاً نلتقي فيه». وفي وقت تستعر النزعات الصدامية عند غالبية الأفرقاء المسيحيين، حدّد «أبو الكنائس الكاثوليكية في الشرق» و«صوتها في الفاتيكان»، ثلاث ضرورات لتجاوز لبنان لأزماته:
أولاً، التواضع. ثانياً، التراجع عن التعنت والأنانية (بعدما حوّل البعض العناد إلى فضيلة). ثالثاً، التفاهم مع الآخر. وهو ما ينسجم مع ما راكمته الرهبنة الأنطونية من عمل على الأرض، بعيد كل البعد عن ثقافة «يشبهنا ولا يشبهنا» و«مناطقكم ومناطقنا»، وغيرهما من الوصفات الانتحارية. وشدّد جلخ على أن هذا الوطن فريد بتكاتفه الإنساني وما يحضنه من هويات متنوّعة، ولا يمكن أن يتغنّى البعض بهذا التنوع تارة ويتذمر من خصوصيات الآخر الثقافية والدينية طوراً ويحوّلها إلى «فزّاعة»، متهماً من يدعو إلى احترام الهويات المتنوعة بالذمية أو التبعية أو غيرهما. وإذا كانت المناسبة لا تسمح بالاستفاضة، فإن المطّلعين عن كثب على أفكار جلخ يؤكدون أن المواقع التي سبق أن شغلها مكّنته من التعرف إلى الآخر بغالبية أطيافه، مدركاً أن مد الجسور أصعب بكثير من تهديمها، وهو لا يقارب الملفات بخلفية جامدة، وينفر فوراً من السلوكيات الميليشيوية، والأهم من هذا كله أن مارونيته أولاً ولبنانيته ثانياً لا تمنعانه من أن يكون مع «القضايا المحقّة والحقيقة والعدل والعدالة» أو أن «يغلق عينيه على ما يدور حوله»، مجارياً من يفترضون أنهم في جزيرة معزولة عن كل ما حولها.كلّ قضيّة محقّة تعنيني في أوكرانيا كما في غزة وسوريا والعراق، والإنسان الذي فينا لا يمكنه أن يغلق عينيه عمّا يدور حوله
عليه، فتح الكرسي الرسولي بتعيينه جلخ (الذي أخّرت بكركي مراسم سيامته بحجة تأمين أكبر حضور كنسي ممكن) صفحة جديدة من دون أي تكهنات بشأنها، خصوصاً أن عدد الملفات الإدارية والقانونية المتراكمة منذ سنوات في أروقة دائرته في الفاتيكان قد يشغله عن التحديات الأساسية إذا استسلم لوطأتها. وقد أشار الكاردينال غودجيروتي بطريقة غير مباشرة إلى أن مهمة جلخ في الفاتيكان ليست سهلة، حيث يتعيّن عليه الصراخ والتذكير بأن التأخير يعرّض حياة الناس في الشرق للخطر. وقال: «أزعجنا حين نتكاسل. وعندما نصبح حذرين، قل لنا إن إخوتك يموتون في لبنان وغزة وأوكرانيا وأرمينيا وسوريا».
مع ذلك، فإن التعيين بحد ذاته يؤكد أن الكرسي الرسولي ثابت في مقاربته: للبنان وموارنته دور مقدّر وأساسي، لكنهما لا يختزلان «مسيحيي الشرق» بعدما لامس الوجود في كل من سوريا والعراق وفلسطين النهايات، ولا يمكن الاستمرار في القول إن مسيحيي الشرق سيكونون بخير حين يكون موارنة لبنان بخير، إذ يمكن أن يكون العكس هو الصحيح. والأهم، وفق خطابات اليومين الماضيين والأحاديث الجانبية، هو المقاربة الشاملة وعدم التقوقع واعتبار العناد والأنانية فضائل واحترام التعددية: احترام الآخر الذي أطلب منه أن يحترمني، والاعتراف بخصوصياته قبل أن أطلب منه الاعتراف بخصوصياتي.
آباء لبنانيون
سبق للكرسي الرسولي أن استعان بكثير من الآباء اللبنانيين لتكليفهم بمهام إدارية حساسة، خصوصاً في السلك الدبلوماسي، أبرزهم:
– السفير البابوي إدمون فرحات الذي مثّل الكرسي الرسولي في الجزائر ثم ليبيا فسلوفينيا ومقدونيا وتركيا وتركمانستان وأخيراً النمسا بين عامي 2005 و2009. وقد حرص البابا فرنسيس على تعيينه واعظاً في كاتدرائية القدّيس بطرس التي يعتبرها الكاثوليك من أكثر المواقع قداسة في الفاتيكان والعالم.
– السفير البابوي بولس منجد الهاشم الذي مثّل الكرسي الرسولي في الكويت والبحرين وقطر والإمارات واليمن والسعودية. وهو متخصّص في الصحافة والعلاقات الدولية والعلوم الاجتماعية واللاهوت والقانون الكنسي، ويتقن العربية والفرنسية والإيطالية والإنكليزية والسريانية واللاتينية واليونانية والآرامية، وكان من أبرز أساتذة الشريعة الإسلامية في جامعة لاتران البابوية، ورئيس مكتب الشؤون العامة في أمانة الفاتيكان.
– السفير البابوي بول تابت الذي لعب دوراً رئيسياً بوصفه السفير البابوي في اليونان في المصالحة بين كنيستَي روما واليونان، ورتّب الزيارة التاريخية الأولى منذ الانشقاق الكنسي عام 1054، للبابا يوحنا بولس الثاني إلى أثينا عام 2001.
منصب خارج شبكات المصالح
يطلق الفاتيكان على الوزارات وصف الدوائر، وأبرزها «دائرة الكنائس الشرقية» التي تعزّزت صلاحياتها عام 2022 لجهة التدخل الإداري والمالي في شؤون البطريركيات والرهبانيات، وتحوّلت إلى صلة الوصل الرسمية بين الكنائس الكاثوليكية في الشرق والكرسي الرسولي، مع إعطائها صلاحية الاطّلاع على المرشحين للمهام الأسقفية (المطارنة) للتأكد من أهليتهم قبل انتخابهم أو تعيينهم. وتضم الدائرة أربعة مناصب أساسية هي: رئيس الدائرة الذي يُفترض أن يكون كاردينالاً، سكرتير الدائرة الذي يُفترض أن يكون مطراناً، ومساعدان يساعدهما عدد من الآباء، يتولى كل منهم مسؤولية ملف خاص بإحدى الكنائس الكاثوليكية الشرقية. وقد جرت العادة أن يكون السكرتير شرقياً حين يكون رئيس الدائرة غربياً، والعكس صحيح. فبعيد تقاعده، عُيّن بطريرك السريان الكاثوليك موسى داود رئيساً فخرياً للدائرة، ليعيّن السفير البابوي السابق في لبنان طونيو ماريا فاليو أميناً للسر. ولاحقاً عُيّن الكاردينال ليوناردو ساندري رئيساً بين عامي 2007 و2022، وعُيّن معه المطران سيريل فازيل أميناً للسر وهو أوكراني (تقع أوكرانيا ضمن الشرق). وبعد تعيين الكاردينال كلاوديو غودجيروتي رئيساً للدائرة عام 2022، تقرر أن يكون أمين السر الأب ميشال جلخ. وسبق أن عمل غودجيروتي في هذه الدائرة بين عامي 1985 و2001 حين كان جلخ أحد الآباء الذين يُكلفون بمتابعة ملف إحدى الكنائس، ونشأت بينهما صداقة استمرت حتى بعد تعيين غودجيروتي سفيراً للفاتيكان في بريطانيا وجلخ رئيساً للجامعة الأنطونية في لبنان. ولا شك في أن هذه الصداقة بما يتبعها من تفاهمات لعبت دوراً أساسياً في تعيين جلخ أميناً للسر من دون استشارة أحد من المسؤولين في الكنائس الكاثوليكية الشرقية، فيما كانت إحدى المرجعيات الأساسية تماطل في إعطائه موعداً حتى أيام قليلة قبل تعيينه، شاكية من عدم إعطاء غودجيروتي مواعيد لها (المرجعية) ولآخرين بعد تعيينه رئيساً لدائرة الكنائس الشرقية وتحويل مراجعيه إلى جلخ قبل تعيينه رسمياً. وهو ما يقود إلى أن غودجيروتي وجلخ يعرفان بعضهما جيداً، كما يعرفان جيداً جداً الدائرة التي يتوليان مسؤولياتها، بموازاة اطّلاع جلخ على أدق التفاصيل في ما يتعلق بالتحديات التي تواجه المسيحيين في لبنان والمنطقة، إلى جانب معرفته بالأشخاص. وهو قبل بلوغه الستين (مواليد 1966) وصل إلى ما لم يسبقه إليه أي لبنانيّ أو ماروني آخر، بما يسمح له بالتصرف على أساس من لا يريد شيئاً لنفسه، بما يؤمّنه له ذلك من استقلالية، إذ إنه لا يدين لأحد أيضاً غير البابا فرنسيس وصديقه غودجيروتي بتعيينه في هذا المنصب الذي لا يقيّده بأي شبكة من شبكات المصالح، ويسمح له بتحقيق الكثير للمجموعات المسيحية في المنطقة إذا وفّق بين تصوّره والقدرات الفاتيكانية.
أبرشية نصيبين
أن يكون شخص مسؤولاً عن كنائس الشرق الكاثوليكية بوصفه رئيساً للأساقفة في أبرشية سحقتها الأحداث هو تحدّ في حد ذاته. ففي موقعه الفخري كرئيس أساقفة نصيبين، يخلف المطران ميشال جلخ المطران بطرس جواد صفير الذي توفي عام 1974. ونصيبين أكبر من قرية وأصغر من بلدة عند الحدود التركية – السورية، بين نهرَي دجلة والفرات، من الجهة التركية المتاخمة للقامشلي السورية؛ هجرها معظم أهلها بين عامي 1914 و1918 هرباً من المجازر، مخلّفين أطلال كنائس سريانية فخمة وأديرة جميلة وكبيرة، أبرزها دير مار يعقوب الأثري الذي بناه مار يعقوب النصيبيني (325 م) وكان يعلّم فيه العلوم الفلسفية واللاهوتية والطبية والرياضيات وغيرها من العلوم الإنسانية، باللغتين السريانية واليونانية، وقد أصاب الدير – المدرسة شهرة إلى حد وصف المدينة في تلك المرحلة السريانية المزدهرة بـ«أم المعارف» و«أم المعلمين». وهو ما يعطي جلخ بتعيينه من قبل البابا فرنسيس مباشرة مطراناً فخرياً لتلك الأبرشية التي لم تعد موجودة رمزية كبيرة ومسؤولية معنوية ضخمة تجاه من لا يزال موجوداً على امتداد الخارطة الشرقية المزدحمة بالأسماء الآرامية والسريانية لمدن وقرى وبلدات غادرها أهلها على عجل لأسباب مختلفة وفي مراحل زمنية مختلفة أيضاً، في ظل الإصرار على تكرار التاريخ نفسه.