Site icon IMLebanon

الأخبار: رحلة إسرائيل في البحث عن «مخرج»: واشنطن لا تزال تفضّل استنفاد فرص «التسوية»

 

 

يبحث الأميركيون والإسرائيليون عن «صيغة» تتيح تحقيق «الهدوء»، نسبياً وتدريجياً على الأقل، في الجبهة الشمالية مع لبنان. ويعتقد الأميركيون أن استغلال انتهاء العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح، والتي يُتوقّع أن تنتهي في العشر الأواخر من الشهر المقبل في الحدّ الأقصى، يعني عملياً انتهاء المرحلة المكثّفة من الحرب في غزة، والانتقال إلى المرحلة الثالثة الأقلّ كثافة، ما يمهّد الطريق لتحقيق تراجع تدريجي في حدّة العمليات العسكرية عند الحدود اللبنانية ووتيرتها، كخطوة أولى تُبعد شبح «الحرب الكبرى»، وتفتح مساراً لتحقيق الهدوء الكامل لاحقاً. ورغم التحذيرات/ التهديدات التي نقلها الموفد الأميركي الخاص إلى لبنان، عاموس هوكشتين، في زيارته الأخيرة، من أن «حزب الله سيكون مخطئاً لو اعتقد أن الولايات المتحدة ستكون قادرة على منع إسرائيل من غزو لبنان، إذا واصل هجماته ضدها»، إلا أنه في الوقت عينه، أكّد أن «ما يريده الرئيس جو بايدن هو تجنّب المزيد من التصعيد وحرب أكبر». وأضاف: «سيكون من مصلحة الجميع إنهاء هذا الصراع الآن. ونعتقد أن هناك طريقاً دبلوماسياً للقيام بذلك، إذا وافق الطرفان على ذلك». وبحسب موقع «أكسيوس» الأميركي، فإن هوكشتين، أبلغ رئيس مجلس النواب نبيه بري بأن «على حزب الله التفاوض بشكل غير مباشر مع إسرائيل بدلاً من تصعيد التوترات»، طالباً منه أن ينقل التحذيرات إلى قيادة الحزب. ونقل «أكسيوس» عن دبلوماسي غربي أن «حزب الله وجّه رسائل إلى الولايات المتحدة بعد زيارة هوكشتين عبر أطراف ثالثة، قال فيها إنه رغم عدم رغبته في الحرب، إلا أنه واثق من قدرته على توجيه ضربات قوية إلى إسرائيل في حال قرّرت اجتياح لبنان». كما نقلت صحيفة «فايننشال تايمز» عن مسؤولين أميركيين أن واشنطن وجّهت «تحذيرات إلى حزب الله من أنها لن تستطيع منع إسرائيل من غزو لبنان إذا واصل هجومه». كما أشار هؤلاء إلى أن «إسرائيل وحزب الله أبلغا الولايات المتحدة أنهما لا يريدان حرباً شاملة».ترافق ذلك، مع نشر «الإعلام الحربي» التابع للمقاومة في لبنان، مقطع فيديو «الهدهد – 1»، الذي أظهر بوضوح تمكّن طائرات استطلاع تابعة للمقاومة من تصوير أهداف عسكرية وأمنية حساسة، إضافة إلى بنية تحتية حيوية، في شمال فلسطين وفي مدينة حيفا ومحيطها. وتبعه خطاب للأمين العام لـ«حزب الله»، السيد حسن نصرالله، حذّر فيه إسرائيل من ارتكاب خطأ حرب مع لبنان، مطلقاً رسائل في اتجاهات عدة، حول ما يمكن أن يكون عليه شكل الحرب هذه، ومدى تأثيراتها على الكيان والمنطقة والعالم. ثم نشر «الإعلام الحربي» مجدّداً مقطع فيديو تضمّن خرائط وإحداثيات لمواقع حسّاسة واستراتيجية في الكيان. وأتى كل ذلك في سياق تبادل رسائل التهديد والردع، والحرب النفسية والمعنوية، بين المقاومة والعدو.

يراهن الأميركيون والاسرائيليون على أن يؤدي انتهاء العملية المكثفة في رفح إلى هدوء على جبهة الشمال

 

وفي واشنطن، بحث وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، أمس، مع وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت التصعيد المستمرّ عند الجبهة الشمالية للكيان، وحمّل وزير الدفاع الأميركي حزب الله مسؤولية التصعيد، محذّراً من أن «استفزازاته تهدّد بجرّ الشعبين الإسرائيلي واللبناني إلى حرب كارثية (…) قد تتحوّل بسهولة إلى حرب إقليمية ذات عواقب وخيمة على الشرق الأوسط». وأكّد أوستن أن «الدبلوماسية هي السبيل الأفضل للحيلولة دون مزيد من التصعيد. لذلك نسعى بشكل عاجل للتوصّل إلى اتفاق دبلوماسي يُعيد الهدوء الدائم إلى الحدود الشمالية لإسرائيل». ‏في المقابل، أعرب غالانت عن عزم إسرائيل «على إرساء الأمن وتغيير الوقائع على الأرض عند الحدود الشمالية»، وأضاف: «نعمل معاً للتوصّل إلى اتفاق، ولكن يتعيّن أن نبحث أيضاً الجهوزية لكل سيناريو محتمل»، مشيراً إلى أن «الوقت ينفد أمام الخيار الدبلوماسي في التعامل مع حزب الله». وقال المتحدث باسم «البنتاغون» إنه «ما من رابح من اتساع الصراع في المنطقة»، مشيراً إلى أن «الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لتفادي ذلك». وأشار إلى أن «من الممكن حلّ التوترات عند الحدود الإسرائيلية اللبنانية دبلوماسياً». وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن دعا أول من أمس إلى «تجنّب مزيد من التصعيد في لبنان»، خلال محادثاته مع غالانت. وقال المتحدّث باسم الخارجية الأميركية إن بلينكن شدّد على «أهمية تجنّب مزيد من التصعيد للنزاع، والتوصّل إلى حلّ دبلوماسي يتيح للعائلات الإسرائيلية واللبنانية العودة إلى منازلها».

على صعيد متصل، وفي جواب على سؤال بشأن إمكانية التوصّل إلى تسوية على الجبهة الشمالية مع لبنان، قال رئيس «مجلس الأمن القومي» الإسرائيلي، تساحي هنغبي، أمس، إن إسرائيل تفضّل الحل الدبلوماسي في الوقت الراهن، وأوضح أنه «من أجل إعادة سكان الشمال إلى منازلهم، المطلوب واقع مختلف عن الواقع الذي كان قائماً في السابع من تشرين الأول»، مشيراً الى أن «من يقود الجهود هي الإدارة الأميركية بقيادة هوكشتين، الموجود على اتصال وثيق معنا ومع المسؤولين الحكوميين في لبنان». وقال هنغبي إن هوكشتين «متفائل، ويعتقد أن التغيير الذي سيحدث بعد انتهاء العملية العسكرية المكثّفة في رفح، والانتقال إلى مرحلة تعميق الإنجاز، سيسمح لحزب الله بالتخلّي عن التضامن اليومي مع غزة». وأضاف المسؤول الإسرائيلي المقرّب من نتنياهو: «نؤمن بهذه التسوية. هناك من هم متشكّكون أكثر منا، ولكننا سنخصّص أسابيع عديدة للوصول إليها»، مستدركاً بأنه «إذا لم يتمّ التوصل إلى تسوية بالسبل الدبلوماسية، فسنتوصّل إليها بطرق أخرى، لكننا نفضّل حالياً التركيز على المسار الدبلوماسي».

بدوره، قال الوزير السابق في «مجلس الحرب»، بيني غانتس، أمس، خلال مشاركته في «مؤتمر هرتسليا» في دامعة رايخمان، إن «إسرائيل قادرة على تدمير قدرات حزب الله وإبقاء لبنان في الظلام (…) ولا نقبل بقاء خطر حزب الله في الجبهة الشمالية»، مشيراً إلى أن مستوطني الشمال «سيعودون إلى منازلهم بداية أيلول المقبل». وأضاف: «يجب الضغط على حزب الله لمنع التصعيد أو مواجهة حرب مفتوحة». مستدركاً: «إذا وصلنا إلى هناك، فإن الثمن هنا في إسرائيل سيكون باهظاً أيضاً (…) يجب أن نستعدّ لسيناريو الأضرار التي ستلحق بالبنية التحتية، وللحوادث التي تؤدّي إلى سقوط العديد من الضحايا. هذا هو ثمن الحرب، وهو أمر مطلوب منعه، لكن إذا اضطررنا إليه، فلا يجب أن نرتدع عنه».