زيارة غير مفهومة للموفد الأميركي… ووزير خارجية فرنسا في بيروت اليوم
يُنتظر أن يصل إلى بيروت اليوم وزير خارجية فرنسا ستيفان سيجورنيه في زيارة متصلة بالمساعي الغربية الخاصة بالوضع على الجبهة اللبنانية مع فلسطين المحتلة. وهي زيارة تلي زيارة «غير مفهومة» للموفد الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتين أمس، كرّر خلالها سردية بلاده حول الضغوط لتحقيق وقف لإطلاق النار في غزة، ولو أن بعض من التقاهم قالوا إنهم سمعوا «للمرة الأولى كلاماً يشير إلى وجود خطة أميركية لإنهاء الحرب في غزة».أما المشترك الذي خرج به كل من التقاهم هوكشتين، فهو أنه أشار بصورة مباشرة وغير مباشرة إلى أن «أي رد من حزب الله على اغتيال قائده العسكري (السيد فؤاد شكر)، قد يتسبب بتفجير محاولات وقف الحرب، وأن ما حصل بعد حادثة مجدل شمس لم يكن مقدّراً أن يحصل، ولذلك لا أحد يعلم كيف ستجري الأمور، وقد يُجرّ لبنان والمنطقة إلى انفجار كبير يُلحِق الأذى بالجميع، ويكون لبنان أكبر المتضررين بسبب أوضاعه الصعبة اقتصادياً ومؤسساتياً واجتماعياً».
وعقد هوكشتين اجتماعات شملت الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب وقائد الجيش العماد جوزيف عون ووفداً نيابياً يمثل المعارضين لحزب الله ضمّ جورج عدوان وميشال الدويهي وفؤاد مخزومي والياس حنكش. وقال أحد الذين شاركوا في اجتماع معه: «بصراحة، لم نفهم ما الذي أتى به، إذ ليس لديه أي جواب واضح حول مسار المفاوضات، وليس لديه أي معلومات حول آخر الاتصالات، وهو تصرّف كمن يقوم بحفلة علاقات عامة».
وتقاطعت مصادر مطّلعة على زيارة هوكشتين على أنه «لم يحمِل أي عرض أو رسالة جديدة بل كرّر ما سبق أن أشار إليه في زياراته السابقة عن أن بلاده تسعى جدياً إلى وقف إطلاق النار في غزة، وأن على الجبهات الأخرى أن تواكب هذا الجهد وتساعد في التوصل إلى اتفاق». وكشفت المصادر أن «كلام هوكشتين مع قائد الجيش كانَ مختلفاً بعض الشيء عن نقاشه مع الآخرين، إذ ركّز اللقاء على جهوزية الجيش واحتياجاته في المرحلة المقبلة، خصوصاً في حال تطلّب الأمر منه انتشاراً أوسع في الجنوب لحفظ الاستقرار». أما مع بري وميقاتي، فقد كرّر الكلام نفسه عن أن «الولايات المتحدة تعمل بجهد للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، وأن هناك مؤشرات إيجابية في هذا الاتجاه، والمطلوب من لبنان خفض التوتر وعدم تخريب الجهد الذي يقوم به الوسطاء». ولفتت المصادر إلى أن «هوكشتين لم يتناول بوضوح مسألة رد حزب الله ولم يطلب شيئاً بهذا الخصوص، لكن الرغبة كانت واضحة بين السطور»، إذ اعتبر أن «على لبنان أن يلعب دوراً مساعداً في التهدئة لأن الحرب ستكون مدمّرة للجميع، ومؤذية كثيراً للبنان».
وصرّح هوكشتين بأن «لا أحد يريد حرباً شاملة، والتوترات بين حزب الله وإسرائيل تصاعدت منذ آخر زيارة لي إلى هنا»، فيما اعتبر الرئيس بري، في حديث إلى قناة «الجديد» أن السؤال حول احتمالية توسّع الحرب «يتوقف على الأيام القليلة المقبلة». ونُقل عن هوكشتين تأكيده أن واشنطن مارست ضغطاً كبيراً على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للقبول باقتراح الرئيس الأميركي جو بايدن، في مقابل ضغط مصري وقطري على حماس لإنجاح المفاوضات». وأضاف بري أنه سمع من المبعوث الأميركي أن بلاده «تريد التهدئة وتخفيض التصعيد العسكري، وهو لم يطلب منا أي تدخل مع حزب الله، لكنه تمنى أن لا يجري التصعيد على طرفي الحدود ومن الجميع».
وعلى عكس ما أشيع في كيان الاحتلال، كشف بري أن هوكشتين لم يأت من تل أبيب، بل حضر مباشرة إلى بيروت ليل الثلاثاء واستهلّ صباح الأربعاء نشاطه. وأضاف أن الموفد الأميركي علّل وجود البوارج الأميركية بأنها لمنع الحرب، مشيراً إلى أن التمديد لليونيفل أخذ حيزاً كبيراً من النقاش نتيجة بعض الاعتراضات الأميركية، مشيراً إلى أنه أحال هوكشتين إلى رئيس الحكومة ووزير الخارجية للاستماع إلى موقفيهما، ومؤكداً ضرورة وقف إطلاق النار في غزة للانطلاق نحو تطبيق الـ 1701 بكل مندرجاته.
الاسترضاء بدأ
وقبل دقائق من وصول المبعوث الأميركي إلى السراي الحكومي للقاء رئيس الحكومة، كان الأخير قد أعدّ له «هدية استباقية» كبادرة حسن نية تجاه التزام لبنان بالقرار 1701، عبر الموافقة المبدئية على تطويع 1500 عنصر لصالح الجيش اللبناني. وهو بند طرحه ميقاتي على جلسة مجلس الوزراء أمس، من خارج جدول الأعمال، متحدّثاً عن «مرحلة دقيقة يشهدها لبنان والمنطقة في ظل ازدياد الضغوط الدولية وتزايد زيارات الموفدين الدوليين المطالبين بتنفيذ التزامات لبنان الدولية ولا سيما تلك المتعلقة بالقرار 1701».
وقدّم ميقاتي إلى المجلس خطة قائد الجيش جوزيف عون لتعزيز قدرات وحدات الجيش المنتشرة في الجنوب وتطبيق القرار 1701 بمختلف مندرجاته، بعدما «خفّضت المؤسسة العسكرية منذ عام 2014 من انتشارها في المناطق الجنوبية لمواجهة التحديات الأخرى كمكافحة الإرهاب وتأمين الحدود البرية والبحرية ومواجهة أزمة النزوح».
الحكومة وافقت على بدء تطويع جنود في الجيش والأميركيون يناقشون الحاجات المادية واللوجستية
وتقوم الخطة على تطويع 6 آلاف جندي على مراحل: المرحلة الصفر أو المرحلة الحالية التي ترتكز على تحسين الخطط وتعزيز التنسيق مع الجهات المانحة لتأمين التمويل واستكمال الاستعدادات اللوجستية والإدارية لاستدعاء المتطوّعين، والمرحلة الأولى التي تبدأ بعد الحصول على الموافقة السياسية وتتضمن استدعاء 2000 جندي كدفعة أولى وتجهيزهم وتدريبهم بالتوازي مع بدء استقبال أعتدة وتجهيزات من الدول المانحة وبدء استقبال طلبات التطويع للدفعة الثانية. وقد بدأت هذه المرحلة فعلياً أمس مع منح مجلس الوزراء الموافقة المبدئية على تطويع 1500 جندي (وليس 2000) بعد نقاش حول قدرات الدولة المالية وضرورة تضمين الاعتمادات في موازنة 2025 بعد التنسيق بين وزارتي الدفاع والمالية، خصوصاً أن الخطة تفتقد إلى أي طلب من وزارة الدفاع وإلى موافقة المالية. وتنطلق المرحلة الثانية بعد التحاق الدفعة الأولى من المتطوعين بالوحدات المنتشرة في الجنوب، في حين أن المرحلة الثالثة ستُنفد بعد إلحاق الدفعة الثانية من المتطوعين، على أن يجري في المرحلة الرابعة والأخيرة تقييم ما تم تنفيذه ووضع خطط مستقبلية لاستدراك الحاجات واستكمال القدرات لتحقيق الغاية المرجوّة للخطة.
يشار إلى أن قيادة الجيش، تستخدم حساباً مصرفياً مستقلاً عن الخزينة العامة وعن موازنة الدفاع، في مصرف لبنان، يستقبل الهبات القطرية والأميركية وغيرها، وهو يدار مباشرة من قائد الجيش، ولا وصاية لأي جهة رسمية عليه. وسبق لوزيري دفاع سابقيْن أن سألا عن الحساب، وتولّت السفارة الأميركية في حينه التوضيح بأنه حساب خاص بقيادة الجيش، الأمر الذي انتهى بصمت وزارة الدفاع!