بعد ما يمكن وصفه بـ«الأيام الهادئة»، التي أعقبت «عملية الأربعين» التي نفّذتها المقاومة رداً على اغتيال العدو الإسرائيلي القائد في المقاومة فؤاد شكر في ضاحية بيروت الجنوبية، في 30 تموز الماضي، تعود الجبهة الجنوبية، يوماً بعد آخر، إلى الوتيرة العالية التي كانت عليها قبل الردّ، سواء على مستوى عمليات المقاومة وإطلاق الصواريخ، أو على مستوى توسّع اعتداءات العدو. وفي ظلّ تفاقم الضغوط على حكومة بنيامين نتنياهو للمضي في صفقة تبادل ووقف إطلاق في غزة، عقب مقتل 6 أسرى إسرائيليين، والتظاهرات التي ملأت شوارع تل أبيب والمدن الرئيسية في الكيان، مساء أول من أمس، وأمس، والإضراب الشامل الذي شلّ الكيان منذ صباح أمس حتى ظهره، خرج نتنياهو مساءً في مؤتمر صحافي ليؤكّد مواقفه السابقة، ويتحدّى معارضيه. لكنّ حديث نتنياهو في المؤتمر تركّز بشكل تام تقريباً على الحرب في قطاع غزة، ومسألة المفاوضات والشروط التفاوضية الإسرائيلية، حتى إن الرجل شرح على شاشة تفاصيل تتعلّق بـ«محور فيلادلفيا» وأهميته وضرورة احتلاله، فيما كان حديثه عن لبنان مقتضباً جداً، ويمكن وضعه في المرتبة الأخيرة من الخطاب، وربما لولا سؤال أحد الصحافيين عن الجبهة الشمالية للكيان، لما تطرّق إليها نتنياهو أصلاً. وهو قال في المؤتمر إنه «لا يمكن أن نقبل بالوضع الحالي في الشمال، ونحن نعمل على تغييره، ومصرّون على إعادة السكان إلى بيوتهم»، لكنه رفض تحديد موعد نهائي لإعادة المستوطنين. وأضاف: «لن أقنع أحداً بالعودة إلى الحدود الشمالية، بل تغيير الوضع الأمني هناك كما فعلنا في الجنوب»، مشيراً الى أنه «يمكن تغيير الوضع الأمني في الشمال عبر اتفاق، لكننا جاهزون لتغييره بعمليات عسكرية». وخلال حديثه عن أهمية السيطرة الإسرائيلية على «محور فيلادلفيا» في قطاع غزة، استشهد نتنياهو بلبنان، ليستدلّ على ضرورة الحسم وعدم الانتظار، وقال: «بعدما خرجنا من لبنان، كان يجب علينا العودة مع أول صاروخ أُطلق علينا من هناك».
وفي لبنان، شدّد وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب، على «ضرورة التوصّل إلى وقف إطلاق نار فوري في غزة»، مجدداً «تمسّك لبنان بالقرار 1701، وضرورة تطبيقه بالكامل، وانسحاب إسرائيل من باقي الأراضي اللبنانية المحتلة، وحلّ النزاعات العالقة بالوسائل الدبلوماسية». وأتى موقف بو حبيب خلال لقائه سفيرة اليونان في لبنان ديسبينا كوكولوبولو، تمهيداً للقاء مرتقب مع نظيره اليوناني، على هامش انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك نهاية الشهر الجاري.
النشاط الميداني بدأ أمس في ساعات الفجر الأولى مع استهداف المقاومة مبانيَ في مستوطنتي المنارة وأفيفيم. وفي المقابل، استهدفت طائرة مُسيّرة إسرائيلية سيّارة تابعة لشركة تقدّم خدمات لقوات «اليونيفل»، على طريق عام الناقورة الحدودية، ما أدّى إلى سقوط شهيدين مدنيين من البلدة، هما علي يوسف مهدي وحسين مهدي مهدي. وردّت المقاومة على الاعتداء باستهداف مستعمرات عين يعقوب وجعتون ويحيعام، على جولتين، بصواريخ «الكاتيوشا». وأظهرت مقاطع فيديو صوّرها مستوطنون الصواريخ تسقط في المستوطنات. وأدّى القصف إلى انقطاع الكهرباء عن مستوطنة عين يعقوب. وشنّ العدو غارات عدة على القرى الحدودية الجنوبية، أبرزها في حولا في القطاع الشرقي، ووادي زبقين في القطاع الغربي.