Site icon IMLebanon

الأخبار: بري تسلّم ملاحظات حزب الله ويرسل ردّ لبنان اليوم: هوكشتين يعدّ أوراقه وحذر من مناورات إسرائيلية

 

 

يبدأ الأسبوع الحالي بساعات طويلة من الانتظار لما ستحمله الوساطة الأميركية الجديدة بشأن وقف العدوان على لبنان. وفيما كان قادة العدو ينتظرون موقفاً لبنانياً سلبياً يتيح لهم التملّص من الاتفاق ومواصلة الحرب، أكّدت مصادر واسعة الاطّلاع لـ«الأخبار» أن الرد اللبناني دخل مرحلة الصياغة النهائية التي يُتوقّع أن تُنجز اليوم وتُرسل عبر السفارة الأميركية في بيروت إلى الموفد الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتين. وبناءً عليه، يُفترض أن يقرر الأخير السفر مباشرة إلى المنطقة.

لكنّ الوقت الفاصل بين إعداد الرد اللبناني وإرساله إلى واشنطن ومجيء هوكشتين، يشهد تصعيداً إسرائيلياً قاسياً. فإلى جانب مواصلة عمليات التدمير في الجنوب والضاحية والبقاع، وسّع العدو دائرة القصف لتشمل قلب العاصمة، حيث اغتال صباحاً مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله محمد عفيف ومجموعة من مساعديه في منطقة رأس النبع، وأغار طيران العدو مساء على مبنى في شارع مار الياس الشعبي. وفيما لم يتبيّن هدف الهجوم، أعلن العدو أنه استهدف قيادياً عسكرياً في المقاومة.

وإذا كان العدو يضع جرائم أمس في خانة الضغوط القائمة في سياق ما يعتبره «التفاوض تحت النار»، فقد زادت الخشية في بيروت من تفلّت العدو من أي ضوابط، وذهابه إلى مستوى جديد من الاغتيالات تستهدف كيانات وشخصيات سياسية ومدنية في حزب الله، بعدما بات واضحاً أنه يواجه أزمة جدية على مستوى الأهداف العسكرية. وترافق ذلك مع ارتفاع منسوب القلق من تقصّد العدو تنفيذ عمليات في قلب بيروت، كما فعل سابقاً في مناطق انتشار النازحين، لخلق موجة شعبية رافضة لوجود أي شخصية من حزب الله، سواء مدنية أو سياسية أو اجتماعية أو إعلامية، وهو ما يعتقد بأنه مدخل لتأليب الشارع ضد المقاومة.

التطور الأبرز، أمس، تمثّل في تسلّم الرئيس نبيه بري من قيادة حزب الله موقف الحزب من المسوّدة التي نقلتها السفيرة الأميركية ليزا جونسون إلى رئيس المجلس الأسبوع الماضي. وقالت المصادر إن المقاومة تتعامل بانفتاح كبير مع المقترح، وتركت لرئيس المجلس ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي متابعة النقاش مع الوسيط الأميركي حول بعض النقاط. وبحسب المصادر، فإن «الغموض الإيجابي» بدأ يتكشف عن «مسار إيجابي في تعامل لبنان مع المقترح الأميركي، وإن الأسئلة التي يُعتقد بأنها يمكن أن تفجّر التفاوض تحوّلت إلى استفسارات، مع توسيع هامش المناورة أمام المفاوض الرسمي اللبناني».

وقالت المصادر إن الملاحظات اللبنانية صارت موحّدة حول النقاط المتصلة باللجنة المقترحة للإشراف على تطبيق القرار 1701، وكذلك حول البند المتعلق بفكرة الدفاع عن النفس، والذي يحمل تفسيرات متضاربة، خصوصاً أن المقترح يصرّ على العنوان القديم الذي صدر القرار 1701 على أساسه عام 2006، لجهة اعتباره قراراً يأمر بوقف العمليات العدائية على جانبي الحدود، ولا يدعو إلى فرض وقف نهائي للحرب.

 

تسليم برفض حزب الله مشاركة ألمانيا وبريطانيا في لجنة الإشراف على تطبيق وقف إطلاق النار

 

وبحسب المصادر فقد رفض حزب الله وجود ألمانيا وبريطانيا في اللجنة المشرفة على تطبيق القرار، ويبدو أنه تم التسليم بعدم تمثيل ألمانيا كونها موجودة أصلاً في إطار القوات الدولية، بينما لا تمانع الولايات المتحدة عدم ضم بريطانيا، خصوصاً أن لندن نفسها تتهيّب الدخول في منطقة قد تعرّض قواتها لمخاطر كبيرة.

ووسط حذر شديد يبديه المسؤولون اللبنانيون، لم تصل أي أجواء جديدة من العاصمة الأميركية. لكنّ مصادر عربية وأوروبية قالت إن «انفتاح لبنان وتفاعله الإيجابي سيساعدان على خلق مناخ ضاغط على حكومة إسرائيل للسير بالاتفاق ومباشرة تنفيذه، ويغلقان باب المناورة أمام حكومة نتنياهو في حال كانت تريد مواصلة الحرب حتى تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب منتصف كانون الثاني المقبل».

وبحسب مصادر سياسية بارزة فإن «ردّ حزب الله الذي سُلّم للرئيس بري جاء بما ينسجم مع القرار 1701»، مشيرة إلى أن «زيارة هوكشتين ليست لإعلان وقف إطلاق النار، بل لمناقشة الموقف اللبناني قبل نقله إلى تل أبيب». وأكدت المصادر أن «المفاوضات انتقلت إلى دائرة جدية جداً، وأن نتنياهو يواجه ضغطاً مزدوجاً للقبول بوقف إطلاق النار»، لذلك «انتقل إلى مرحلة توسيع الأهداف في الوقت المتبقّي له».

ويبدو أن الجانب الفرنسي ليس بعيداً عن الاتصالات الجارية. ووفق ما هو مقرّر، فإن اجتماعات ستُعقد في العاصمة الأميركية، تتخللها اتصالات مع إسرائيل وأطراف أخرى، قبل سفر هوكشتين مباشرة إلى بيروت، ومنها إلى تل أبيب. وفي حال التوصل إلى تفاهم، سيتوجه إلى العاصمة الفرنسية حيث يصار إلى إصدار إعلان دولي حول الاتفاق، قبل إعداد ورقة عمل مشتركة بين الولايات المتحدة وفرنسا ودول أوروبية، على أن تتم مناقشة ما إذا كان ذلك يتطلب اجتماعاً لمجلس الأمن الدولي أو الاكتفاء بإعلان دولي عن الاتفاق.

ورغم الحذر الكبير الذي تبديه جهات لبنانية وعربية، فإن معلومات نُقلت من العاصمة الأميركية، تفيد بأن الرئيس الأميركي جو بايدن، عندما قال لوفد عائلات أسرى العدو لدى حماس إن نتنياهو هو من لا يريد عقد صفقة، أشار أيضاً إلى أن لديه مخاوف من أن يعمد الأخير إلى عرقلة مشروع اتفاق لوقف الحرب مع لبنان. وهو أمر عزّز مناخ الحذر، رغم أن هوكشتين نفسه كان قد أشار إلى أن نتنياهو لا يواجه إدارة بايدن هذه المرة، بل يضع نفسه في مواجهة إدارة ترامب، وأن المسوّدة جرى إعدادها بمشاركة موفد نتنياهو إلى الولايات المتحدة رون دريمر، وتحت إشراف الرئيس ترامب وفريقه.

وعلى وقع العدوان الإسرائيلي، نقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين أنه «تم إحراز تقدم في المحادثات نحو وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله». وذكرت «هآرتس» أن «القضية التي لم تُحل بعد في محادثات وقف إطلاق النار هي مطالبة إسرائيل بحرية العمل عسكرياً في لبنان». ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر سياسية قولها إن «تل أبيب تتوقع تقدماً كبيراً في محادثات وقف إطلاق النار مع لبنان خلال أيام، تزامناً مع زيارة هوكشتين».

من جانبها، كشفت قناة «كان» الإسرائيلية بعض تفاصيل مسوّدة الاتفاق، وأشارت إلى أن «المقترح يقضي بوضع 5 آلاف جندي لبناني في المناطق الجنوبية، وتعهّد من إسرائيل بعدم مهاجمة لبنان، وإعادة ترسيم الحدود البرية بين الدولتين».

أما هيئة البث الإسرائيلية فقالت إن المقترح يتضمن «التزام حزب الله وإسرائيل بقرار مجلس الأمن 1701، وانتشار الجيش اللبناني كقوة مسلحة وحيدة في جنوب لبنان، إلى جانب قوات حفظ السلام الأممية (اليونيفل)». كما يمنح القوى الأمنية اللبنانية صلاحيات «الإشراف على إدخال الأسلحة عبر الحدود اللبنانية والإشراف على المنشآت التي تنتج الأسلحة، وتفكيكها وتفكيك أي بنية تحتية مسلحة لا تلتزم بالالتزامات الواردة في الاتفاق».

ووفقاً لهيئة البث، يتضمن المقترح الأميركي أيضاً انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان خلال 7 أيام ليحل محلها الجيش اللبناني تحت إشراف دولي، فضلاً عن نزع سلاح المجموعات المسلحة جنوب نهر الليطاني خلال 60 يوماً من توقيع الاتفاق، مع الإشارة إلى أن النقاش سيتطرق أيضاً إلى صياغة بنود الاتفاق، حيث استخدم الأميركيون عبارات لن يقبل بها لبنان.