تراجعت، أمس، وتيرة العمليات العسكرية في الجنوب، على وقع تعثّر العملية البرية وفشل جيش العدو في تثبيت تمركزه في أيٍّ من القرى التي توغّل فيها، فيما أطلق العنان لطائراته الحربية للإمعان في القصف التدميري لمناطق واسعة في الضاحية الجنوبية وفي البقاع والجنوب، مرتكباً مزيداً من المجازر.
وبعدما تراجعت قوات العدو، أول من أمس، تحت وطأة ضربات المقاومة، من تل البياضة باتجاه بلدتَي شمع وطيرحرفا، أعلن حزب الله أنه أثناء انسحاب قوات العدو، بعد الخسائر الكبيرة التي تكبّدتها الأحد، وبعد رصد مجموعة تحصنت في أحد المنازل عند الأطراف الجنوبية للبلدة، استهدفها المقاومون بالأسلحة المباشرة، ما أدّى إلى وقوع أفراد المجموعة بين قتيل وجريح. كما دمّر المقاومون، أمس، دبابة ميركافا بصاروخٍ موجّه غرب بلدة شمع، حيث عمد جيش الاحتلال إلى تفجير عدد من المنازل في البلدة. وفي الخيام، أعلنت المقاومة أنها استهدفت، أكثر من مرة، تجمّعات لقوات الاحتلال جنوب المدينة بصليات صاروخية. واستهدف المقاومون تجمّعاً لقوات العدو عند مثلّث دير ميماس – كفركلا، بصلية صاروخية. وتحت وطأة ضربات المقاومة، سحب جيش العدو آلياته من محيط منطقة الدير، ومن تلّة اللوبيا، وكروم الزيتون، وحصر وجوده في بلدة دير ميماس عند الأطراف الشرقية المتاخمة لمنطقة تل النحاس. ولاحقت المقاومة قوات العدو وتجمعاته ومواقعه في المستوطنات الحدودية والشمالية، حيث قصف حزب الله قاعدة شراغا (المقر الإداري لقيادة لواء غولاني) شمالي مدينة عكا المحتلة، بصلية صاروخية، إضافة الى معسكر الفوران، للمرة الأولى، وقاعدة راوية الشمالية، في الجولان السوري المُحتل، بصليتين صاروخيتين. كما استهدفت تجمعات قوات العدو في مستوطنات شوميرا والمالكية وميرون وأفيفيم. وأعلنت بلدية صفد تعطيل الدوام في المؤسسات التعليمية اليوم خشية تصعيد القصف من لبنان، حيث «تشير تقديرات الأجهزة الأمنية إلى أن حزب الله يستعدّ لتنفيذ عمليات إطلاق صواريخ واسعة النطاق باتجاه إسرائيل قبل الإعلان عن وقف إطلاق النار»، بحسب هيئة البث الإسرائيلية.
قادة مستوطنات الشمال يرون في الاتفاق «استسلاماً لحزب الله»
وشنّ العدو الإسرائيلي غارات جوية على مدن صور والنبطية والشويفات بالقرب من السرايا الأرسلانية في قضاء عاليه، والضاحية الجنوبية، إضافة الى قرى وبلدات في الجنوب والبقاع. واستهدفت غارات العدو بلدات السفري والنبي شيت وتمنين والعسيرة، في البقاع، والغازية والجميجمة وصور والبصّ ومعركة وعين بعال والبازورية والنبطية ويحمر في الجنوب. وفاقت حصيلة الشهداء الثلاثين. واستهدفت غارات إسرائيلية جسور الدف والجوبانية والحوز في ريف القصير قرب الحدود السورية – اللبنانية، ومعبر جوسية في بلدة القاع. وأعلن جيش العدو أن قواته «ستواصل العمل على رصد وإحباط كل محاولة صادرة عن النظام الإيراني لتسليح وكلائه في الشرق الأوسط»، في إشارة من العدو إلى ما يريد أن يكون عليه شكل المرحلة المقبلة، بعد وقف إطلاق النار، لمنع إعادة بناء قدرات المقاومة العسكرية.
وفي الكيان، عبّر رؤساء مجالس المستوطنات الشمالية عن الغضب من الأنباء عن قرب وقف إطلاق النار، ووصفه بأنه «استسلام لحزب الله». وقال رئيس مجلس مستوطنة المطلة إن «من يقول إن أهداف الحرب قد تحقّقت كاذب. لماذا تتجه الحكومة الأكثر يمينية التي عرفتها إسرائيل إلى اتفاق استسلام مع حزب الله وتتفاوض معه». فيما قال رئيس بلدية كريات شمونة إنه «قبل التوقيع على اتفاقية الاستسلام، أدعو قادتنا إلى التفكير في أطفال كريات شمونة، انظروا إليهم جيداً ولا تخاطروا بمصيرهم لنكون الأسرى التاليين، هذا الاتفاق يجعل سيناريو 7 أكتوبر أقرب إلى الشمال أيضاً، وهذا يجب ألّا يحدث». وأضاف: «على أعضاء الحكومة المؤيدين لإبرام تسوية مع لبنان الانتقال والعيش في كريات شمونة». فيما قال رئيس مجلس مستوطنة شلومي: «لن نمدّ يد المساعدة للحكومة ولن نعود إلى منازلنا»، واعتبر رئيس مجلس ميتا آشر أنه في «حال توقيع الاتفاق، سنجد أنفسنا في السنوات المقبلة مع حزب الله أقوى وأكثر صلابة، وسندفع الدماء ثمناً لذلك». بدوره، عبّر رئيس بلدية كريات بياليك عن «شعور بالإحباط»، آملاً أن «لا تذهب الصعوبات التي مررنا بها خلال الشهرين الماضيين هباءً».