Site icon IMLebanon

الأخبار: النصاب مؤمّن لجلسة 9 كانون الثاني… ولائحة الأسماء طويلة: البحث مستمرّ عن «مرشّح توافقي»

 

 

تحديد رئيس مجلس النواب نبيه بري التاسع من كانون الثاني المُقبِل موعداً «جدياً» لانتخاب رئيس للجمهورية ألزم الجميع ببرنامج عمل مختلف. لكنّ سيناريوهات الخميس الرئاسي فُتحت على احتمالات عديدة، ليس أبرزها حصول الانتخاب. فحتى مساء أمس، لم تتوافر إشارة واحدة على وجود اسم توافقي، بينما سادت المخاوف بين الأطراف المعنية التي يخشى كل منها أن يظفر الآخرون بمرشحه.

علنياً، تجمع القوى السياسية على تلبية الدعوة وضرورة انتخاب رئيس لخطورة المرحلة. وقد ساهمت أحداث سوريا في تعزيز هذا الالتزام. لكنّ الانقسامات الداخلية والخارجية، وتعدّد أسماء المرشحين، كل ذلك يوحي بصعوبة الاتفاق سريعاً، ما يجعل السيناريو الأقرب إلى التحقق، هو في شرط توفّر نصاب الثلثين لافتتاح الجلسة، أي 86 نائباً من أصل 128. لكن قد يكون صعباً أن يحصل أي مرشح على 86 صوتاً في الدورة الأولى، ما يعني عقد دورة ثانية، تفرض على الفائز الحصول على أكثرية 65 صوتاً، وهو ما يُستبعد أن يحصل، فتنطلق سبحة الجلسات المفتوحة بانتظار حصول تفاهم، لكنّ الاحتمال الوحيد الذي قد يقلب الحسابات، هو أن تمارس الولايات المتحدة ضغوطاً كبيرة تؤمّن الأكثرية لمرشحها الأوحد قائد الجيش جوزف عون.

وقبل ثلاثة أسابيع على الموعد المفترض، انطلقت المناورات من قبل جميع اللاعبين، علماً أن التطورات التي يُمكن أن تحصل حتى تاريخ الجلسة من شأنها خلط الأوراق، رغم أن التطورات، منذ عدوان أيلول وحتى سقوط الرئيس بشار الأسد، لم تحدث انقلاباً يتيح لفريق واحد السيطرة على الاستحقاق. وقد تعزّز الانقسام لعدم وجود موقف خارجي موحّد. ويمكن تفصيل خارطة التحالفات كما تظهرها الاتصالات كالآتي:

على المستوى الخارجي، تتفق «اللجنة الخماسية» المعنية بالملف اللبناني على مبدأ انتخاب الرئيس في أقرب وقت، كما تتفق حول مواصفاته وجدول أعماله والمشروع الذي يجب أن يحمله ويعمَل على تنفيذه. لكنّ هذا التوافق يسقط فجأة عندما يبدأ التداول في الأسماء، إذ إن لكل عاصمة مرشحاً من اللائحة الطويلة. وإذا كانت الولايات المتحدة ومعها المملكة العربية السعودية تدفعان في اتجاه دعم قائد الجيش، فإنهما لا تمانعان تأجيل أي جلسة لا تضمن انتخابه. أما في فرنسا ففي جعبتها ثلاثة أسماء تروّج لها وتسعى إلى أن يكون رئيس الجمهورية المقبل من بينها، وفي مقدّم هؤلاء سمير عساف ثم الوزيران زياد بارود وناصيف حتي. فيما يدعم القطريون المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري وهم نقلوا علناً إلى بعض القوى السياسية استعدادهم الكامل للمساهمة في إعادة الإعمار في حال انتخاب البيسري. وفي هذا الإطار، قالت مصادر مطّلعة إن «السعوديين لا يؤيدون البيسري لكنهم لن يعملوا ضده، وهو ما أبلغه السفير السعودي وليد البخاري للبيسري نفسه في إحدى الجلسات». أما المصريون، الذين ليس لديهم اسم بعينه، فيؤكدون تأييدهم لأي مرشح توافقي.

 

يفضّل بري البيسري وخوري، ويروّج باسيل لبارود، وفرنجية يدعم الخازن، وجعجع يواصل سياسة الهروب

 

أما على المستوى الداخلي، فتبدو الأمور متشابكة إلى حدّ كبير، إذ يفضّل الرئيس بري اسماً من اثنين: البيسري وجورج خوري. بينما يؤيد رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل ترشيح البيسري. لكنه، متذرّعاً بوجود فيتو أميركي عليه، يدفع إلى الترويج لانتخاب الوزير السابق زياد بارود. وعلمت «الأخبار» أن باسيل بعث قبل أيام برسائل إلى الثنائي أمل وحزب الله، قائلاً إن محور المقاومة خسِر ولا يزال يخسر، وإنه تراجع عن رفضه دعم البيسري، لكنه ينصح بدعم بارود، ليخلص إلى القول: «اقبلوا ببارود الآن، حتى لا تضطروا لاحقاً إلى القبول بجوزف عون مع مجيء ترامب»!

من جهته، رئيس تيار «المردة» المرشح سليمان فرنجية، لديه وجهة نظر مختلفة. وهو قال في اجتماع مع النائب علي حسن خليل ومستشار رئيس المجلس أحمد البعلبكي عندما سمع منهما أسماء البيسري وخوري وبارود: «لماذا تريدون انتخاب موظف يخضع لزعماء سياسيين، اذهبوا وانتخبوا مباشرة باسيل أو جعجع. وأنا لن أنسحب من أجل أشخاص سيأتون كواجهة لطرف ويتكرر مشهد رئيس الظل»، مشيراً إلى أنه مع ترشيح النائب فريد هيكل الخازن.

وبينما لا يزال موقف حزب الله غامضاً، يواصل قائد القوات اللبنانية سمير جعجع سياسة التهرب من التورط في إعلان دعم مباشر لأي اسم. وهو يكرر الحديث عن مطالب سياسية أبرزها أن يلتزم أي مرشح بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بصورة كاملة. وهو يقصد بذلك نزع سلاح حزب الله خارج جنوب نهر الليطاني. وعندما يُطرح عليه ترشيح قائد الجيش، يقول إنه لم يجلس معه لمناقشته في مشروعه الرئاسي.

وأكثر ما يزعج جعجع اليوم أن العلاقة مع حلفائه في المعارضة لا تتيح له تقرير مصير الاستحقاق وحده رغم كل التحولات التي حصلت، وأكثر ما يتخوّف منه هو حصول اتفاق بينَ الثنائي أمل وحزب الله والتيار الوطني وفرنجية والحزب الاشتراكي على مرشح لا يناسب القوات، وهذا ما دفعه لأن يراسل باسيل طارحاً فكرة مقاطعة الجلسة في حال لم يكن الأخير مؤيداً مئة في المئة للاسم المطروح من الآخرين.

من جانبه، النائب السابق وليد جنبلاط، لا يزال يُصرّ على عدم استفزاز حزب الله وحركة أمل بمرشح مواجهة، لكنه لا يريد أيضاً دعم مرشح يستفزّ المسيحيين. أما موقفه من وصول قائد الجيش فليس سلبياً.

أمام هذه الوقائع المعقّدة، قالت مصادر معنية بالملف الرئاسي إن قائد الجيش يُمكن أن يفوز إذا ما تدخّلت واشنطن والرياض بقوة، إذ لن يستطيع جعجع أو النواب السنّة أو جنبلاط الوقوف في وجه ضغوط العاصمتين. وإن لم يكن كذلك، فإن جلسة 9 كانون هي جلسة «تشحيل الأسماء وحرقها»، بانتظار العهد الأميركي الجديد.

 

جنبلاط متفائل بعد زيارة باريس

عاد النائب السابق وليد جنبلاط من باريس بعد زيارة تضمّنت لقاء غير رسمي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في حضور النائب تيمور جنبلاط. وزار جنبلاط الأب برفقة الابن عين التينة أمس، لإطلاع الرئيس نبيه بري على أجواء اجتماع باريس. وعبّر بعد اللقاء عن تفاؤله بجلسة 9 كانون الثاني، معتبراً «أن كل شيء تغيّر في أسبوع، في أسبوع تغيّرت سوريا، هذا الموضوع هو للبحث، والحديث لاحقاً سيكون عنه طويلاً والأحداث التي جرت في المنطقة زلزال، لذلك فإن انتخاب رئيس للجمهورية ضروري». وعلمت «الأخبار» أن زيارة جنبلاط إلى عين التينة كانت لنقل الموقف الفرنسي «المؤيد لانتخاب رئيس في الجلسة المقبلة»، وأن «هناك توافقاً فرنسياً – أميركياً على ذلك». أما بالنسبة إلى الأسماء، فتقول المصادر إن «الأسماء المدعومة من فرنسا، صارت معروفة من الجميع، وتحديداً سمير عساف. لكنّ باريس أيضاً لن تعترض إذا كانَ التوجه لصالح قائد الجيش العماد جوزف عون». وأضافت أن «التفاؤل الذي تحدّث عنه جنبلاط لا يتصل بوجود توافق حول مرشح بعينه بل بسبب الجو العام المؤيّد لانتخاب رئيس في أسرع وقت».

 

هل ينتظر الجميع دخول ترامب البيت الأبيض؟

ثمّة رأي في لبنان يميل إلى فكرة عدم تكرار تجربة 2016، حينَ شاركت الغالبية في إيصال العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا وإنهاء الشغور الرئاسي قبلَ عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. ويعتبر هذا الرأي أن انتخاب الرئيس هو صفقة ضمنية تُعقد مع الإدارة الراحلة، بينما هناك إمكانية أن تأتي الإدارة الجديدة وتتعامل مع الرئيس الجديد كما تعاملت مع عهد الرئيس عون، كونها لم تكُن من ضمن «الديل»، وعليه نكون قد دخلنا في ست سنوات جديدة من التعطيل والضغوط. ويستند هذا الرأي إلى ما قاله مستشار ترامب لشؤون الشرق الأوسط مسعد بولس عن إمكانية الانتظار 3 أشهر إضافية، ويرى هؤلاء أن هذه «كانت رسالة واضحة من إدارة ترامب بتفادي حرق المراحل»، وهم يقولون بصراحة إنه «حتى محور المقاومة يجب أن ينتظر ما ستؤول إليه الأمور بين ترامب وإيران في المنطقة ليُبنى على الشيء مقتضاه، وقد لا يكون عنوان المرحلة المقبلة عنوان مواجهة». وفي هذا الإطار، كشفت مصادر بارزة أن بولس، في اجتماعاته مع بعض اللبنانيين على هامش إعادة تأهيل كاتدرائية نوتردام في باريس، أعطى إشارة بارزة لموقفه من جوزف عون من دون أي يسميه، إذ قال إنه لا يحبّذ وصول جنرال إلى بعبدا.