لا تعني الإيجابية التي تحدثت بها الأطراف السياسية عن سلسلة الرتب والرواتب أمس أن السلسلة «سلكت طريقها نحو الإقرار. فالاجتماع الذي عقد في السراي الحكومي شهد تصادماً بين وجهتي نظر مختلفتين: الموازنة قبل السلسلة أو السلسلة قبل أي شيء آخر. وبناءً عليه، من غير المعروف كيف ستكون خواتيم الجلسات التشريعية التي ستعقد اليوم وغداً
تتّجه الأنظار اليوم إلى مجلس النواب، حيث من المفترض أن تسلُك سلسلة الرتب والرواتب طريقها وسط حقل ألغام سياسي – مالي، شهد محاولات عديدة لتدوير الزوايا والأرقام في سبيل إرضاء أصحاب المصارف والشركات المالية والعقارية من جهة، ومن جهة أخرى إرضاء الأساتذة وموظّفي القطاع العام والعسكريين.
وهذه المحاولات لم تسلَم من ضغط الهيئات الاقتصادية التي لا تنفك تحارب ضد سلّة الضرائب المقترحة عليها. الجلسة التي ستعقد اليوم وغداً، والتي تتصدر بنودها سلسلة الرتب والرواتب، كانت موضع درس في اجتماع لممثلي الكتل النيابية مع رئيس الحكومة سعد الحريري في السراي الحكومي (حضره وزير المال علي حسن خليل، وزير الاتصالات جمال الجراح، والنواب إبراهيم كنعان أكرم شهيب، جورج عدوان وعلي فياض) من أجل الاتفاق على السقف المالي لمشروع القانون الخاص بها وكيفية تأمين الإيرادات المطلوبة لتمويلها، خصوصاً أن إعطاء زيادات للمتقاعدين ودرجات إضافية للمعلمين، رفع كلفة السلسلة من السقف المتفق عليه وهو 1200 مليار ليرة إلى نحو 1700 مليار كحد أدنى، الأمر الذي تتذرّع به جهات عدّة ما لم تؤمن الواردات الكافية.
الغريب أن الجميع يتحدّث «بإيجابية» في هذا الملف. الحريري أكّد أن «السلسلة ماشية»، وكذلك الوزير خليل الذي أشار إلى أن «هناك تفاهماً شبه كامل عليها». هذا الكلام لا ينفي الصراع الذي لا يزال قائماً بين الكتل السياسية حول أبواب تمويل السلسلة، ومسألة ربط إقرارها بالموازنة، أو فصلها عنها. وقد ظهر ذلك جلياً خلال الاجتماع الذي عُقد أمس، إذ شهد تصادماً بين وجهتي نظر مختلفتين؛ الأولى عبّر عنها التيار الوطني الحرّ والقوات والمستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، وأكدت ضرورة إقرار الموازنة قبل سلسلة الرتب والراوتب. أما الثانية فعبّر عنها حزب الله وحركة أمل اللذان أكدا ضرورة إقرار السلسلة قبل الموازنة. وبحسب مصادر الاجتماع، فإن «المستقبل والقوات والاشتراكي لا يعارضون إقرار السلسلة قبل الموازنة شرط الالتزام بسقف الـ1200 مليار ليرة»، فيما يفضّل التيار الوطني الحرّ إقرار السلسلة بعد الموازنة، من دون الالتزام بالسقف المذكور، ولا مانع لديه من تخطّي هذا السقف، وفي حال الالتزام به طالب بتأجيلها إلى ما بعد الموازنة. أما حركة أمل وحزب الله فطالبا بإقرارها فوراً مع عدم الالتزام بأيّ سقف، إنصافاً للمتعاقدين. وبحسب المصادر، فإن الحزب والحركة «اقترحا تقسيط حقوق المتقاعدين وفق الآتي: 25 في المئة السنة الأولى، 25 في المئة السنة الثانية، و35 في المئة مطلع السنة الثالثة»، معتبرين أن «هذا الاقتراح يحقق الالتزام بمجموع الـ85 في المئة كزيادة للمتقاعدين». وأشارت المصادر إلى «تحقيق خرق تمثل بتأكيد المستقبل والقوات والاشتراكي على مبدأ إنصاف المتقاعدين وإعطائهم حقوقهم»، شرط «إعادة النظر في نظام التقاعد وضمان تأمين الواردات التي تكفل تمويل ما يزيد على سقف الـ1200 مليار». ولم تُحسم الوجهة التي سيتم اعتمادها في جلسة اليوم، ما يهدّد السلسلة، رغم الإيجابية التي عبّر عنها الحريري وخليل.
رئيس مجلس النواب نبيه برّي أكد أمس أنه «ماشي بالسلسلة». وأشار إلى أنها «البند الأول على جدول الأعمال، ويتوقف عليه مصير سائر البنود الأخرى». وقال «إن أُقرّت السلسلة نُكمل، وإن لم تقرّ فكل شيء سوف يتوقف. لن أزيد إن أو أن أو لعل أو لكن». بدوره، كشف النائب عدوان أنه «سيقدّم طرحاً للرئيس بري يقوم على المادة 20 من السلسلة، والذي يجيز للحكومة فتح اعتماد لتمويلها، ما يعني إقرار السلسلة والموازنة بالتوازي». وقالت مصادر في تيار المستقبل لـ«الأخبار» إن من الممكن أن تُقرّ السلسلة، لكن يتم ربط توقيت البدء بتنفيذها بإقرار الموازنة، وهذا الأمر يمثّل مخرجاً من الأزمة. وقالت مصادر في فريق 8 آذار إن الامور التي لم يُتّفق عليها ستُبحث اليوم قبل الجلسة، مشيرة إلى صعوبة أن يجرؤ أيّ فريق سياسي على تطيير السلسلة مرة جديدة.
وكان «تكتّل التغيير والإصلاح» قد استبق الجلسة باجتماع استثنائي برئاسة الوزير جبران باسيل. وأكد أمين سر التكتل النائب إبراهيم كنعان أن «السلسلة درست على مدى 5 سنوات وطرحت إضافات منها بند المتقاعدين و3 درجات إضافية للمعلمين. واليوم، هناك وفر تأمّن بنتيجة الرقابة البرلمانية التي قامت بها لجنة المال والموازنة خلال مناقشة مشروع موازنة عام 2017، ويصل إلى حدود ألف بليون ليرة، ما يعني أن إمكان التوفير من الضرائب قائم، والتمويل من خلال التقشف والإصلاح المالي الذي نقوم به ممكن ويحتاج إلى تضامن كل الكتل النيابية». وأضاف: «نحن على بعد أيام من إقرار الموازنة التي ستشمل الاعتماد المقر للسلسلة، وسيتضح في ضوء إقرار الموازنة المشهد المالي العام، وسنكون أمام أمر جديد يمكن البناء عليه في كيفية التمويل، للتعويض عن الضرائب».
طرابلسي إلى تلفزيون لبنان
على صعيد آخر، علمت «الأخبار» أن جلسة الحكومة المقبلة ستشهد تعيينات إضافية على التشكيلات الدبلوماسية، أبرزها تعيين مجلس إدارة لتلفزيون لبنان. وبحسب المعلومات، فإن «رئيس مجلس الإدارة والمدير العام سيكون واحداً من هذه الأسماء الثلاثة: توفيق طرابلسي، بشارة شربل أو إيلي خوري». وأشارت مصادر وزارية إلى أن «طرابلسي هو الأوفر حظاً، لأن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يزكّيه». أما أعضاء مجلس الإدارة الذين من المفترض أن يقترحهم وزير الإعلام ملحم رياشي فهم: رامي الريس، عبد الغني طليس، فؤاد رفيق خوري، سمير منصور (من حصّة تيار المستقبل، وهناك احتمال أن يتمّ استبداله)، وجاك واكيم (من حصّة التيار الوطني الحرّ، وهناك أيضاً احتمال استبداله باسم آخر). وفيما تردّد أن الجلسة ستشهد تعيين محافظين، نفت مصادر وزارة «الداخلية» ذلك لـ«الأخبار».