IMLebanon

الأخبار: المقاومة تدرس ردودها: حماية الردع دون الحرب الشاملة | هوكشتين يريد حلاً لفصل لبنان عن غزّة

 

 

فيما تترنّح المفاوضات حول غزة في الأمتار الأخيرة قبل الهدنة، تُحبس الأنفاس في بيروت ترقّباً لما سيحمله المبعوث الأميركي عاموس هوكشتين الذي يفترض أن يبدأ زيارته للبنان اليوم بلقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب وقائد الجيش جوزيف عون. فيما تردّدت معلومات عن لقاء سيجمعه بنائب رئيس المجلس الياس بو صعب.وتأتي الزيارة على وقع تكثيف الجهود للوصول إلى هدنة في غزة مع بداية شهر رمضان. ومع أن التركيز داخل لبنان ينصبّ على ما إذا كانت الهدنة ستشمل الجبهة الجنوبية في ظل مخاوف من إمكانية ذهاب العدو إلى مزيد من التصعيد، قالت مصادر بارزة إن «زيارة هوكشتين ليست مرتبطة فقط بمحاولاته خفض التصعيد وتجنّب الحرب»، بل «هي استكمال للإطار الذي يحاول صياغته للوصول إلى اتفاق على الحدود البرية».

وعلمت «الأخبار» أن هوكشتين أبلغ ميقاتي، خلال لقائهما على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن منتصف الشهر الماضي، أنه سيزور لبنان قريباً، وأنه تواصل قبلَ أيام مع المعنيين بالتفاوض، وأكّد أن بلاده تمارس ضغوطاً على الحكومة الإسرائيلية لمنعها من شن حرب وللقبول بأن تسري أي هدنة محتملة على جبهة الجنوب. ورجّحت مصادر مطّلعة أن يحمل هوكشتين هذه المرة أفكاراً مكتوبة وهو ما اتُّفق عليه سابقاً مع بري وميقاتي، لافتة إلى أن الرجل يحمل «تصوراً عاماً يتناول أولاً وقف العمليات العسكرية وعودة النازحين من الجهتين، واتخاذ إجراءات عسكرية وإدخال الجيش اللبناني إلى الجنوب، ثم بدء مفاوضات بشأن ترسيم الحدود البرية ومعالجة الخلاف حول النقاط العالقة بدءاً من الـ b1، وصولاً إلى كفرشوبا». وأكّدت المصادر أن زيارة هوكشتين «لا تعني وقفاً فورياً لإطلاق النار في الجنوب، ولا تعني أن الأمور في قطاع غزة ذاهبة نحو الهدنة فعلياً»، وعلى الأرجح أن «الرجل لن يحقق نتائج سريعة»، لكنه «يحرص على استكمال المهمة التي يعتبرها مهمة له، باعتباره أنه من صاغ الاتفاق البحري، وأنه مكلّف من إدارته التي لن تسمح لأي طرف دولي آخر بأن يكون له دور في هذا الملف».

 

ماذا يريد حزب الله؟

في السياق نفسه، ينصبّ الاهتمام الغربي والمحلي على معرفة حقيقة توجه حزب الله ربطاً بسلوكه الميداني، ولفت مراقبون إلى أن عمل المقاومة في الميدان يحاكي موقف الحزب بعدم الانجرار إلى حرب واسعة، لكن ذلك لا يحول دون بقاء المقاومة على جهوزية سياسية وميدانية تحسباً للأسوأ. ومن خلال مراقبة الأداء العملياتي لحزب الله، واستناداً إلى قدر من المعرفة بتاريخ سلوكه وتفكيره وأولوياته، يقول المراقبون إنه «يمكن التقدير بأن موقف الحزب محكوم حتى الآن بمجموعة عوامل تحضر في حسابات كل مبادرة أو رد على الاعتداءات الإسرائيلية، ومنها:

أولاً، مواصلة الضغط الميداني على العدو بكل ما ينطوي عليه من تداعيات في الساحة الإسرائيلية إسناداً للمقاومة في قطاع غزة.

ثانياً، منع العدو من فرض وقائع في الساحة الجنوبية تؤدي إلى سلب المقاومة أحد أهم عوامل قدراتها في الدفاع والردع في المرحلة التي ستلي الحرب (هذا الخيار تبلور إسرائيلياً بعد التحولات المفاهيمية والاستراتيجية التي شهدها الكيان على وقع تداعيات طوفان الأقصى، وهو لا يزال في طور التشكّل ولم تكتمل معالمه بعد).

أفكار مكتوبة مع هوكشتين حول وقف النار وعودة النازحين ونشر الجيش وحل النقاط الحدودية المتنازع عليها

 

ثالثاً، تقليل احتمالات التدحرج نحو حرب شاملة ومفتوحة، وفي الوقت نفسه الاستعداد لخوضها في حال دفع العدو إليها.

رابعاً، منع استباحة المدنيين في جنوب لبنان وخارجه والعمل على تقليل نسبة الإصابات في صفوفهم، على أن لا يكون ذلك على حساب معادلة الردع وتخفيف الضغوط الميدانية على العدو. وهو ما يُفسر بعضاً من ردوده المحدودة حتى الآن على انتهاكات العدو، طالما أن السقف الحالي يحقّق المطلوب في أكثر من اتجاه، في حين يدرك العدو جيداً أن حزب الله قادر على مستوى ردود أعلى وأشد وأكثر كلفة للعدو ، إلا أنه سيؤدي إلى توسيع نطاق استهداف المدنيين في لبنان ويرفع احتمالات التدحرج… لذلك، لا يزال يكتفي بهذا المقدار مع جهوزية عملية للارتقاء في ردوده، وهو أمر مرهون بأداء العدو في اعتداءاته وردوده أيضاً.

على وقع دويّ صافرات الإنذار في عدد من المستوطنات الإسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة، كانت المحكمة العليا الإسرائيلية تستمع أمس إلى التماس من سكان بعض تلك المستوطنات، خصوصاً تلك التي لم يتم إخلاؤها بعد، مطالبين بإجلائهم فوراً خشية عمليات حزب الله التي باتت تشكل عبئاً كبيراً عليهم. وتحدّثت وسائل إعلام عن مسارعة الإسرائيليين إلى شراء أجهزة الطوارئ خشية استهداف حزب الله البنية التحية لشبكات الكهرباء في حال اتساع نطاق الاشتباكات إلى حرب أوسع نطاقاً. وأشارت صحيفة «معاريف» إلى طلب مرتفع بشكل خاص على أجهزة الشحن المحمولة ومحطات الطاقة المنزلية المحمولة القادرة على شحن خمسة أجهزة وتوفير الإضاءة في حالات الطوارئ. وأوضحت أن الأسبوع الماضي شهد قفزة بنسبة 500% في مبيعات محطات توليد الطاقة الكهربائية للمنازل. وقال ليرون كاتز، نائب رئيس تطوير الأعمال في إحدى شركات المنتجات الكهربائية، إنه بعد خطابات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وانقطاع التيار الكهربائي المفاجئ أخيراً في جميع أنحاء إسرائيل، جرى تسجيل قفزة حادّة في شراء المصابيح الكهربائية والبطاريات ومحطات الطاقة والألواح الشمسية والمولّدات الكهربائية. ويأتي القلق من حرب شاملة مع حزب الله في وقت يعاني الإسرائيليون من ضغوط معيشية متزايدة، ويكافح اقتصاد الاحتلال من أجل نفض غبار الخسائر التي لحقت به بفعل المقاومة الفلسطينية منذ بدء العدوان على غزة.

وأعلنت بلدية حيفا إنشاء 4 غرف محصّنة للمرة الأولى في حيفا وكريات حاييم لتوفير استجابة للمارة المتواجدين في مناطق مفتوحة حيث لا توجد خيارات حماية أخرى، مشيرة إلى أن هذه الغرف غير مخصّصة للمقيمين الموجودين في منازلهم.

في الأثناء، تتواصل الانتقادات لأعضاء حكومة العدو بسبب التقصير في متابعة احتياجات مستوطني الشمال. وقال الخبير العسكري في صحيفة «إسرائيل اليوم» يوآف ليمور إنه «كان من المفترض أن يزور أحد كبار الوزراء المطلة نهاية الأسبوع الماضي. وعندما جاء اليوم الذي طال انتظاره، بدأ مساعدوه بالتلعثم. وفي النهاية أعلن الوزير أنه لن يأتي. فالرحلة إلى المطلة خطيرة بالفعل، حيث تتعرّض لتهديد الصواريخ المضادة للدبابات». وأضاف أنه «في تقاطع تل حاي، تم بالفعل وضع أسوار ضخمة في منتصف الطريق، لمنع حدوث أضرار مباشرة بالآليات». وفي تقرير بعنوان «الشمال ليس له أب»، لفت ليمور إلى أن «الشمال أُهمل مرتين: عندما تم إهمال مشاعر السكان، وعندما تم إهماله في قرارات الحكومة». ورأى أن «إسرائيل ارتكبت خطأ عندما أخلت الشمال، ما سمح لحزب الله بإطلاق النار على المستوطنات التي تم إخلاؤها. وبدلاً من أن يكون هناك حزام أمني في لبنان، بات موجوداً داخل أراضي إسرائيل في الجليل»، معتبراً أن إسرائيل «تُسلم بالضرر الاستراتيجي الذي يلحق بها، وكلما طال أمد الحرب، زاد هذا الضرر وتعمّق، والثقة التي تم كسرها مع السكان ستمر سنوات قبل استعادتها».

ميدانياً، استهدف حزب الله أمس، بعد رصدٍ ‌‏دقيق، قوّة عسكرية إسرائيلية مقابل قرية الوزاني وحقّق ‏فيها إصابات ‏مباشرة، ما دفع قوات العدو لإطلاق قذائف دخانية للتغطية على سحب ‏القتلى والجرحى ‏بالمروحيّات من موقع الاستهداف.‏ كما استهدف الحزب ‏موقع جل ‏العلام، و‏منظومة ‏المراقبة في موقع المطلة، وموقع ‏السمّاقة في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة، وانتشاراً لجنود العدو في جبل نذر.