«اختفى» الوسيط القطري المكلف إجراء مفاوضات بين الحكومة اللبنانية وخاطفي العسكريين في جرود عرسال المحتلة. اما زميله التركي، فلم يقرر التحرك خشية أن يُحمّل مسؤولية الخطف. المفاوضات إذا معطلة. لا جديد إلا «ميدانياً»، إذ ينوي وزير الداخلية أن يطرح على مجلس الوزراء إخلاء بلدة عرسال من النازحين السوريين المقيمين فيها
للمرة الرابعة، لم يف الوسيط القطري بتعهده المجيء إلى لبنان لمقابلة خاطفي العسكريين والدركيين في جرود عرسال المحتلة. يقول مصدر وزاري معني إن هذا الأمر يؤشر إلى أن قطر لا تريد أن تظهر بمظهر من يحاور الإرهابيين في زمن الحرب على «داعش» و«جبهة النصرة».
يقول مصدر آخر معني بالمفاوضات: «علينا ألا ننسى ان قطر جزء من التحالف الدولي الذي أعلن قتال «داعش» و«النصرة»، ومن الطبيعي ان تقطع علاقاتها العلنية بهذين التنظيمين». يعقّب وزير آخر ليؤكد أن المفاوضات متوقفة، وأن تركيا لا تريد ان تتحمل مجدداً مسؤولية الخطف، بعدما حمّلها جزء من اللبنانيين مسؤولية اختطاف «زوار اعزاز» قبل عامين.
المفاوضات متوقفة إذا. لا أمل يعوّل عليه من لقاء رئيس الحكومة تمام سلام والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. خرق الجمود أمس تصريح الوزير وائل بو فاعور، «باسم النائب وليد جنبلاط»، إذ طالب الحكومة بحسم امرها وقبول المقايضة. يرى جنبلاط ان لا حل لقضية المخطوفين سوى المقايضة، طالما أن الخيار الآخر، أي تحرير العسكريين بالقوة، غير وارد لأسباب شتى، بينها الميداني والعسكري وبينها السياسي، لكن تصريح بو فاعور، بحسب وزراء آخرين، ليس انعكاساً لتطور ما على هذا الصعيد، بل إنه ليس سوى إعلان على طريقة جنبلاط لقرار مجلس الوزراء الصادر في الرابع من أيلول، الذي يتيح المقايضة وفق القوانين المرعية الإجراء. وقانوناً، يضيف وزير بارز، لا إمكان للمقايضة إلا بمرسوم عفو خاص عن المحكومين يوقعه الوزراء جميعاً، او بقرارات قضائية تفرج عن الموقوفين. والمشكلة، بحسب وزيرين بارزين، احدهما من 14 آذار والثاني من 8 آذار، انه «لنفترض ان الحكومة اللبنانية وافقت على المقايضة، فمع من ستقايض؟ مع من قتلوا الشهيد محمد حمية بعدما أعلنت الحكومة قبول مبدأ المقايضة؟». يضيف وزير 8 آذار جازماً بأن أي تطور لم يظهر على القضية لكي توضع المقايضة موضع التنفيذ. ويلفت إلى وجود فارق كبير بين أن تفاوض وان تقايض، «وفي كل مرة نقدّم تنازلاً للخاطفين نقويهم علينا».
وليلاً، اعلنت «جبهة النصرة» وقف المفاوضات «إلى ان يجري إصلاح أمور عرسال على نحو كامل». وفي تغريدة على موقع «تويتر»، قالت «النصرة»: نتمنى ألا نضطر إلى التصعيد، فاعقلوا».
التطور الآخر في قضية «عرسال وجرودها المحتلة» برز امس في كلام ويزر الداخلية نهاد المشنوق، الذي قال من السرايا الحكومية «إن وزارة الداخلية ستنشىء مخيمات (لنازحين سوريين) حتى و لو لم يوافق الجميع عليها». وقال المشنوق لـ «الأخبار» إن «علينا ان نبدأ العمل من اجل إخراج النازحين السوريين من داخل بلدة عرسال. خارج عرسال مليون ومئة ألف نازح سوري، من دون أي إشكال رئيسي في وجودهم. المشكلة الوحيدة هي في عرسال. وعلينا أن نسحب هذا الفتيل الذي يمثل خطراً على الجيش وخطراً على المدنيين وخطر أن ينصر المسلحين». ورأى المشنوق ان الوضع الامني لا يحتمل استمرار الوضع على ما هو عليه حالياً. ولفت إلى انه سيجري اتصالات من أجل بحث إمكان إقامة مخيم خارج عرسال، بعيداً عن الحدود، من أجل إخراج 40 ألف نازح منها. وقال إنه سيطرح الامر على مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب.
دعوة لاحتلال بيروت!
المشنوق سيعرض على مجلس الوزراء إخراج 40 ألف نازح سوري من داخل بلدة عرسا
لم تشهد التظاهرات المعادية للجيش في عرسال وطرابلس حشداً بعكس ما كان متوقعاً
«ميدانياً»، ورداً على المداهمات التي قام بها الجيش في مخيمات النازحين في عرسال وتوقيف عدد من المشتبه في تورطهم في عمليات اعتداء على الجيش، نظم نازحون مسيرات بعد صلاة الجمعة في البلدة تحت عنوان «لا لذبح عرسال»، وأطلقوا شعارات مؤيدة للتنظيمات الإرهابية، داعين امير «جبهة النصرة» في القلمون إلى احتلال بيروت. في المقابل، استبقت فعاليات عرسال حالة التحريض على الجيش ودعوات المسيرات، ببيانٍ بعد اجتماعٍ عقدته صباح أمس لـ«الوقوف خلف الجيش اللبناني، الذي قدّم التضحيات والشهداء من أجل ردع الإرهاب ومن أجل الدفاع عن كرامة عرسال والوطن بأكمله». وذكر البيان أنه «منذ بداية الأحداث وأهالي عرسال يقفون خلف الجيش وهو جيش كل لبنان بكل طوائفه، وعرسال بلدة لبنانية مخطوفة من المسلحين الذين خرجوا من مخيماتها وساندوا الإرهاب، فمتى كان حفظ أمن البلدة هو حصار لعرسال فالجيش يقوم بواجبه الوطني لحماية عرسال، لا لحصارها». ولفت البيان إلى أن أهالي البلدة «يعيشون حياتهم الطبيعية وينقلون كافة مستلزمات البلدة من مواد غذائية وخضار ومحروقات وغيرها»، طالبين من أهلهم وإخوتهم في كافة المناطق اللبنانية «الوقوف إلى جانبنا لتحييد عرسال، والجيش هو الضامن الوحيد لاستقرار البلد وليس من مصلحة أحد إضعافه».
وبدا واضحاً أن دعوات التظاهر بعد صلاة الجمعة لم تلق القبول الواسع من أبناء البلدة. إذ أشارت مصادر أهلية لـ«الأخبار» إلى أن «مئذنة الجامع الكبير القديم صدحت بمطالبة أبناء البلدة بعدم المشاركة في التظاهرة». وأوضح عدد من أبناء البلدة لـ«الأخبار» أن «عدد المشاركين في التظاهرة التي انطلقت من مسجد مصطفى الحجيري لم يتجاوز 200 مشارك من النازحين السوريين، وعدد قليل من شبان بلدة عرسال»، وهتف المشاركون «الشعب يريد الدولة الإسلامية»، و«أبو مالك (أمير النصرة في القلمون) فوت فوت، بدنا نوصل ع بيروت».
بدورها، نفت مصادر عسكرية لـ«الأخبار» أن يكون ثمة حصار على عرسال، موضحة أن «الحصار مفروض على جرود البلدة فحسب، وعلى المسلحين المنتشرين فيها، فالمواد الغذائية والمحروقات تصل بعلى نحو طبيعي إلى البلدة، إلا أنه لم يعد بالإمكان السماح بعد اليوم بنقل المواد الغذائية والمحروقات إلى الجرود». وعلمت «الأخبار» أن بعض الأشخاص حاولوا نقل مواد غذائية باتجاه الجرود، لكن الجيش عمل على ضبطهم وتوقيفهم.
ومساءً، نفى مفتي بعلبك ـ الهرمل الشيخ بكر الرفاعي بعد اجتماع عقد في «أزهر عرسال» حضره إلى جانبه علماء من البلدة ومن النازحين السوريين، أن يكون هناك أي حصار لعرسال. وطالب المجتمعون المسلحين بالجرود بعدم التعرض للعسكريين والتشديد على أنه «لا يجوز التعرض للأسير والمخطوف ولا قتله، لأن عمليات القتل التي حصلت لا تخدم مصلحة أحد». وناشد المجتمعون الخاطفين لـ«القول بأن الجنود الأسرى سيبقون أسرى لديهم، ولن يجري التعرض لاحد منهم في المرحلة المقبلة، وبهذه الطريقة يمكن تسهيل عملية التفاوض». وتطرق المجتمعون إلى ما سموها «مشكلة إنسانية» تتعلق بدخول وخروج المزارعين إلى أراضيهم، و«ضرورة الحصول على ضمان دخول الإخوة وخروجهم من عرسال إلى مزارعهم لأن هناك مواسم مهددة». وشدد الرفاعي على رفض التعرض للمؤسسة العسكرية، وضرورة المحافظة عليها، موضحاً أنه إذا «وقعت بعض التصرفات الفردية فإننا نتمنى معالجة الموضوع بأسرع وقت ممكن، بما يحمي الدولة اللبنانية وعرسال والنازحين». وجزم بأن «الطريق إلى عرسال طبيعية ولا مشكلة على الطريق».
استمرار قطع ضهر البيدر
من جهة ثانية، استمر أهالي العسكريين في قطع طريق ضهر البيدر لليوم الثالث على التوالي، بعد نصب خيم عند مفرق فالوغا على الطريق الدولية، وإشعال الإطارات ورفع السواتر الترابية. وقالت مصادر الأهالي لـ«الأخبار» «لم نسمع من الدولة أية تطمينات بخصوص أبنائنا، وما يزيد الخوف هو الحديث عن المعارك في الجرود وقصف الطائرات السورية». وبحسب المصدر فإن «شيوع خبر هروب عدد من العسكرين المحتجزين أشاع الذعر خوفاً من أن يكون هذا الخبر تمهيداً لخبر مقتل أبنائنا». وطالب الأهالي بـ«تسريع محاكمة الإسلاميين كبادرة حسن نية في متابعة الملف». وفي السياق، لم يتمكن أبو فاعور من إقناع الأهالي بفتح طريق ضهر البيدر بعد لقائهم، بل زاد التصعيد بعد قطع طريق الجنوب ــ المصنع عند مفرق ضهر الأحمر ــ راشيا بالإطارات المشتعلة. وأكد الأهالي أنهم مستمرون في إقفال الطرقات وخصوصاً طريق ضهر البيدر، إلى أن «يجري التأكد الواضح والمعلن من المسعى الجاد والحقيقي والصادق للإفراج عن أبنائنا».
وفي طرابلس، كانت الاستجابة هزيلة لدعوات التظاهر «نصرة لعرسال»، إذ اقتصرت على مسيرتين شارك فيهما العشرات في القبة والتبانة.
إطلاق دركيين في طرابلس بعد ضغوط على الخاطفين
كاد مشهد الرهائن العسكريين في عرسال، أن يتكرّر أمس في مدينة طرابلس، بعد اختطاف مسلحين من التبانة عنصرين من مكتب مكافحة المخدرات، أثناء قيامهما بدورية في المنطقة. وبحسب المعلومات، هاجم مسلحون من جماعة شادي مولوي وأسامة منصور العسكريين عند دخول سيارتهما الشارع الذي يقع خلف سوق الخضار الرئيسي في باب التبانة، واقتادوهما إلى داخل داخل مسجد عبد الله بن مسعود، حيث أُخضعا لاستجواب بشبهة «الانتماء إلى حزب الله»، بحسب ما روجت صفحات المجموعات المسلحة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وعلى الأثر، طوق الجيش والقوى الأمنية المنطقة، كما استدعيت تعزيزات إضافية، وكشف مصدر أمني لـ«الأخبار» أن «أكثر من جهاز أمني أجرى اتصالات مع مشايخ وفاعليات في باب التبانة، مطالبين بالإفراج عن العنصرين، وإلا فستتخذ إجراءات حاسمة ضد المسلحين». وأفضت الاتصالات مع الشيخ السلفي علي هاجر، خال المولوي، وصاحب الحظوة في الأسواق القديمة وباب التبانة، إلى الإفراج عن العنصرين، بعدما توجّه هاجر إلى باب التبانة ورافقهما، ليُنقلا بعدئذ إلى المستشفى إثر تعرضهما لضرب مبرح.
«الأخبار»
باسيل التقى المعلم
في خطوة هي الأولى من نوعها منذ تولّيه حقيبة الخارجية، التقى وزير الخارجية جبران باسيل وزير الخارجية السوري وليد المعلم في نيويورك على هامش لقاءات الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وتردّد أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس انضم إلى اللقاء لاحقاً. بدوره، التقى رئيس الحكومة تمام سلام وزير الخارجية الأميركي جون كيري. وألقى سلام كلمة أمام الجمعية العمومية، أكد فيها أن «الجرائم عرقَلَت جهود التفاوض غير المباشر الذي تقوم بها حكومتُنا لتأمينِ الإفراج عن العسكريين»، وشدد على أهمية «التعاونِ الإقليميّ والدوليّ في مجال مكافحة الإرهاب».