سليمان «يحرتق» في الجيش وحوار عين التينة يبحث «الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الارهاب»
عون والحريري: لقاء إنعاش الحكومة
اللقاء «الايجابي» بين الرئيس سعد الحريري والعماد ميشال عون، أمس، شكل «إنعاشاً للحكومة» بعدما كان اللقاء الأول مقدمة لتشكيلها. وفي وقت يواصل رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان «الحرتقة» على عون داخل المؤسسة العسكرية، بحثت جلسة الحوار السادسة في عين التينة «الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب
«أجواء إيجابية جداً» سادت اللقاء الذي عقد مساء أمس بين الرئيس سعد الحريري ورئيس «تكتل التغيير والإصلاح» في بيت الوسط أمس، بحسب ما أكدت مصادر لـ»الأخبار». وبحسب بيان عن مكتب الحريري «جرى عرض لمجمل الأوضاع السياسية في البلاد وآخر المستجدات الإقليمية»، في حضور وزير الخارجية جبران باسيل والنائب السابق غطاس خوري، «واستكمل البحث إلى مائدة عشاء أقامها الرئيس الحريري على شرف العماد عون». وعلمت «الأخبار» أن مستشار الحريري، نادر الحريري، انضمّ إلى اللقاء. ومعلوم أنّ الأخير وباسيل قادا الحوار بين الطرفين العام الماضي ورتّبا اللقاء الأول بين الرئيس الحريري والعماد عون في روما. وتؤكد مصادرهما أن التواصل لم ينقطع يوماً، على رغم عدم الاتفاق بينهما على ملف الرئاسة.
ويأتي اللقاء تتويجاً لخطوات إيجابية اتخذها تيار المستقبل أخيراً تجاه التيار الوطني الحر وتمثلت بدعوته إلى الاحتفال بالذكرى العاشرة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري السبت الماضي.
في الشكل، كان لافتاً ان الزيارة كانت من الأساس دعوة على العشاء وأنها صادفت عيد ميلاد عون. كما كانت لافتة الحفاوة التي أحاط بها الحريري ضيفه بدءاً من استقباله خارجاً وتصوير الاستقبال، في ما بدا واضحاً انها اشارات ايجابية الى مرحلة مختلفة من التعامل بين الجهتين، إذا ما أُخذ في الاعتبار أن الحريري لم يذكر في خطابه الأخير اسم مرشحه للرئاسة رئيس القوات الدكتور سمير جعجع، من دون أن يعني ذلك اتفاقاً على الملف الرئاسي. وبحسب المعلومات فإن اللقاء يعتبر «إنعاشاً للحكومة» بعدما كان لقاء روما بين الرجلين مقدمة لتشكيلها. ويتوقع أن تظهر مفاعيل اللقاء مزيداً من التعاون الحكومي. علماً أن أوساط التيار الوطني الحر تبدي مرونة كبيرة في موضوع الآلية الحكومية على أن تكون، وفق الدستور، قائمة على إعطاء الفرصة للاجماع على القرارات، وإلا بـ «توافق الحد الأقصى»، من دون استسهال غياب رئيس الجمهورية من جهة، ومن دون الوقوع في فخ تعطيل العمل الحكومي من جهة أخرى.
جلسة الحوار السادسة
إلى ذلك، انعقدت جلسة الحوار السادسة بين حزب الله وتيار المستقبل مساء أمس، في عين التينة بحضور المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل، ووزير الصناعة حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الحريري نادر الحريري ووزير الداخلية نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر عن المستقبل، وحضور وزير المال علي حسن خليل.
جلسة الحوار تبحث «الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الارهاب»
وأشار بيان صادر عن المكتب الإعلامي لبري أنه «جرى خلال الجلسة استكمال الحوار بروح جدّية في المواضيع المطروحة، وحصل تقويم إيجابي للخطة الأمنية في البقاع والخطوات التي حصلت على صعيد نزع الإعلام والصور في المناطق المختلفة والالتزام الجدي بها»، و«جرت مقاربة للدعوات المتبادلة حول سبل الوصول إلى الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب، وفتح النقاش حول آلياتها». من جهته، لفت الوزير المشنوق في مقابلة له بعد جلسة الحوار إلى أن «الحريري دعا في خطابه إلى إيجاد استراتيجية لمكافحة الإرهاب، والسيد حسن نصرالله استجاب لهذه الدعوة»، مؤكّداً أن «الحوار قائم على إيجاد الآلية الدستورية لتنفيذ هذه الاستراتيجية، ونحن نخوض حرباً من نوعية جديدة». وأشار إلى «ضرورة إيجاد أرضية مشتركة وطنية لمحاربة الإرهاب يشارك فيها الجميع، وهذا الملف بحث لنحو 3 ساعات اليوم (أمس)، لم نصل إلى نتيجة، ولكن حددنا مواقفنا استناداً إلى كلام الحريري، وقيادات الحزب حددوا بعض المواقف واستمهلوا لإكمال البحث في هذه النقطة». ورأى أنه «بصرف النظر عن الخصومات، يجب أن ننقذ لبنان من هذا الحريق، والحريق لم يعد فقط داخل سوريا، كل الجرود المحاذية للحدود السورية فيها تنظيمات إرهابية، وتملك العدة للقيام بما لا نريده أن يحصل، جرود عرسال داخل لبنان وداخل كل مدينة في لبنان، نحن نتصرف على قاعدة المسؤولية لمواجهة الحريق القادم»، رافضاً التنسيق مع الجيش السوري في وجه الإرهابيين.
التمديد للأمنيين
من جهة أخرى، لا يبدو أن التيار الوطني الحرّ سيسلّم بالأمر الواقع الذي يتكفّل وزير الدفاع سمير مقبل التعبير عنه، عبر التمديد لبعض الضباط في قيادة الجيش ممن تقترب مواعيد إحالتهم على التقاعد بالتتالي. فبعد التمديد للأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير قبل أيام، وصلت معلومات للعونيين، تشير إلى أن «وزير الدفاع في المرحلة المقبلة ينوي التمديد إدارياً لأكثر من 20 ضابطاً في مواقع مختلفة، وكل المعلومات تشير إلى أن العميد شامل روكز ليس من بين الأسماء»، علماً بأن روكز، قائد فوج المغاوير، من المفترض أن يحال على التقاعد في تشرين الأول المقبل.
غير أن اعتراض العونيين لا يقف عند حدود التمديد الجديد للضباط، إذ يشير أكثر من مصدر في تكتل التغيير والإصلاح، إلى أن «الفتوى التي تمّ التمديد عبرها لقائد الجيش (العماد جان قهوجي) ليست قانونية أصلاً». وعلى الرغم من أن القانون يجيز لوزير الدفاع التمديد لعددٍ محدّد من الضباط في مواقع كمديرية المخابرات، وفي حالات استثنائية، إلّا أن التيار الوطني الحرّ يطرح عدم أحقيّة وزير الدفاع على خلفيّة سياسية. ويقول هؤلاء إن «صلاحيات وزير الدفاع صحيحة في حال وجود رئيس للجمهورية، أما الآن، وفي ظلّ الفراغ، فإن أي تغيير في الجيش يتطلّب توافقاً سياسياً داخل الحكومة». وتشير مصادر في التيار إلى أنه «لا شغل شاغل لدى العونيين في الأسابيع المقبلة سوى العمل على هذا الموضوع»، في ظلّ التحفّظ على قانون رفع سن التقاعد للضباط، الذي ينام في أدراج وزارة الدفاع.
«الاشتباك» بين عون ومقبل، ومن خلفه رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان ورئيس الحكومة تمام سلام، لا يعني أن الأمور بين عون وقهوجي على الوتيرة ذاتها. ومع أن محاولات أحد المقرّبين من قهوجي لتأمين لقاء «إيجابي» بين قهوجي وعون خلال الأسبوعين الماضيين، لم تؤت ثمارها، إلّا أن «العمل الحثيث» لم يتوقّف، على قاعدة السؤال: «لماذا يكون قهوجي أقرب إلى القوات من عون؟». وتقول معلومات «الأخبار» إن «الوسيط» حاول ترتيب لقاء على عشاء بين قائد الجيش وعون في منزل روكز، علّ «العلاقة الشخصية التي لم تنكسر في زيارتي قهوجي لعون في منزله وفي المستشفى قبل نحو شهرين، تعيد وصل ما انقطع». وفي الوقت الذي تؤكّد فيه المصادر أن «بيت الجنرال مفتوح»، تشير إلى أن «مسألة التمديد إما تحلّ المشكلة بين الجنرال وقائد الجيش، أو تزيدها سوءاً، لأن التمديد على ما يبدو يتمّ لضباطٍ من فريق قهوجي، بما يُظهر الأمر بأنه في سياق التمديد للقائد نفسه بعد فترة».
لكنّ قهوجي، بحسب مصادر أخرى، يضع مسألة التمديد عند وزير الدفاع، الذي لم يعد خافياً تنسيقه الكامل مع سليمان، مع إشارات واضحة إلى موافقة سلام على إجراءاته، خصوصاً بعد تعليق الوزير محمد المشنوق على خطوات مقبل بالقول: «ما قام به مقبل خطوة عادية، وهو تمديد مؤقت، ولسنا في مرحلة تغيير أي شيء جذري».
في السياسة، تقول المصادر إن مسألة «وصول روكز إلى قيادة الجيش، لطالما بقيت ورقة في يد الجنرال، كتعويض عن وصوله إلى رئاسة الجمهورية»، وتبدو الخطوات الأخيرة في استبعاد روكز عن لائحة التمديد، وحرمانه بالتالي إمكانية وصوله إلى قيادة الجيش، تعني نزع الورقة من يد عون من دون وضوح مصير رئاسة الجمهورية التي أجّل الرئيس نبيه برّي أمس جلسة مجلس النواب الـ 19 المخصصة لانتخاب رئيس إلى 11 آذار المقبل، لعدم اكتمال النصاب. وفيما يبدو الانقسام واضحاً بين عون وفريق سلام ــ سليمان ــ مقبل، يلتزم تيار المستقبل الصمت حتى الآن، مع مباركته التمديد لخير، علماً بأن الرئيس سعد الحريري استقبل مقبل مساء أمس في منزله، من دون أن يصدر أي تعليق بعد اللقاء. وتقول المصادر إن «المستقبل ليس في وارد فتح معركة الآن مع عون، لذلك يضع مقبل في الواجهة»، فيما يلتزم حزب الله الصمت بدوره، على غرار صمته عن عدم التمديد لمدير الإدارة في وزارة الدفاع العميد حسن عبدالله وتقاعده، وتعيين العميد وائل حاطوم مكانه بالوكالة.