IMLebanon

ما بعد آذار: عودة الاغتيالات إلى لبنان

لا تقتصر المخاطر الأمنية التي تطاول لبنان على المجموعات التكفيرية انطلاقاً من الجبال الشرقية ومن خلاياها النائمة في الداخل. على لسان الأمنيين، إشارات إلى عودة مسلسل الاغتيالات إلى لبنان، و«حرب أجهزة» لا يغيب عنها الموساد الإسرائيلي، قد تستعر في حال فشل الاتفاق بين إيران والغرب

فراس الشوفي, ميسم رزق

24 آذار 2015، موعد انتهاء المهلة النهائية الموضوعة «علنياً» للاتفاق بشأن الملفّ النووي بين واشنطن وطهران ليس تاريخاً عادياً بالنسبة الى لبنان. من إشارات الرئيس نبيه برّي المتكرّرة للموعد، إلى القلق الأمني وهاجس عودة مسلسل الموت الذي يتردّد على لسان الأمنيين، يبدو توقيع اتفاق إيراني ــ أميركي أو فشله مفصلياً في رسم المشهد اللبناني المقبل، وبالتحديد في الأمن والاستقرار.

وإذا كان فريق 8 آذار لا يعوّل في الأمن على الاتفاق النووي الإيراني مع الأميركيين، في ظلّ انخراط حزب الله في القتال المتواصل مع الجماعات الإرهابية في الجرود اللبنانية الشرقية، إلى سوريا والعراق. إذ يرى الحزب في هذه الجماعات تهديداً جدياً طويل الأمد، لن ينتهي استثماره ضدّ محور المقاومة في وقت قريب، إلا أن ما يردّده الفاعلون في قوى 14 آذار يتعدّى توقّع عام دموي يمرّ على لبنان، إلى معلومات مؤكّدة وصلت الى جهات أمنية بارزة عن عودة مسلسل الاغتيالات إلى البلد.

الدور الأبرز للإستخبارات الاسترالية في رفد لبنان بالمعلومات عن الخلايا التكفيرية

وفي معزلٍ عن اقتناع تيار المستقبل بأن لا اتفاق بين إيران وأميركا، على الأقل الآن، لأسباب عدة، منها «عدم جاهزية الداخل والنظام الإيراني لمتطلّبات الاتفاق النووي واستتباعاته»، إلى «عدم القناعة بأن إيران قد تمنح خدمة كالاتفاق معها لرئيس أميركي سيخرج من البيت الأبيض في وقت قريب»؛ يقول أحد المصادر البارزة في التيار إن «الاتفاق يعني حكماً انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية ومرحلة استقرار، لكنّ توقعاتنا أن لا رئيس في المدى المنظور».

ويذهب أحد المراجع الأمنية إلى السيناريو الأسوأ: «لا اتفاق بين إيران والغرب، ما يعني تصعيداً أمنياً كبيراً في المنطقة، في البحرين يتوسّع إطار المواجهة بين السلطة والمعارضة، في اليمن تشتدّ الحرب وترتفع حدّة المعارك وقسوتها، في العراق يشتدّ السباق الميداني، في سوريا ترتفع حدّة المعارك وتشتعل جبهات الجنوب، وفي لبنان يستمر التهديد من الشرق، وتغزو الاغتيالات والتفجيرات البلاد».

ولم تعد خافية الإجراءات الأمنية الجديدة التي اتخذها سياسيون، بعد الحديث عن تحذيرات وجهها بالاسم وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق لعدد من الشخصيات، من بينها النائب أحمد فتفت الذي أشار إلى تحذير المشنوق علانية. ومع أن «لبنان من بين دول قليلة، استطاع تنفيذ حرب استباقية على عدد كبير من الخلايا النائمة في البلد، وفكّك جزءاً كبيراً من منظومتها وقادتها»، إلّا أن «بعض الخلايا التكفيرية لا تزال موجودة، لكنّها لا تستطيع القيام بعمليات كبيرة في ظلّ الحرب التي تخاض ضدّها، مع اعتمادها على ظاهرة الانتحاريين». وتؤدي المعلومات الآتية من «بعيد» دوراً كبيراً، بحسب المرجع، في مساعدة الأجهزة الأمنية اللبنانية على رصد الجماعات الإرهابية. فإلى جانب المعلومات التي تأتي من الغربيين، « تؤدي الاستخبارات الاسترالية الدور الأبرز في رفد الأجهزة اللبنانية بالمعلومات المهمّة عن الخلايا التكفيرية وامتداداتها».

بيد أن التهديد، بحسب المرجع الأمني، لا يأتي فحسب من الجماعات التكفيرية كـ«جبهة النصرة» و«داعش»، التي طاولت بنيتها الأمنية الحرب الاستباقية التي شنتها الأجهزة في الداخل اللبناني والجيش وحزب الله على الحدود الشرقية. إذ يؤكّد المرجع أن «لبنان سيكون مسرحاً لأجهزة الاستخبارات ونشاطاتها، لتنفيذ سلسلة اغتيالات تتناسب مع مستوى التصعيد المقبل». ويشير المصدر بالاسم إلى «جهاز الموساد الإسرائيلي»، وإمكانية انخراطه في «حرب الأجهزة» على الأرض اللبنانية.

الخطة الأمنية في الضاحية خلال أسبوعين

من جهة أخرى، بدأت القوى والأجهزة الأمنية استعداداتها لبدء تنفيذ الخطة الأمنية في الضاحية الجنوبية. وقالت مصادر أمنية لـ«الأخبار» إن «الخطة ستبدأ خلال أسبوعين». ولفتت المصادر إلى أن الخطة «لم تُدرس ولم تُحسم بشكل كامل، لكن عدم اعتراض أي طرف على تطبيقها هو بمثابة إشارة للسير فيها. والتقديرات تقول إننا لن نتأخر أكثر من 15 يوماً». ولفتت المصادر إلى أن «الخطّة نوقشت في الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله الذي يُعقد برعاية عين التينة».

الفاعلون في قوى14  آذار يتوقّعون عاماً دموياً يمرّ على لبنان

وأكدت أنها «تختلف في طبيعتها عن الخطة التي نُفّذت في البقاع، ففي الضاحية لا يوجد مطلوبون خطرون أو محميون من أي طرف». ولفتت إلى أن «الخطة التي سينفذها الجيش إلى جانب القوى الأمنية ولا تحتاج إلى التنسيق مع الحزب، وهو لن يتدخّل إلا إن كان هناك مشكلة تتطلب أن يكون حاضراً على الأرض».

إرهابي خطير يعترف

وفي سياق آخر، أحالت مديرية الاستخبارات في الجيش على القضاء الموقوف السوري حسن غورلي الملقب بـ«أبو حارث الأنصاري». وقد اعترف الأخير أثناء التحقيق معه أنه كان شاهداً على ذبح العريف الشهيد علي العلي على أيدي الجماعات التكفيرية في جرود عرسال. ووصف بيان لمديرية التوجيه غورلي الذي أوقف قبل يومين في عملية دهم في البقاع بـ«الإرهابي الخطير»، وتبيّن أنه شارك في الهجوم على مواقع الجيش في آب العام خلال «غزوة» الجماعات التكفيرية لبلدة عرسال. كذلك شارك في الهجوم على مركز الجيش في تلّة الحمرا في جرود بلدة رأس بعلبك في شباط الماضي، وأصيب خلال تصدّي الجيش للمعتدين. وأكّد بيان الجيش أن غورلي شارك في جميع معارك الجماعات التكفيرية ضدّ الجيش في الجرود الشرقية، على رأس مجموعة مسلّحة بايعت تنظيم «داعش» الإرهابي في تموز 2014، واتخذت قراراً بمهاجمة مراكز الجيش إثر توقيف الإرهابي عماد جمعة، حيث جرى بعده الاعتداء على مركز وادي الحصن التابع للجيش. وتابع البيان أن الموقوف تولّى حراسة العسكريين المخطوفين لدى «داعش»، ونقلهم من مكان إلى آخر، وكشف عن هوية من أقدم على ذبح العسكريين الشهيدين علي السيد وعباس مدلج، إضافة إلى معلومات عن طبيعة عمل التنظيمات الإرهابية وقادتها.