هرم تيار المستقبل في انتظار اللحظة التي تأخذ فيها السعودية على عاتقها قيادة تحالف عسكري عربي يضع حدّاً لـ «التمدّد الإيراني» في المنطقة. منذ إعلان الرياض بدء عملية «عاصفة الحزم»، يعيش «المستقبل»، بحمائمه وصقوره، نشوة غير مسبوقة برغم أنهم لا يملِكون رؤية واضحة للمرحلة المقبلة. ومع قناعة البعض بأن الحرب على اليمن ستصل إلى مرحلة تطغى فيها على المشهد اللبناني، إيجاباً أو سلباً، يطرح هذا الأمر تساؤلاً حول مصير الحوار بين حزب الله والمستقبل، إذ لم يعُد تأكيد الأخير تمسّكه بهذا الحوار كافياً لتبديد المخاوف من العواقب المدمّرة لـ «العاصفة» السعودية، وما يُمكن أن يترتّب عليها من تداعيات سلبية تدفع المتحاورين إلى فضّ الحوار من أصله!
فرماة السهام على حزب الله لم يعودوا محصورين بالجناح المستقبلي المعارض لخيار «المعتدلين» في التيار، ومسارعة الرئيس سعد الحريري، ليل الجمعة، الى الردّ على خطاب الأمين العام للحزب السيد حسن نصرلله، أضعف الأمل في أن يُجنّب هذا الحوار اللبنانيين خطر التفجير الأمني في أي لحظة.
برغم ذلك، يستعين مقرّبون من الرئيس الحريري ممن يحرصون على بقاء حوار عين التينة على قيد الحياة، بردّ الأخير على السيد نصرالله، لقطع الطريق على كل «الطامحين» الى انهيار مفاجئ للحوار. يقول هؤلاء إن «كلمة الشيخ سعد التي تضمّنت تأكيداً على مواصلة الحوار مع الحزب كانت منسقة مع السعوديين، وهذا يعني عملياً أن الرياض لا تزال، حتّى الآن، تريد تحييد الورقة اللبنانية عن صراع المنطقة». لا شكّ، من وجهة نظر المصادر نفسها، أن «للمملكة مصلحة، على المدى القصير، في منع اختراق هذا الحوار، في الوقت الذي لا تزال مشغولة فيه في حسم معركتها في اليمن». وكان من الملاحظ أنها «حاذرت إظهار ردّ فعل شخصي تجاه الحزب، على خلفية ما قاله أمينه العام».
ما دفع بها إلى سوق الحريري في الليلة نفسها إلى الردّ بهدف امتصاص النقمة داخل لبنان، واغلاق الباب أمام المزايدات السنية التي كانت ستخرج مطالبة بقطع التواصل مع الحزب»، كما كان لافتاً أن المنتدبين إلى الحوار حرصوا على الكلام بحذر وعدم استفزاز الحزب، إذ يؤكّد أحدهم على «تقاطع الموقف السعودي – الإيراني بشأن الحوار، وإن لم يُحقّق إنجازات تاريخية، فأهميته برغم الكلام المرتفع، تكمن في قدرته على ضبط الصراع بين الطرفين»، متسائلاً: «هل يمكن تخيّل ما الذي كانت ستثيره تصريحات نصرلله على الساحة اللبنانية لولا الحوار؟». من هذا المنطلق، يبقى الحوار، في نظر تيار المستقبل «ضرورة لإرساء المزيد من التهدئة».
في المقابل، يتحدّث مستقبليون غير مأخوذين بـ «سكرة» الحراك السعودي، عن «التطور الإقليمي الخطير» من منظور أكثر واقعية. يقول هؤلاء إن «ما حصل ليس ضربة ناجحة مئة في المئة، وخصوصاً أن نتائج الضربة لم تتضح معالمها بعد». بالنسبة إليهم «ما يحصل هو عملية كرّ وفرّ، وإن كان التحالف العربي الذي تقوده المملكة قد حقق تقدماً في الأيام الماضية، فلا ننسى أن المحور المقابل حقق انتصارات لا يمكن اغفالها، ومن الممكن أن يحرز المزيد منها في المقبل من الأيام». هذا الرأي المستقبلي، ينقل قناعة سعودية بأن «أي تفجير للوضع الأمني في لبنان، سينعكس سلباً على الفريق السني المدعوم منها في لبنان، فالجميع يعلم أن موازين القوى على الأرض اللبنانية لم تتغيّر، وحزب الله قادر على الإمساك بالبلد من جنوبه إلى شماله بساعات قليلة». لذا من غير المعقول أن «تدفع المملكة بفريقها داخل لبنان إلى الهاوية، وخيار الحوار مع الحزب هو الوحيد الذي يجنّبنا هذا الخطر»!